بدأت حظوظ المنتجين للبولي ستايرين في الأسواق الأوروبية في التحسن بشكل كبير جداً مع بداية العام الميلادي 2008م بعد أن شهدت نوعاً من الانتعاش خلال العام الماضي 2007م وذلك بعد سنوات عجاف ماضية أرغمت العديد من الصناعات التي كانت قد منيت بخسائر على خفض طاقاتهم الإنتاجية وإغلاق صناعاتهم وذلك نتيجة للوفورات الكبيرة التي شاهدتها القارة الأوروبية مع قلة الطلب وارتفاع قيم الخام مما ساهم في إضعاف هوامش الربح وبالتالي التأثير والضغط على المنتجين الذين بادر بعضهم بخفض معدلات التشغيل فيما لجأ آخرون لقرار الوقف الكلي للإنتاج خلال الأعوام الماضية. ولاحظت "الرياض" اجتهادات العديد من المنتجين الأوروبيين للبولي ستايرين لتعويض خسائرهم عن السنين الماضية التي شهدت تقلبات كبرى في اقتصاديات المنتج الذي تأثرت أوضاعه نتيجة ارتفاع أسعار الستايرين والذي كانت فد قلت ربحيته بعد تطاير أسعار البنزين خلال العامين الماضيين مما وضع المنتجين أمام تحديات لا تطاق. وتابعت "الرياض" ردود الأفعال لأحد أبرز المنتجين في أوروبا الذي ربط بين ربحية البولي ستايرين وبين ارتفاع تكاليف المواد الخام التي أثرت على أوضاع السوق في الوقت الذي تأثرت فيه هوامش الستايرين مما اضطر إلى قرار وقف إنتاج الوحدة التصنيعية حيث لم يكن هناك أي خيارات أخرى في ذلك الوقت العصيب. وكان من ضمن أبرز المنتجين الأوروبيين الذين تأثرت صناعاتهم خلال أعوام 2005و 2006شركة داو التي كانت قد أرغمت لإحالة مصنعها في المملكة المتحدة للصيانة متأثرة بتدهور أوضاع البولي ستايرين وطاقته 60ألف طن سنوياً وتلاها لجوء شركة توتال في فرنسا لإغلاق مصنعها وطاقته 40ألف طن وكذلك شركة نوفا التي أغلقت مصنعها في المملكة المتحدة البالغة طاقته 180ألف طن فضلا عن إغلاق مصنعين لشركة باسف أحدها في أسبانيا وطاقته 70ألف طن والأخر في المملكة المتحدة وطاقته 30ألف طن سنوياً. وكانت تلك القرارات القاسية نتيجة عدم الربحية في صناعة البولي ستايرين في أوروبا في تلك الأوقات. إلا أن الأوضاع سرعان ما اختلفت بداية 2007م حيث تبدل حظوظ المنتجين للبولي ستايرين في أوروبا بشكل إيجابي نتيجة لقوة الطلب والتي أثرت بشدة على المشترين الذين كانوا قد استغلوا تدهور اقتصاديات المنتج لسنين عديدة مما دفع بعضهم في التفكير والبحث عن بدائل والتحول للاعتماد على البولي بروبلين الذي شهدت أسعاره استقراراً إلا أن تلك الأماني قد تلاشت كون الفارق السعري ليس كبيراً فضلاً عن أفضلية البولي ستايرين وفاعلية استخداماته في صناعة تغليف الأطعمة. وقد تطايرت أسعار البولي ستايرين منتصف 2007م إلى (1200) يورو ما يعادل (1780) دولاراً بالتسليم المجاني تخليص شمال غرب أوروبا. وعلى الرغم من اقتناع بعض المنتجين بالتحسن الكبير الذي طرأ في الهوامش وما صحبه من تحقيق أرقام قياسية في الأسعار إلا أن بعضهم يرى بأنه على الرغم من تحسن الهوامش إلا أنها لم تصل للمستويات المطلوبة التي يمكن أن تعوض فترات الصراع التي شهدتها صناعة البولي ستايرين التي عانت لسنوات طويلة مضت. وهذا قد دفع شركة باسف لاتخاذ قرار التخلص من جزء من أعمال الستايرين والبولي ستايرين وإعلان بيعها أواسط 2007م في محاولة للوصول للمستويات الربحية المعتدلة التي تطمح لها الشركة وذلك على الرغم من تحسن الهوامش. ويتفق معظم الصناعيين بأن حظوظ المنتجين الأوروبيين للبولي ستايرين قد تحسنت ألا أن الأمر يتطلب المزيد من العمل لتحقيق المزيد من الهوامش. وشهد مطلع 2008م أكبر القفزات في أسعار البولي ستايرين في أوروبا وكذلك آسيا حيث هرع المنتجون لرفع الأسعار وقد تراوحت عروض قدمها أحد الموزعين مابين (2040- 2050) دولاراً للطن تخليص غرب أوروبا لشهر فبراير الحالي فيما قدم موزع أخر عروض بمبلغ (2100) دولار للطن تخليص اسطنبول. وفي روسيا قدمت عروض بمبلغ (1960-1970) دولاراً للطن ومبلغ (1980-2000) دولار للطن في تركيا ومبلغ (2120) دولاراً للطن تخليص أزمير. وعزيت الأسباب نتيجة لعدم توقعات حدوث أي انخفاض في أسعار المواد اللقيم والخام خلال الفترة القريبة القادمة. وقدمت عروض للبولي ستايرين التايواني بمبلغ (1745) دولاراً للطن تخليص القاهرة وبلغت عروض السنغافوري (1712) دولاراً للطن وقدمت عروض في الشرق الأوسط بمبلغ (1753) دولاراً للطن. وتأتي هذه التطورات الإيجابية في اقتصاديات البولي ستايرين بعد أن أكدت نتائج الأبحاث العلمية التي أجريت بالولايات المتحدةالأمريكية وأوروبا واليابان حول الاستخدامات الآمنة لمنتج البولي ستايرين في تطبيقات تعبئة وحفظ الأطعمة، بخلوه من أي أضرار وأكدت إمكانية تناول الأطعمة والمشروبات الساخنة أو الباردة المقدمة في حاويات أو أوانٍ أو أكواب مصنوعة من هذه المادة الأمر الذي أدى إلى تصاعد استخدام هذه المادة عالمياً لتحظى بقبول واسع باعتبارها من أفضل المواد المستخدمة في هذا المجال وذلك طوال العقود الماضية مما ينفي المحاذير غير العلمية التي أشيعت التي تحذر من آثار ضارة بالصحة قد تنجم عن استخدام الأكواب المصنوعة من مادة البولي ستايرين. وتنتج السعودية طاقات جيدة من البولي ستايرين ويتمركز أحد أكبر المجمعات بالجبيل الصناعية بطاقة 180ألف طن متري سنوياً ويتم تسويقه محلياً بنسبة 45% وللأسواق الخليجية بنسبة 13% وللأسواق العالمية الأخرى بنسبة 42% ويستخدم المنتج في صناعية قائمة عريضة من المنتجات المختلفة حيث يدخل في صناعة الأثاث ولعب الأطفال والتعبئة والتغليف والعوازل في الوقت الذي تلتزم الصناعة السعودية بتطبيق مواصفات الصحة والسلامة العالمية خاصة وأن المواد الداخلة في تصنيع مادة البولي ستايرين مطابقة لتلك المواصفات إضافة إلى أن مواد البولي ستايرين المنتجة بالسعودية التي تتزعمها سابك تخضع لسلسلة من اختبارات الجودة للتأكد من مطابقتها لمواصفات سابك والتي تعتبر من أعلى المواصفات التي تأخذ في الحسبان الصحة والسلامة بالنسبة للمنتجات المستخدمة في تغليف وحفظ الأغذية. وينتج أحد أكبر المجمعات الصناعية بمدينة الجبيل الصناعية نوعين من البولي ستايرين للاستخدام في عدة تطبيقات صناعية، منها تغليف وحفظ الأطعمة، النوع الأول هو (البولي ستايرين الصلد) ويشمل تشكيلة منتجات تغليف وحفظ الأطعمة المصنوعة منه أكواب المشروبات الباردة وحاويات الأطعمة وصناديق الحلويات وعبوات مشتقات الألبان وغيرها. أما النوع الآخر فهو (البولي ستايرين القابل للتمدد) ويستخدم في صناعة صناديق حفظ الفواكه والخضروات وحاويات حفظ الأسماك وغيرها. وتزخر مجمعات السعودية الصناعية بالمختبرات ومعامل الجودة النوعية التي تحقق أعلى درجات الجودة للمنتجات ومطابقتها للمقاييس العالمية لضمان سلامتها وتوافر مختلف الاشتراطات الصحية. ويضطلع مجمع (سابك) الصناعي للبحث والتطوير ومراكز الشركة التقنية المنتشرة حول العالم بدور كبير في هذا المجال. وقد حصلت المنتجات السعودية من مختلف أصناف البولي ستايرين على الشهادات والاعتمادات التي تؤهلها للاستخدام في تطبيقات تغليف وحفظ الأطعمة اتفاقاً مع أنظمة وقواعد المفوضية الأوروبية، وإدارة الأطعمة والعقاقير بالولايات المتحدةالأمريكية وغيرهما من الهيئات المعنية التي تجري مراجعات دورية صارمة للتأكد من جودة المنتجات ومطابقتها للمواصفات لتحقق الاستخدام الآمن دونما أية أضرار صحية. والبولي ستايرين يستخدم عازلاً حرارياً متميزاً ومرناً مع تأثيرات معظم الكيماويات مما يجعله مثالياً للاستخدام في صناعات الإنشاءات والطاقة والاتصالات. كما تشمل التطبيقات المنزلية مواد عديدة مثل الأواني البلاستيكية، والأكواب، ومجففات الشعر، وهياكل الأجهزة الكهربائية مثل التلفاز، واللعب. كما يستخدم البولي ستايرين في صناعة الرغوة للمنتجات قليلة الكلفة التي يمكن التخلص منها بعد الاستخدام مثل أكواب شرب المياه، والتعبئة والتغليف، ويتزايد تعديل البولي ستايرين بالمطاط لإنتاج مواد شديدة التحمل. ويشاع استخدام البولي ستايرين في تصنيع ألعاب الأطفال بشكل رائج جداً من مختلف الأحجام حيث تحتل سلامة الأطفال الذين يتعاملون مع الألعاب اهتماماً رئيسياً لدى مصنعيها ويتطلب الاختيار الجيد لنوعية البلاستيك الصحيح لصناعة لعب الأطفال استخدام تقنية تجمع بين المتعة والقيم الأخلاقية وتتوفر اليوم أنواع مختلفة من البلاستيك لدى مصممي ومصنعي لعب الأطفال حيث يتوجب على الفني القيام باستخدام معايير محددة قبل اختياره للنوع المناسب من البلاستيك ويكمن التحدي هنا في التأكد من سلامة الطفل وصنع العاب تحقق سعراً منافساً في السوق. ويعتبر البولي ستايرين من أفضل أنواع البلاستيك متعدد الاستعمالات ويتم تصنيعه وفق تقنيات عالية تناسب صناعة الأطفال بشكل أمن وذلك بطرق التشكيل بالحقن أو التشكيل الحراري ومن مزاياه سهولة تصنيعه وتعديله على الليونة المطلوبة والصلابة عن طريق خلطه مع مواد أخرى ومن مزايا أيضاَ إمكانية إعادة تدويره بشكل لا يسبب أي أضرار بيئية. ويشار إلى ان السعودية تسعى للحصول على حصة أكبر من السوق العالمية للبلاستيك والتي تقدر بأكثر من 40مليار دولار، وذلك نظرا لما تملكه المملكة من مزايا نسبية في هذا القطاع الذي من أبرز منتجاته الستايرين والبولي ستايرين في الوقت الذي تنامت فيه القدرات الإنتاجية في السعودية بتدشين إنتاج توسعات ضخمة في عدة مصانع إضافة إلى أقرار تشييد مصانع جديدة عملاقة للستايرين وأبرزها مشروع شركة الجبيل شيفرون فيليبس المملوكة لشركة شيفرون فليبس السعودية للبتروكيماويات بالجبيل الصناعية والتي تضخ (4.5) مليارات ريال لإقامة مشروع الستايرين بطاقة (715.000) إضافة الى انتاج البروبلين بطاقة 140ألف طن والجازولين بطاقة 300ألف طن حيث قطعت خطوات متقدمة جداً في أعمال الإنشاءات والتشييد فيما تتهيأ حالياً لضخ إنتاجها. وقد تمكنت الشركة من عقد اتفاقيات الارتباط مع أحدى الشركات العالمية الرائدة لشراء 40% من إنتاج المشروع الجديد من مادة الستايرين اعتباراً من تاريخ التشغيل ولمدة عشر سنوات.