يواصل المقاتلون الموالون للزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي مقاومتهم الشرسة في مسقط رأسه سرت (360 كلم من طرابلس) ضد هجوم قوات المجلس الوطني الانتقالي التي باتت تحاصرهم في وسط المدينة في مساحة لا تزيد عن بضعة كيلومترات مربعة. وأعلن مسؤول كبير في البنتاغون ان قيادة الحلف الاطلسي تعتبر ان القذافي فقد السيطرة على القوات الموالية له وعلى وشك الانهزام في مسقط رأسه سرت. وقال هذا المسؤول في تصريح صحافي : إن ضباطا في الحلف الاطلسي ابلغوا وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا بهذه المعلومات خلال اجتماع جمع الطرفين في نابولي الجمعة، مضيفا ان القذافي «لم يعد له فعليا أي سيطرة على القوات العسكرية الموالية له». واعتبر هذا المصدر أن مصير معركة سرت سيحدد بشكل كبير مستقبل الهجمات الجوية التي يقوم بها الحلف الاطلسي، مؤكدا ان «المجلس الوطني الانتقالي قادر على السيطرة على كامل البلاد الا انه لا يزال بحاجة الى تحسين قدراته التنظيمية». ولكن بعدما شنوا ما اطلقوا عليه «الهجوم النهائي» على سرت تحت غطاء مدفعي وصاروخي كثيف، كان مقاتلو المجلس الانتقالي لا يزالون حتى ليل الجمعة السبت يواجهون مقاومة شرسة حول مركز واغادوغو للمؤتمرات. وقال القيادي في المجلس الانتقالي ناصر ابو زيان: «نحن نحاصرهم في وسط المدينة في منطقة لا تزيد مساحتها عن بضعة كيلومترات مربعة». ودارت ايضا معارك شرسة حول وداخل جامعة سرت الواقعة وسط المدينة وفي الحي الموريتاني، كما افاد مراسل «فرانس برس». وتحت غطاء مدفعي وصاروخي كثيف حاول المئات من مقاتلي المجلس الانتقالي دخول سرت بشاحناتهم الصغيرة المحملة بمضادات ارض-جو ومدافع رشاشة. ولكن ومع تقدم مقاتلي المجلس الانتقالي في احياء المدينة امطرتهم كتائب القذافي بوابل من قذائف الهاون ونيران المدافع الرشاشة ورصاص القناصة ما اوقف زخم الهجوم ولكن من دون ان يمنع المهاجمين من السيطرة على مجمع سكني ضخم يضم حوالى 700 وحدة سكنية غرب وسط المدينة. وشاهد مراسلو وكالة «فرانس برس» اعمدة من الدخان الاسود ترتفع في سماء المدينة في انحاء عدة، في حين كان مركز واغادوغو يتعرض لوابل من قذائف المدفعية من عيار 106 ملم ومضادات الطائرات. وقال المقاتل في قوات المجلس الانتقالي براك ابو حجر انه شارك في معركة مركز واغادوغو واخرج منها رفيقا له اصيب بجروح. واضاف :»إنهم يطلقون النار من كل مكان، يطلقون قذائف «ار بي جي» (القذائف الصاروخية المضادة للدروع) وكميات كبيرة من الرصاص. قيل لنا انه الهجوم النهائي». وقال مقاتل آخر يدعى فيصل عسكر: «لقد دخلنا مجمع واغادوغو ولكننا اضطررنا للتراجع بسبب قذائف الار بي جي ورصاص القناصة. ليس لدينا غطاء هناك». وفي الاثناء، كانت طائرات حلف شمال الاطلسي تحلق في سماء المنطقة، ولكن من دون ان ترد انباء عن قيامها بأي قصف. من جهته، اعلن المجلس العسكري لمدينة مصراتة التابع للمجلس الانتقالي ان ما لا يقل عن 12 مقاتليه قتلوا في المعركة اضافة الى 193 آخرين اصيبوا بجروح، في حين افاد مراسل «فرانس برس» ان سيارات الاسعاف كانت تنقل جرحى المعركة الى مستشفى ميداني اقيم قرب سرت بمعدل سيارة كل دقيقتين. وقال المسؤول في المستشفى الميداني احمد محمد ابو عود ان اربع سيارات اسعاف دمرت بنيران قوات القذافي وان اثنين من المسعفين اصيبا بجروح. ولم ترد اي انباء عن حصيلة القتلى والجرحى في الجبهة الشرقية لهذه المدينة المتوسطية الواقعة على بعد 360 كلم شرق طرابلس. وليل الجمعة السبت اعلن وزير الدفاع الليبي جلال الدغيلي في ختام لقاء مع نظيريه الايطالي والبريطاني ليام فوكس واينياتسيو لاروسا ان «نهاية الحرب في ليبيا باتت قريبة». وقال في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الايطالي لا روسا «لقد حقق المقاتلون الليبيون انتصارات عدة في شرق وجنوب وغرب البلاد»، مضيفا «لا تزال هناك جيوب مقاومة الا ان هذا الامر لن يطول». وتتركز المعارك حاليا بين قوات المجلس الوطني الانتقالي وكتائب القذافي بشكل خاص في مدينتي سرت وبني وليد (170 كلم جنوب شرق طرابلس) بعدما سقطت طرابلس في ايدي مقاتلي المجلس الانتقالي في 23 آب/اغسطس وفر منها العقيد القذافي الى جهة مجهولة. اما في جبهة بني وليد، فقد اطبق مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي الجمعة حصارهم على المدينة، وارسلوا وفد وساطة للتفاوض مع قبائلها لاقناع قوات القذافي بتسليمها في غضون يومين تحت طائلة هجوم عسكري «قريب جدا»، كما افاد قادة ميدانيون. وقال القائد الميداني في قوات المجلس الانتقالي عمر فيفاو: «نحن حاصرنا مدينة بني وليد من الجهة الجنوبية في منطقة تنتي، التي هي آخر نقطة قبل مدينة بني وليد والتي تسيطر عليها كتائب (القذافي) وتمركزنا بكافة الاسلحة الثقيلة والخفيفة».