احتاج الصيني مينغ كوانغ تشين الذي يعمل في مجال توصيل الطلبات بأحد المطاعم هو نفسه الى التخليص والتوصيل الى المستشفى بعد ان تعطل المصعد في ناطحة سحاب بمدينة نيويوركالأمريكية. وقد تعين على تشين الانتظار لمدة 80 ساعة بتمامها وكمالها دون ان يتذوق قطعة خبز او شربة ماء قبل ان يتم انقاذه اخيراً. وكانت محنة هذا الرجل قد بدأت عقب توصيله طلباً الى احد رجال الشرطة بالطابق ال 55 في شقته بأبراج تراسي في برونكس ليلة الجمعة الماضية. وفي طريقه خارج المبنى مستخدماً المصعد الذي لم يتوقف بين الطابقين الثاني والعشرين والحادي والعشرين تعطل بين الطابق الرابع والخامس وتوقف تماماً في مكان تحيط به صبة خرسانية مسلحة من كل جانب. يقول تشين انه كان يصرخ بأعلى صوته ويخبط على الابواب بكل قوته ويضغط جرس الانذار ويستخدم جهاز الاتصال الداخلي «الانتركوم» ولكن لا حياة لمن تنادي. ويضيف تشين الذي استعان بمترجم لعدم اتقانه الانجليزية «لقد شرعت في الضغط على جرس الانذار لتنبيه رجال الأمن وكنت اقول «عطلان.. عطلان» بأعلى صوتي ولكنهم لايفقهون قولي». ولما تأخر تشين في العودة الى مطعم هابي دراغون حيث يعمل سارع مسؤولو المطعم الى استدعاء الشرطة. فقام رجال الشرطة بالبحث الدقيق في كل الاماكن المحتملة لوجود تشين وفي حسبانهم ان تشين (32 عاماً) يقيم بصورة غير نظامية في الولاياتالمتحدة وقد يكون تعرض للسرقة او الاختطاف بواسطة المهربين الذين وعد تشين بإعطائهم 50 الف دولار على اقساط لاحضاره الى امريكا قبل عامين. واستعانت الشرطة بالكلاب البوليسية للبحث داخل جميع شقق الابراج العالية والبالغ عددها 1671 شقة. وتم فحص المصاعد وكاميرات الفيديو الخاصة بجوف المصاعد بل وامتعة المستأجرين بحثاً عن اوصاله ولكن لم يحالفهم التوفيق او يهديهم تفكيرهم ابداً للبحث في المصعد المعطل نفسه. ويقول احد ضباط الشرطة «كنا على يقين من اننا بحثنا جميع شاشات مراقبة المصاعد بكل دقة». والاعجب من ذلك كله ان تشين يصر انه كان حريصاً على البقاء ضمن حدود آلة تصوير الدائرة التلفازية المغلقة حتى يراه المسؤولون عن مراقبة شاشات المصاعد. ولكن... لماذا لم يره احد؟ ولماذا لم يبلغ رجال الأمن عن صيحات استغاثته اليائسة المتكررة عبر جهاز الاتصال الداخلي «الانتركوم»؟ فقد ظل التجاوب معه لغزاً محيراً وسراً غامضاً حتى هذه اللحظة. اما عامل توصيل الطلبات الذي كاد يقضي فرقاً فقد بقي هادئاً متماسكاً يحاول ان يسلي نفسه بتذكر زوجته وولده البالغ من عمره 10 أعوام المقيمين بعيداً عنه في الصين ويقول عنهما «ظننت كل الظن ان عيني لن تقع مرة اخرى عليهما في الحياة الدنيا». اخيراً.. وبعد انتظار استمر ثلاثة ايام ونصف اليوم وفي احد صباحات الثلاثاء.. سمع بعض رجال الأمن المسؤولين عن المبنى جرس الانذار فاستدعوا رجال الدفاع المدني الذين تمكنوا من فتح باب المصعد بالقوة عند الساعة السادسة وخمس دقائق صباحاً ليعثروا على تشين قابعاً داخل المصعد وقد اعياه الجوع والعطش وطول الانتظار. يقول عنه الملازم بيتر تشادويك «لم يكن تشين قادراً على الوقوف على قدميه ولما اعطاه أحد الحاضرين زجاجة كبيرة معبأة بالماء افرغها تشين في جوفه في لمح البصر. ولما سألناه كم بقي هناك رفع لنا اربعة اصابع من يده اليمنى». «ولكننا لم نفهم انه يقصد اربع ساعات ام اربعة ايام. غير اننا فهمنا قصده فقط من كمية الماء التي افرغها في جوفه في لحظات وكان من الصعب علينا وصف مشاعره في تلك اللحظة». وقد تملكت المحققين الحيرة والارتياب في أمر تشين لعدم عثورهم على بول داخل المصعد. ولكن تشين شرح لهم «انه كان يتبول عبر فتحة باب المصعد حتى لاتؤذيه رائحة بوله، أو لعل أحدهم يشتم الرائحة فيبحث عن مصدرها فيعثر علي». وقد تم علاج تشين مما كان يعانيه من فقدان السوائل بالمستشفى وقدم له طبق معبأ بأرز «كيسبيز» وغادر المستشفى وهو في حالة صحية طيبة ولكنه كان غضبان نوعاً ما.