اختتم مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني مساء أمس الخميس أعمال اللقاء الوطني التاسع للحوار الفكري «الإعلام السعودي.. الواقع وسبل التطوير: المنطلقات والأدوار الآفاق المستقبلية» والذي عقد في مدينة حائل، خلال يومين متواصلين. وعرض نائب الأمين العام الدكتور فهد السلطان في الجلسة الختامية خلاصة لنتائج حوار ومشاركات نحو 70 مشاركاً ومشاركة في اللقاء الوطني التاسع للحوار الفكري، وركزت على: * أولاً: ضرورة إعداد رؤية وطنية للإعلام السعودي تتضمن القوانين، والتشريعات المنظمة للحريات المنضبطة والمسؤولة تُراعى فيها الثوابت الشرعية والوطنية وتستوعب المستجدات وتحفظ الحريات تسهم مخرجاتها في صياغة ميثاق شرف إعلامي من خلال تشكيل فريق عمل من المشاركين والمشاركات والجهات ذات العلاقة وبتنسيق من مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني تعمل على تحديد المبادئ الأساسية التي ينبغي إدراجها في هذا الميثاق وبما يعزز الوحدة الوطنية والأمن الفكري لأفراد المجتمع ويسهم في المحافظة على السلم الاجتماعي وبناء الوطن والمحافظة على مكتسباته. * ثانيا: تكمن قوة الإعلام الجديد في تنوعه وحريته وتعدد وسائله، وهذا يتطلب مضاعفة الجهد من أجل توجيه هذا الإعلام لخدمة الوطن، والاهتمام بقضايا الشباب وتطلعاتهم وهمومهم ورؤيتهم المستقبلية والانفتاح على الآخر دون أن يكون هناك تجاوز للثوابت الدينية، والوطنية. * ثالثاً: أهمية أن تُبنى العلاقة بين الإعلام والمؤسسات الحكومية على الثقة والمصداقية، ولابد أن تكون هذه العلاقة تكاملية مما يتوجب على المؤسسات الحكومية توفير المعلومات الصحيحة، والكاملة لوسائل الإعلام، مع أهمية تجاوب جميع القطاعات الحكومية مع وسائل الإعلام وبما تحقق المصلحة العامة. * رابعاً: إعادة النظر في نظام المطبوعات الحالي، وتطويره بما يتواكب مع المتغيرات السريعة على الصعيد الإعلامي والثقافي، وتعزيز هامش الحرية في الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، والعمل على فصل الثقافة عن الإعلام، والسعي إلى خصخصة قطاعي التلفزة والإذاعة لتوفير فرص أفضل للتطوير والتحديث. * خامساً: يريد المجتمع من الإعلام مكافحة التعصب الفئوي والمناطقي والمذهبي، وأن يهتم الإعلام بالقضايا الوطنية مع التركيز على التعايش والمواطنة وحماية العقيدة وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص. * سادساً: دعوة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني إلى الاستمرار في عقد اللقاءات الخاصة بتطوير السياسات الإعلامية، وإلى تنظيم لقاءات لتعزيز اللحمة الوطنية، وبقاء القواسم المشتركة بما يدعم الاستقرار والتنمية في المملكة. * سابعاً: يتطلع المشاركون لمستقبل مضيء وفاعل لإعلامنا السعودي، ويؤكدون على أن من أهم سبل تحقيق هذا المستقبل امتلاكه المصداقية والنقد النزيه، واحترام المتلقى، واحترافية الأداء، ووضوح حدود الحرية الإعلامية، وامتلاكه خطة إستراتيجية ذات مسارات تنفيذية عملية. اللقاء الختامي للقاء الوطني التاسع للحوار الوطني التاسع. وقد تضمن اللقاء الختامي للقاء الوطني التاسع للحوار الفكري إقامة عدد من الجلسات: * الجلسة الأولى: المحور الأول: (الحرية والمسؤولية في الإعلام السعودي): وطرح هذا المحاور عددًا من المتطلبات الإعلامية، ومنها: حاجة الإعلام إلى وثيقة وطنية تراعي الثوابت المقدسة والثوابت الوطنية، وأن الحرية تقتضي أن يكون الإعلام سلطة رابعة تراعي المصداقية والمهنية ومصلحة الوطن ولا تعني إرضاء المسؤولين على حساب هموم المواطن، وإعادة النظر في نظام المطبوعات، والإشارة إلى أن مراقبة مشاركات الأفراد في الإنترنت تُشكل عائقاً أمام انطلاقة الإعلام الإلكتروني، وأن المملكة العربية السعودية تُصنف في قائمة «أعداء الإنترنت» لأنها تسعى للتضييق على الفضاء الإلكتروني فينبغي دراسة الإيجابيات والسلبيات في ذلك، والتأكيد على أن سياسة الحجب والمراقبة لم تعد مجدية والبديل هو تدعيم ثقافة الحرية المقترنة بالمسؤولية، مع ضرورة اهتمام وزارة الثقافة والإعلام بالطرح الإعلامي والقنوات الفضائية التي تخالف الشريعة الإسلامية وتُدار بأموال سعودية، وأن غياب الإعلام عن معالجة بعض القضايا الوطنية كالفقر وغيره وتناول وسائل إعلامية خارجية له أمر يستدعي العلاج، وإعطاء فئة الشباب الحرية الكاملة في إبداء الرأي بعد تعليمه النقد وفق ضوابط شرعية تطبيقاً وليس تنظيراً، والعمل على رفع مستوى الحرية الصحفية لتجاوز المرتبة المتدينة على مستوى العالم في مجال الحرية الصحفية، وأهمية التركيز من قبل وزارة الإعلام على شريحة الشباب والالتزام بصوت الضمير الواعي، والعمل على تأسيس لوائح وأنظمة للنشر والمطبوعات تحقق الحرية كقيمة وتحفظها كحق للمرسل والمتلقي، وضرورة الفصل بين الثقافة والإعلام حتى لا يكون الإعلام وصياً على الثقافة، والإشارة إلى أن الحرية الإعلامية في المملكة لا تتناسب مع مكانتها الدولية وذلك في حجب بعض المدونات والمواقع الإلكترونية، والعمل على وضع استراتيجية وطنية لتطوير الإعلام السعودي وتحديد الحرية. الجاسر: موضوع اللقاء دليل وعي المركز واهتمامه قال نائب وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر: إن اختيار مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني لموضوع (الإعلام السعودي: الواقع وسبل التطوير) دليل على وعي المركز واهتمامه بهذا الموضوع، فالمملكة ممثلة في وزارة الثقافة والإعلام هي وراء غالبية الوثائق التي أُقرت على مستوى الخليج والمجتمع العربي والإسلامي، كما قدمت أوراق عمل شرفية لمهنة الإعلام، واللجنة الاستشارية في الإعلام هي لجنة مشكلة من قبل وزير الإعلام تضم مستشارين شرعيين وقانونيين لا سلطة للإعلام عليهم مع إمكانية التظلم في حين حدوث خلل في حكم اللجنة، وقد تم تحديث خمس مواد في نظام المطبوعات والنشر قبل أسبوعين وأدخل نظام النشر الالكتروني، والاعتراف بالقصور في تأهيل الإعلاميين السعوديين مع السعى لتأهيل كوادر جديدة في القنوات الإعلامية، والتواصل مع ملاك القنوات السعودية محقق ويُلزم بكل الثوابت الدينية والوطنية. * الجلسة الثانية: المحور الثاني: (العلاقة بين الإعلام والقطاعات الحكومية.. أسلوب النقد لها والتجاوب معها): العلاقة بين الإعلام والقطاعات الحكومية غير واضحة فكلا الطرفين غير راضٍ عن الآخر، واقتراح إنشاء جهة مستقلة مسؤولة عن تنظيم العلاقة بين جهات الإعلام القطاعات الحكومية، واستنكار صمت وزارة الثقافة والإعلام على تجاوز حدود الحرية الإعلامية ومس الثوابت والجهات والأشخاص لأغراض شخصية بعيداً عن المصداقية والنزاهة، وضرورة تفعيل القرار الملكي لإنشاء هيئة مكافحة الفساد وقد نص القرار على توفير قنوات اتصال مع المواطنين والإعلام هو المسؤول عن توفير تلك القنوات، وأن الفصل في القضايا الإعلامية يجب أن يكون من قبل جهات قضائية منفصلة عن الإعلام حتى لا تكون الوزارة هي الخصم والحكم، وضرورة إنشاء أكاديمية متخصصة في إعداد الإعلاميين، وضرورة إنشاء لجان تحوي خبراء في مكافحة الزندقة والإلحاد، والتنويه بأن الأمر الملكي بضرورة رد الأجهزة الحكومية على ما يكتب في الصحف سيحقق إيجابية ومصداقية العلاقة بين الجهات الحكومية والإعلام، وضرورة التعاطي الإيجابي مع الإعلام، وأن تدني مستوى أجور الإعلاميين يزيد من نقص الكفاءة المهنية والفكرية كما لها تأثير على مظهر الإعلاميين، وأن الصحافة السعودية «رأس مالية صحفية» مما يجعل جهات حكومية تمارس ضغوطاً مباشرة وغير مباشرة فيغيب نقدها صحفياً، وضرورة إعطاء الفرصة للشباب للتحدث عن فكرهم وآرائهم وطموحاتهم، وضرورة التعاون مع الأدباء السعوديين بما يتناسب مع ثقافة الطفل السعودي. وقد أكد نائب وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد الله الجاسر بأنه ليس هناك عداء بين الإعلام والجهات الحكومية بل اختلاف في وجهات النظر. واشار إلى أن الأجهزة الحكومية لا تمانع من النقد ولكن بعض النقد يقوم على معلومات خاطئة وبالتالي لا تنشر الصحيفة تصحيح لهذه المعلومة. * الجلسة الثالثة: المحور الثالث: (مسؤولية الإعلام الجديد في معالجة القضايا الوطنية): المقصرون هم الذين يخافون من الإعلام الجديد فالإعلام الجديد نبض المواطن الذي من حقه أن يعبّر عن رأيه بمشاعر صادقة، والإعلام الجديد كشف الهوة الكبيرة بين المجتمع ووزارة الثقافة والإعلام، وأن غلبة الإعلام الجديد على الإعلام التقليدي لكونه يعمل في مناخ حر ومستقل وتعدد أطروحاته وكثرة المشاركين فيه، وأن المتسترون في تويتر يحلون لأنفسهم الشتم والقذف والإساءة للمقدسات الدينية لذا فليحتملوا النقد، ودعوة وزارة الإعلام لبث خطاب تربوي يوجه الجميع للأدبيات الإعلامية ومسؤوليات الاستخدام، والإشارة إلى أن خطورة الانفتاح الإعلامي الجديد تتطلب تعزيز الجانب التوعوي بين فئات الشباب في المجتمع، وضرورة وجود جهات رقابية في مختلف المجالات. الوزير: الإعلام الجديد وضع الرسمي في مأزق وقال وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة: إن المجتمع السعودي مولع بالإنترنت على حساب الإعلام الرسمي وغلبة الإعلام الجديد وضعت الإعلام الرسمي في مأزق المنافسة، وأن التحدي الكبير أمام الإعلام السعودي الرسمي يتجاوز تعدد القنوات الفضائية إلى الفضاء الإلكتروني غير المحدود، وإن الإعلام الجديد سيصبح بعد فترة قصيرة قديماً نظراً للتطور السريع فالإعلام المعاصر يفرض وجوده في عالمنا اليوم، وأتفق مع من قال بأنه سيتم القضاء على احتكار الإعلام على المؤسسات والدول حيث أن لكل شخص قدرة على تمرير أي معلومة بدون حواجز، وأن الإعلام الجديد شبابي بمعنى الكلمة ينطلق من الشباب ويتوجه إليهم والشباب لا يتعاطون مع الإعلام الحكومي بفاعلية، وليس لأحد مقدرة على السيطرة على الوسائل الحديثة والشباب هم الشريحة الأكثر تفاعلاً مع الإعلام الجديد وحسب الإحصائيات فإن 51% من السعوديين يصلون إلى المواقع الالكترونية عبر أجهزتهم المحمولة. * الجلسة الرابعة: المحور الرابع: (ماذا يريد المجتمع من وزارة الثقافة والإعلام): المجتمع يأمل من الإعلام الاهتمام بفئات (الأطفال- الشباب- المرأة) اهتماماً يطور الفكر والثقافة واللغة بصورة تناسب ثقافة العصر، وضرورة إبراز الثقات من العلماء والأدباء والدعاة الناصحين في وسائل الإعلام وتقديم الأولويات فيها بأمانة، وإن صلاح وسائل الإعلام التقليدي والإعلام الحديث لا يكون إلا من خلال واقع صالح فهي صدى لواقعنا، والعمل على إعداد برنامج يحوي منظومة من القيم يُقدم للشباب ليقضي على الخوف من الإعلام الجديد، وأن مسمى وزارة الثقافة والإعلام يُلزمها بالمحافظة على قداسة هوية المجتمع ويستلزم عدم تهميش هذه الهوية وطريقة الإعلام عنها، وأهمية تنظيم المهرجانات الثقافية في المملكة تحت مظلة واحدة تكفل الخروج بتصور واضح عن الأهداف والمخرجات، وتطوير الأيام الثقافية التي تنفذها الوزارة خارج المملكة وإتاحة الفرصة لكافة المثقفين والإعلاميين الالتحاق بالوفد الرسمي دون التركيز على أشخاص بعينهم، وتطوير البرامج الإعلامية التي تواكب حاجة المجتمع وقضاياه الملحة ودعمها مالياً بما يتناسب مع أهميتها. وقد علق وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة بقوله: رسالة الإعلام السعودي رسالة عالمية يتطلع لها العالم الإسلامي بأسره وليس الدولة فقط مما يضاعف المسؤولية على وزارة الثقافة والإعلام، وأن المجتمع السعودي مجتمع متعدد الثقافات تجمعه وحدة وطنية ودينية يجب المحافظة عليها مع اختلاف مذاهبنا وأطيافنا. واشار إلى أن إيجاد قنوات رياضية يهدف إلى استقطاب الشباب عن متابعة القنوات الأخرى ومخاطبتهم بما يستهويهم ويجذبهم من شؤون الرياضة، وإن إطلاق قناة متخصصة للشباب هو أمر استراتيجي لابد أن يُنطلق منه برؤية واضحة يشارك فيها علماء الدين والمثقفون منوهًا بأنه بتوفيق الله وتسديده ثم توجيه خادم الحرمين الشريفين وراءالنجاح الكبير لقناتي «القرآن والسنة». ولفت إلى أن الوزارة تتدخل عندما تتلقى شكوى رسمية من أشخاص يتعرضون لهجوم شخصي ومن حق كل فرد المطالبة بحقه والابتعاد عن التجريح للآخرين. منوهًا بأن الإعلام السعودي الرسمي بصورته الحالية يعاني من تحفظ المجتمع على دوره، ويُتهم بعدم المصداقية التامة والشفافية في الطرح (فهل نحن بحاجة إلى مفهوم آخر لوزارة الإعلام).