شرقنا الأوسط، أو الآسيوي والأفريقي.. لندعه جانباً ونتأمل أوضاع عالمنا العربي.. لن أحتاج إلى أي برهنة كي أوضح أنه يتجه إلى الخلف علمياً واقتصادياً باستثناء المملكة، التي هي متميزة بشواهد الابتعاث والجامعات وتنوّعات التطور العلمية والاقتصادية.. هذا العالم العربي مرّت به انتكاسات صراع دينية محضة وقاسية.. في المملكة نعرف جيداً كيف امتد التطرف الديني الذي لم نكن نعرفه في عهد الملك فيصل وما قبله إلا أن ظاهرة جهيمان ثم نظام القاعدة فتحت فرصاً دموية غير مشروعة.. أقف هنا أمام حقيقة أن ما كنا نواجهه، ولا نزال، هو ظاهرتا التطرف السني سواء بفكر جهيمان أو بفكر القاعدة، وكلاهما خارج مشروعية الإسلام.. بل من اللافت للانتباه أنه لم يكن هناك انتماء شيعي لنظام القاعدة من أي دولة إسلامية.. إذاً نحن أمام ظاهرة غريبة سوف نتجاوزها دون شك كما تجاوزنا خطورة انتشار نظام القاعدة واستهدافه لمجتمعنا أكثر من أي مجتمع إسلامي أو غير إسلامي آخر.. ثم نحن في المجتمع العربي المتميز بترابط وحدته الاجتماعية؛ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كفاءة القدرات الأمنية التي أخمدت من هم أكثر خطراً ممّن غُرّر بهم في العوامية.. هذه الظاهرة هي محاولة تحريك وجود صراع شيعي سني في مجتمعنا، وهذا ما لن يكون إطلاقاً، والشواهد على الأقل تتضح فيما نشرته «الرياض» على مدى ثلاثة أيام من تصريحات وآراء شيعية، وليس هذا فقط بل ليس في ذاكرتنا وجود أي ماضٍ مزعج.. لكننا - وهذا ما يجب أن يعيه الجميع - نعايش واقع استهداف متعدّد الاتجاهات لمواقع الأمن في العالم العربي وبالذات في بلادنا.. أولاً لإقلاق المجتمع الخليجي من ناحية، وثانياً يأتي الحدث أشبه ما يكون برسالة دعم لسوريا، وما كانت هذه التدخلات معروفة من قبل لولا تغيّر النظام الحاكم في إيران، حيث قبله لم يكن هناك أي تقارب بين شيعة عرب وشيعة إيرانيين، بل بالعكس كان هناك رفض متبادل خصوصاً فيما يتوهم به الإيرانيون سابقاً من تميّز لهم عن البدو العرب.. إيران المعاصرة تحلم بالعودة إلى دولة فارس ما قبل الإسلام.. وهي في الحقيقة لم تحرك أي وجود شيعي في المملكة ولكنها أغرت استجابات محدودة بذات إيحاءات نظام القاعدة.. اقتل ثم تموت شهيداً.. الرائع أن الأكثرية الساحقة، عدداً وامتداداً، ليست مع أي تطرّف شرقاً كان أو وسطاً أو جنوباً فالجميع مع الرجل الذي لم يتكرر في عالمنا العربي.. عبدالله بن عبدالعزيز.. رجل لم يفرض احترامه بسطوة قوته؛ ولكنه احتفى بمسار الجميع معه لمواصلة إنجازات العلوم والاقتصاد والوعي في ظل وجود تنوير إسلامي معتدل..