على الرغم من أن التقرير الذي رفعته هيئة التحقيق والإدعاء لمجلس الشورى، والذي تضمن ازدياد عدد القضايا الأخلاقية في المجتمع في الآونة الأخيرة، لم يرق للمجلس الذي رأى بعض أعضائه أنه تقرير لا يعكس الصورة الحقيقية لمفهوم القضايا الأخلاقية، فمجتمعنا مجتمع مثالي في أغلبه، داعين إلى ضرورة إعادة النظر في الدراسة من جديد، متوقعين أن يتم شطب (60%) من الأرقام الكبيرة التي تضمنها التقرير، إلاّ أن تلك الرؤية والتشكيك بتفاقم القضايا الأخلاقية لا ينفي أهمية النظر في الأحكام الصادرة في تلك القضايا، والتي تتسم بالتفاوت في إطلاق الحكم، فما يُحكم في قضية أخلاقية في محكمة ما، قد لا يُحكم بذات الحكم في نفس القضية في محكمة أخرى، فهل يقودنا ذلك للتوصل إلى حقيقة وجود تفاوت في الحكم في القضايا الأخلاقية؟. يبدو أن عدم وجود نظام محدد في القضايا الأخلاقية بذكر تفاصيل كل حالة إن كانت تدخل في التحرش الجنسي أو مجرد المعاكسات أو ربما بالإيذاء اللفظي أو الاعتداء الجسدي، خلق ذلك التفاوت في الأحكام الصادرة، فلا يوجد نص محدد في ذلك الشأن، فالأنظمة جميعها تبحث في القضايا الأخلاقية، فهل يعني ذلك أنها تُعد جزءاً من القضايا المتعلقة بجرائم التعزيرات، وهي الجرائم التي لا تدخل ضمن جرائم الحدود أو القصاص، وهي من النوع غير المقنن بأنظمة، بل تترك لحسب من يحكم فيها، فهو من يرى ويحدد نوع العقوبة. وتنص المادة الرابعة من نظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - وهي الجهة الأولى في ضبط القضايا الأخلاقية - بالتالي: "يحق للرئيس العام للهيئة أن يشكل من بين أعضاء الهيئة ومن المحققين الشرعيين في لجان تتولى النظر في: التحقيق في القضايا والمخالفات المحرمة الخاصة بالقضايا التي ستحال للمحاكم الشرعية، كذلك القضايا الأخلاقية وقضايا التهم وتحديد نوع العقوبة وهي: التعهد والتوبيخ والتأديب بالجلد بحد أعلى خمسة عشر سوطاً، أو عقوبة الحبس لمدة أقصاها ثلاث أيام، ويتولى المشرفون في المناطق في مراكز التأديب بما تضمنت عليه فقرة ب بعد موافقة الأمير على الجلد أو الحبس أو إحالتها للقضاء فإن حكم فيها القاضي أعيدت للهيئة للتنفيذ"، فهل تستلزم منا القضايا الأخلاقية والتي قد يصل البعض منها إلى انتهاك حرمة العرض، أن تحدد بنظام واضح حتى يحكم بنوع عقوبة الجاني في القضايا الأخلاقية، بدلاً من الاعتماد على الاجتهادات الشخصية؟.