يبدو أن مخاوف المصانع الأوروبية والأمريكية المنتجة للستايرين بدأت تتزايد في ظل النمو المتسارع للمصانع المماثلة في أسيا والشرق الأوسط التي أعلنت أعلى درجات التحدي بطاقاتها المتزايدة من خلال المصانع الجديدة التي دشنت إنتاجها خلال عام 2011 أو التي في طور التشييد والتوسع، الأمر الذي أقلق المصنعين الأوروبيين الذين بدأت صناعاتهم في الانكماش جراء الطفرة الهائلة التي تشهدها مصانع آسيا والشرق الأوسط في الوقت الذي تراجع حجم طلب الستايرين في الأسواق الأوروبية خلال شهر سبتمبر الماضي. ودفعت تلك المخاوف العديد من المصانع الأوروبية والأمريكية لتكوين تحالفات واندماجات فيما بينها لمواجهة تلك المنافسة الشرسة الناشئة من اسيا والشرق الأوسط وذلك بعد أن شرعت شركة داو كيميكل الأمريكية لبيع قطاع الستايرين التابع لها لمجموعة باين كابيتال وذلك كجزء من إستراتيجية أوسع للتركيز على المنتجات والمواد ذات الهوامش المرتفعة. وكذلك الحال لقرار اندماج أعمال الستايرين لشركة باسف الألمانية مع شركة إينيوس السويسرية كنتيجة نهائية للإستراتيجية التي اتبعتها الشركتان لتقليل الاعتماد على إنتاج الكيماويات الأساسية والتحول للتركيز على المنتجات المتخصصة التي لا تنتج بشكل تنافسي في اسيا والشرق الأوسط. وتشمل أعمال الستايرين المنتجات التحويلية ومنها البولي ستايرين والأكريلونيتريل بوتادين ساتيرين وغيرها من بوليمرات الستايرين التي شهد تسويقها تراجعاً عن ذي قبل في الأسواق الأوروبية خلال العام الجاري 2011. وتستهدف الشركات الأوروبية من قرار الاندماج تعزيز موقفها التنافسي أمام الشركات الأصغر حجماً وتقليل نفقات الإنتاج مع خفض التكاليف بشكل عام وتحسين الكفاءة وتقليل المخاطر وتحقيق بيئة عمل مستدامة تنافسية قادرة على تلبية احتياجات السوق المتباينة على المدى الطويل وبشكل سريع. وقد يتطلب الأمر إغلاق بعض المصانع وتقليل العمليات الإنتاجية وذلك من أجل الصمود أمام التيارات التي بدأت تجرف الأسواق الأوروبية والتي أسهمت في ركود نمو الطلب بشكل حاد مقارنة بالنمو الحاصل لقطاع الستايرين الأسيوي المدعم بتوقعات ضخ طاقات إضافية في الأسواق الصينية العام المقبل. وتشير التوقعات إلى ان الاندماجات الجديدة تؤلف طرقا مبتكرة للنمو لمواجهة التحديات التي تعاني منها السوق الأوروبية أمام نظيراتها الاسيوية والشرق أوسطية من خلال تحسين الكفاءة الاقتصادية، في وقت بدأ قطاع صناعة التعبئة الاعتماد على منتج البولي ايثيلين تيريفثاليت بدلاً من البولي ستايرين والذي يحظى بمزايا خفة الوزن بنسبة 30٪ وسهولة المعالجة. وأعطت أسواق البولي ستايرين الأوروبية هذا الصيف دلالة واضحة على ضرورة إغلاق العديد من المصانع نتيجة للعرض المفرط من الأسواق الاسيوية لعدة أشهر مضت وبشكل لا يحتمل معززة بانخفاض الأسعار مقارنة بالأسعار السائدة في أوروبا والتي أجبرت الموردين الأوروبيين على خفض أسعارهم وبالتالي تشديد الضغط على الأسواق الأوروبية والمنتجين. في حين أن المنتجين لم يكن باستطاعتهم مقاومة الضغوط للتخفيف من تأثير تقلبات أسعار الستايرين ومشتقاته التي غدت غير مربحة في أوروبا وقد أسهم إغلاق عدد من مصانع الستايرين مؤخراً نتيجة لقوة المنافسة من آسيا والشرق الأوسط في جعل الكثير يتساءلون عما يخبئه المستقبل من ناحية كيفية عمل تلك الشركات الأوروبية على مواجهة هذه التحديات الجديدة والزخم الهائل المفرط من القوة الإنتاجية المتنامية المدعمة بانخفاض تكاليف الإنتاج التي تشكل أهم المزايا لإثبات الوجود والصمود في صناعة البتروكيماويات بشكل عام والستايرين بشكل خاص. وعلى النقيض من ذلك تشهد الأسواق السعودية انتعاشاً كبيراً وثابتاً في حجم الطلب على الستايرين ومشتقاته نتيجة لقلة العرض ومحدودية المصانع المنتجة حيث لا يتواجد بالجبيل الصناعية سوى مصنعين لإنتاج الستايرين والبولي ستايرين بطاقة تزيد عن 1,200 مليون طن متري سنوياً تضطلع بإمداد مئات المصانع التحويلية للبلاستيك بالمملكة حيث يمثل البولي ستايرين المادة الخام الرئيسة في صناعة قائمة عريضة من المنتجات المختلفة تشمل مواد حفظ الأدوية والأطعمة والأغذية والمشروبات الباردة وصناديق الحلويات وحفظ الفواكه والخضروات والأسماك وعبوات مشتقات الألبان والعصائر والحليب والتمور وأكياس تعبئة المنتجات الزراعية كالدقيق والشعير إضافة إلى أنابيب مياه الشرب ولعب الأطفال والتغليف والعوازل والأثاث وغيرها. في الوقت الذي تتسارع خطوات البناء والتشييد لمجمع جديد تابع لشركة شيفرون بالجبيل والذي سوف يضيف توسعات ضخمة وبطاقة إنتاجية تبلغ نحو 4 ملايين طن وبحجم استثمار يقدر ب 19.5 مليار ريال ومن المخطط بدء إنتاجها أواخر العام الجاري 2011م.