الورم الحليمي البشري أو كما يسمى بالعربية الثآليل أو عرف الديك وهي زوائد نسيجية وبروزات غير منتظمة تشبه الى حد بعيد عرف الديك، تنشأ في المناطق التناسلية لدى الرجل والمرأة ويعتبر هذا المرض من الامراض التناسلية الشديدة العدوى ويسببه فيروس زهري صغير الحجم لا يمكن فصله أو زرعه في المختبر الا بوسائل صعبة ومعقدة، وقد اصبحنا نشاهد هذه الحالات للاسف خلال السنوات القليلة الماضية لدى بعض السيدات، ويوجد اكثر من 100 نوع من هذا الفيروس فمنها الفيروسات التي تسبب الثآليل التناسلية ومنها ما تسبب تغيرات في انسجة عنق الرحم وتعرف بالآفات النسيجية ما قبل السرطانية والتي تنقسم الى ثلاث درجات حيث يتطور المرض تدريجياً من الدرجة الاولى الى الثانية ومن ثم الثالثة التي تعتبر اكثر خطورة وهي تماماً ما قبل تطور الحالة الى سرطان عنق الرحم. صحيح أن هذا الطيف التدريجي من التغيرات قد يستغرق عدة سنوات قد تصل الى العشر سنوات من بداية المرض حتى يتحول الى سرطان وذلك ان لم تتم معالجته في المراحل الاولى من المرض، واجراء مسحة عنق الرحم الدورية ضمن برنامج الاستقصاء المبكر لسرطان عنق الرحم هو الانجح حيث ان هذا الاستقصاء المبكر فعال جداً وقليل التكلفة وغير جراحي، وقد تناقصت حالات سرطان عنق الرحم وكذلك الوفيات من هذا المرض في معظم الدول المتقدمة والتي وفرت برامج الاستقصاء المبكر لسرطان عنق الرحم بشكل اساسي وشامل، وتحتاج بعض الدول لنشر الوعي والتثقيف بهذا المرض والكشف المبكر للحد من ازدياد المرض. وحدوث الثآليل المهبلية لا يقل اهمية عن الآفات النسيجية ما قبل السرطانية، والثآليل هي كناية عن اورام صغيرة وزوائد نسيجية مغطاة بحليمات متناهية الصغر تشبه عرف الديك أو نبات القرنبيط (ثمرة الزهرة) لونها وردي غامق تظهر على جلد الشفرين ومدخل المهبل ومنطقة الفرج والشرج وحول فوهة عنق الرحم وعلى جدران المهبل، اما عند الرجل فتظهر على جلدة القضيب والحشفة وفوهة الاحليل وجلدة الخصية، ويسبب الورم الحليمي إزعاجاً متزايداً وحكة متواصلة تزيد خلال الليل واوجاعاً خلال الممارسة الجنسية ويسبب تخريشها وحكها بقوة نزفاً دموياً، وتزداد الثآليل بشكل كبير اثناء الحمل، وتزداد أيضاً كلما تناقصت مناعة الجسم، وقد تختفي الثآليل تلقائياً دون علاج ولكن ما تلبث وان تعود، وفي بعض الحالات تكون الثآليل شديدة جداً تغطي منطقة الفرج بالكامل وتسد قناة المهبل وبالتالي تمنع الولادة المهبلية، كما انها قد تنقل العدوى للجهاز التنفسي للطفل اثناء الولادة، وتتم معالجة الثآليل المهبلية باستخدام بعض العلاجات الكيمياوية مثل البيدوفلين وكريمات الفلورويورسيل واثناء الحمل تعالج بواسطة الليزر. وفي الآونة الأخيرة ظهر لقاح فيروس الورم الحليمي البشري وهو لقاح يقي من الإصابة بأنواع معينة من فيروس الورم الحليمي البشري Human papillomavirus (HPV) المرتبط بالاصابة بسرطان عنق الرحم، والثآليل التناسلية، وبعض أنواع السرطان الأقل شيوعا. ويوجد نوعان من لقاحات فيروس الورم الحليمي حاليا في السوق: جارداسيل Gardasil وسيرفاريكس Cervarix، وكلا اللقاحين يؤمن حماية ضد اثنين من أكثر أنواع فيروس الورم الحليمي البشري شيوعا (فيروس الورم الحليمي البشري 18 وفيروس الورم الحليمي البشري 16) التي يمكن ان تسبب سرطان عنق الرحم، وبعض أنواع السرطان الأخرى في الأعضاء التناسلية، وبالاضافة فإن جارداسيل يحمي أيضا ضد اثنين من أنواع فيروس الورم الحليمي البشري الذي يسبب الثآليل التناسلية بالإضافة إلى سرطان عنق الرحم. وعلى الرغم من أن معظم النساء المصابات بفيروس الورم الحليمي البشري التناسلي لن يعانين من مضاعفات الا ان هناك ما يقدر ب 470،000 حالة جديدة من سرطان عنق الرحم تؤدي إلى 233،000 حالة وفاة سنويا يتم تسجيلها عالميا يشتبه بأن أغلبها ناتج عن مضاعفات التهاب الفيروس الحليمي، ومن المعروف أن فيروس الورم الحليمي البشري هو أيضا السبب في عسر عنق الرحم وهي عبارة عن تغيرات في الخلايا الظهارية المبطنة لعنق الرحم وتعتبر مقدمة لسرطان عنق الرحم، وعلاجها مؤلم وباهض التكاليف، وليس من المعروف كم من النساء في جميع أنحاء العالم يعانين من هذه الحالة. ويوصي مسؤولو الصحة العامة في استراليا وكندا وأوروبا والولاياتالمتحدة باستخدام اللقاح لكل النساء الشابات للوقاية من سرطان عنق الرحم وثآليل الأعضاء التناسلية، وذلك لأن فيروس الورم الحليمي البشري هو من أكثر انواع الفيروسات المنقولة جنسيا في البالغين. ولتوضيح حجم المشكلة، فإن الدراسات أكدت أن أكثر من 80٪ من النساء الامريكيات على سبيل المثال قد حصلت على العدوى بواحد من سلالة فيروس الورم الحليمي البشري على الاقل قبل سن الخمسين. وبعد استخدام أكثر من 23 مليون جرعة لقاح الجارداسل في الولاياتالامريكيةالمتحدة تبين أن الاعراض الجانبية للتطعيم قليلة وأن ثلاثة وتسعين في المئة منها تعتبر غير خطيرة (مثل الاغماء، وألم وتورم في مكان الحقن (الذراع) والصداع والغثيان والحمى)، وسبعة في المئة تعتبر خطيرة نسبيا لكن لم يتم ربطها بشكل مباشر باللقاح. كلا اللقاحين جارداسيل وسيرفاريكس أظهرا فعالية بما يقرب من 100٪ في منع تطور سرطان عنق الرحم لسلالات فيروس الورم الحليمي البشري المستهدفة. يجب التأكيد بأن اللقاحين جارداسيل وسيرفاريكس لقاحات وقائية وليس لعلاج عدوى فيروس الورم الحليمي البشري أو سرطان عنق الرحم. وأنها أوصيت حاليا للنساء اللاتي هن من 9 إلى 25 سنة اللاتي لم يتعرضن لفيروس الورم الحليمي البشري. ومع ذلك، نظرا لأنه من غير المرجح أن امرأة تعرضت لجميع الفيروسات الأربعة، فان التوصيات الحديثة هي لإعطاء كلا التطعيمين للنساء المتزوجات حتى عمر 45 سنة. ومع أنه لم يتم الترخيص لاعطاء اللقاحات للحوامل الا أن النتائج المبدئية للدراسات ذات الصلة لا توحي بأي تأثيرات على صحة الأم أو الجنين كما لا يوجد ما يشير لأي تأثير على الخصوبة عند النساء اللاتي تم تطعيمهن. أخيرا فإن الشركات المصنعة للقاحات تجري دراسات متقدمة لتمكين الذكور أيضا من الاستفادة من التطعيم حماية لهم من أورام الجهاز التناسلي وتقليل فرص نقل العدوى للنساء المعرضات وتم بالفعل الترخيص باستخدام الجارداسل في الولاياتالمتحدة لهذه الغاية. * قسم طب أمراض وأورام النساء