الأقمار الصناعية العربية وغير العربية تكاد تفيض بما فيها من قنوات مملوكة لسعوديين . هذه القنوات تتفاوت في محتواها وتوجهاتها ومستوى الإنتاج والمادة المقدمة فيها. بعض هذه القنوات ما يكاد يبدأ إلا ويودع جارا أذيال خيبة سوء التخطيط ودراسة الجدوى ، وبعضها يصارع الأمواج أملًا في البقاء في ظل تنافس محموم البقاء فيه للأجود. تتنوع برامج ومحتوى ما تقدمه هذه القنوات بين المنوعة ، والدراما ، والأفلام ، والأطفال ، والموسيقى ، والكوميديا ، وقلة منها تقدم المحتوى الإخباري والوثائقي. تكلفة تشغيل وإدارة أي قناة تحتاج إلى اعتمادات كبيرة ودعم متدفق دائم لضمان الاستمرار بصرف النظر عن جودة المادة المقدمة. لا أريد أن أدخل في نقاش سبق وأن طرح حول محتوى ما تبثه بعض هذه القنوات ، وإن كان لدي تحفظ عليه ، ولكنني أتساءل عن الدور الوطني والاجتماعي لهذه القنوات. بلا شك ان الكثير من القنوات التي يملكها سعوديون تحظى بجماهيرية كبيرة في المتابعة والتفاعل ليس داخل المملكة فحسب وإنما يتجاوز مدى الانتشار والمتابعة الحدود الوطنية إلى العالمية. القنوات الرسمية ، وإن كانت ملزمة بالوفاء بما هو مطلوب منها من مهام وطنية واجتماعية في كل ما تقوله وتعرضه ، إلا أن ذلك لا يفي بكل الاحتياجات في وقت يتوزع فيه اهتمام ومتابعة المتلقي بين أكثر من وسيلة. المملكة مستهدفة من أعداء كثيرين ومن دول وأحزاب وتكتلات دينية وسياسية وهذا بطبيعة الحال يستوجب استشعار المسؤولية الوطنية بكل قوتها وأبعادها ، ويستدعي أيضا الإسهام الفعلي بالمشاركة في تصحيح أي مفاهيم خاطئة عن المملكة أو شعبها. هذه ليست دعوى لتغيير كامل في الهيكلة البرامجية للقنوات التي يملكها سعوديون وتحويلها إلى قنوات إخبارية أو وثائقية وإنما هي دعوة للمساهمة في إطار تخصص كل قناة بأن لا تغفل الحس الوطني وهذا يستلزم بطبيعة الحال تطعيم هياكل القنوات مهما كان تخصصها بجرعات لمواد تذكي الحس الوطني، وترد على رسائل وحملات التشكيك التي قد تصدر من الأعداء الظاهرين أو المختفين . نريد كل من أدار جهاز التحكم على قناة يملكها سعوديون أن يشعر بوحدة التوجه وقوة الدافع في سبيل الوطن وقضاياه ومواقفه. كلنا يعلم أن هناك قنوات إخبارية تقوم بدور كبير وفاعل في تغطية الحدث وتقديم التحليل والرد على المغرض ولكن هذا كله لا يكفي في ظل زخم كبير من الأعداء والمشككين الذين يستخدمون كل وسيلة ممكنة للنيل من المملكة وإلصاق التهم بها. المشاركة في حمل المسؤولية تجاه الوطن والمواطن لها من الطرق والوسائل الشيء الكثير ؛ فرجل الدولة يمكن أن يساهم بتصريح أو إيضاح لمعلومة خاطئة ، والوسيلة الإعلامية أمامها هي الأخرى كم هائل من الخيارات تستطيع بواسطته إيصال المعلومة وإقناع المتلقي بصحتها وربط المواطن بتراثه وتاريخ وطنه. أعداد كبيرة من المقيمين في بلادنا وأعداد أكبر من مواطني الدول العربية الأخرى دائما يتحدثون عن القنوات التي يملكها سعوديون على أنها جزء من هذه البلاد ، وعلى ان كل ما يعرض فيها جزء من تراثنا وقناعاتنا ، وفي حالة عدم الرضا عن المادة المعروضة ينصب جام الغضب علينا وينظر إلى الإعلام السعودي على أنه السبب في فساد الأخلاق أو ضياع الهوية الوطنية. من هنا تأتي المناشدة في أن نوسع دائرة التقييم والمحاسبة أمام كل ما يعرض ويكتب في وسائل إعلام سعودية كي يكون مرآة صادقة تعكس واقع ما نؤمن به وندافع عنه.