اصبحت مدينة سرت التي كان معمر القذافي يحلم بتحويلها الى عاصمة للولايات المتحدة الافريقية، مدينة مدمرة يسيطر عليها المتمردون الذين وصفهم "بالجرذان". وبعد شهر من المعارك بين آخر انصار الزعيم الليبي الفار وقوات المجلس الانتقالي، بدت شوارع المدينة وقد تناثرت فيها هياكل سيارات متفحمة وفي كل بناية فيها اثر للقصف ومعارك الشوارع. ويقول لطفي الامين المقاتل التابع للمجلس القادم من مصراتة انه زار مرارا سرت في السابق غير انه اليوم لا يكاد يتعرف على المدينة الساحلية التي كانت مزدهرة ويقطنها سبعون الف نسمة. ويضيف الامين (37 عاما) وهو موظف في البريد ان "كل شيء دمر" خلال المعارك مع آخر جيوب المقاومة التابعة لانصار القذافي، مؤكدا "لكنها غلطتهم، لو انهم استسلموا، لم نكن لنضطر لفعل ذلك". وكانت مدينة مصراتة التي تقع على بعد 250 كلم شمال غربي سرت، تعرضت لدمار في الربيع الماضي بسبب معارك وحصار استمر شهرين حين حاولت قوات القذافي اخراج الثوار الذين سيطروا على المدينة. غير ان مصراتة صمدت رغم المعارك التي خلفت نحو 1400 قتيل بين السكان وساهم مقاتلو المدينة بعد ذلك في السيطرة على العاصمة طرابلس ثم توجهوا الى سرت. والاربعاء تمكنوا من التواصل مع المقاتلين القادمين من بنغازي (شرق) وحاصروا سرت من الجهات الاربع واطلقوا النار في الهواء ابتهاجا بنصرهم الوشيك. وهم لا يخفون من فوق سياراتهم (البيك اب) المجهزة برشاشات ثقيلة ومدافع مضادة للطيران، فخرهم بعد المعارك التي خلفت مئة قتيل ومئات الجرحى بين رفاقهم في اقل من اسبوع. وشوهدت بعض الاعلام الخضراء للنظام السابق ترفرف فوق بعض الاسطح غير انه يتم سريعا ازالتها بعلم الاستقلال رمز النظام الجديد. ويتقدم مقاتلو المجلس الانتقالي من منزل الى منزل بحثا عن انصار القذافي واسلحة ويخرجون في بعض الاحيان وبايديهم اغراض مسروقة، في حين غادر موكب من سيارات "مصادرة" مدينة معمر القذافي التي كان يريدها نموذجا "لثورته". وحال توليه السلطة في 1969 كثف القذافي سرت القرية الوادعة الساحلية التي ولد غير بعيد منها، مشاريع الاشغال العامة فيها بغرض بناء مدينة ترمز الى سلطته. وفي سرت كان القذافي استقبل قادة القارة الافريقية لانشاء الاتحاد الافريقي الذي كان يعتبره خطوة لاقامة الولاياتالمتحدة الافريقية وعاصمتها سرت. وفي قلب هذا المشروع يقف مركز المؤتمرات "واغادوغو" الضخم والفخم والذي يحمل اليوم آثار المعارك الضارية بين الطرفين. وقد تم تفجير كافة فتحاته الزجاجية والتوى سقفه المعدني من شدة القصف في حين تم الدوس على صور القذافي وشعارات تمجد الوحدة الافريقية. وطال الدمار كل شيء في المدينة من قصر القذافي الذي سوي بالارض بفعل غارات الحلف الاطلسي حتى الطريق السريع المحاذي للبحر الذي تتناثر فيه انقاض البنايات المدمرة بفعل القصف المدفعي. واكد لطفي الامين "لم نفعل ذلك انتقاما. كنا فقط نريد توقيفهم وان نعيش احرارا".