دعا الشيخ محمد الحاج حسن رئيس التيار الشيعي الحر إلى انصهار الجميع تحت عنوان إسلامي وحدوي يمكن أن نكون سدا» منيعا» في مواجهة الغزو الإيراني للوطن العربي ووقف مفاعيل الاستغلال لأي فئة واستخدامها وقودا» للمشروع السياسي الفارسي الّذي يقضي بإضعاف الموقف العربي وتركيعه وقيام الإمبراطورية الفارسية . وأضاف في حوار مع «اليوم»: إن الوضع في لبنان بات معقدا» بعد أن وقع رهينة حزب الله ورهينة السلاح المنتشر في كافة المناطق حيث لم يعد فريق من قوى 8 آذار إلا وحصّن نفسه بالسلاح الميليشيوي الذي يستخدم في فرض أمر واقع وانتزاع المكاسب السياسية. - زرتم المملكة مؤخرا بدعوة من خادم الحرمين الشريفين كيف كانت هذه الزيارة؟ * الزيارة كانت بدعوة من صاحب السمو الملكي الأمير متعب لحضور الجنادرية برعاية خادم الحرمين الشريفين أعزه الله وكانت مناسبة للتلاقي والتأكيد على أن المملكة منفتحة على كل أطياف المجتمع العربي وهي معقل الحوار السامي ، وكانت زيارة هامة حيث استطعنا أن نأخذ فكرة حقيقية عن واقع المملكة وعلاقتها مع سائر الأطياف ، ولمسنا كل الحب للبنان وشعبه وهي الزيارة التي يجب أن تستتبع بلقاءات مع القيادة السعودية للاستماع إلى الصوت الشيعي العربي وسبل احتضانهم في أوطانهم كي لا يكونوا ضحية الصراع مع النظام الإيراني . إيران تعتقد أن كسر قوة المملكة هو الانتصار الفعلي لها في المنطقة العربية وهي تدفع بالفتنة المذهبية يلاقيها فيه بعض القنوات المذهبية الموتورة من سنة وشيعة لأن اندلاع الفتنة المذهبية هو المدخل الآمن للحضور الإيراني الذي سيرفع فورا «عنوان الدفاع عن الشيعة في المنطقة وهذا مغاير للواقع لأن إيران لا تهتم بالشيعة كأبناء طائفة وعقيدة بل تستغلهم لمكاسب خاصة .
- كيف نستطيع من وجهة نظركم تفعيل التقارب السني الشيعي لاسيما أن الطرفين يشكلان النسيج العربي في العديد من الدول العربية حتى يتم تفويت الفرصة لإيران المتربصة بنا وعلى جميع الجبهات؟ * لا بد وأن تتلاقى قوى وفعاليات الاعتدال في العالم الإسلامي لترسيخ قواعد الوحدة والابتعاد بل طي صفحات الاختلاف بين الفئات المسلمة على قاعدة الاحترام المتبادل ونبذ كل أشكال التكفير والانفعالات المذهبية والتحريضات البغيضة التي تمزق جسد الأمة ، وأعتقد أن السنة والشيعة يمكن أن يكونوا عاملا» واحدا» في خدمة الإسلام عندما يعرفون لمصلحة من الاختلاف فيما بينهم؟ وأن يعرفوا أنهما جناحا هذا الوطن العربي وبوحدتهم وبذل جهود الطيبين نحو انصهار الجميع تحت عنوان إسلامي وحدوي يمكن أن نكون سدا» منيعا» في مواجهة الغزو الإيراني للوطن العربي ووقف مفاعيل الاستغلال لأي فئة واستخدامها وقودا» للمشروع السياسي الفارسي الّذي يقضي بإضعاف الموقف العربي وتركيعه وقيام الإمبراطورية الفارسية . -تهديد إيران المستمر للمملكة والذي يتزايد بشكل مستمر كيف يمكن قراءته؟ - إيران تعتقد أن كسر قوة المملكة هو الانتصار الفعلي لها في المنطقة العربية وهي تدفع بالفتنة المذهبية يلاقيها فيه بعض القنوات المذهبية الموتورة من سنة وشيعة لأن اندلاع الفتنة المذهبية هو المدخل الآمن للحضور الإيراني الذي سيرفع فورا « عنوان الدفاع عن الشيعة في المنطقة وهذا مغاير للواقع لأن إيران لا تهتم بالشيعة كأبناء طائفة وعقيدة بل تستغلهم لمكاسب خاصة ، والدليل الحسي والواقعي هو القمع والإجرام بحق الأحوازيين العرب حيث لا تمييز بين سني وشيعي بل العقاب على قوميتهم العربية وانتمائهم القومي وبالتالي هي تعتبر أن انكسار المملكة سيفتح سبل الهيمنة والإطباق على معظم العالم العربي إن لم يكن كله وهي تستخدم فئات ومجموعات متعددة لاستخدامهم في الوقت المناسب ، وعلى المملكة أن تحرص على استقطاب الشيعة العرب وتفتح لهم سبل التعبير عن رأيهم لمواجهة هذا الخطر لأن التباطؤ في مواجهة هذا المشروع قد لا ينفع مع تسارع التطورات في المنطقة وهناك رهان على دخول إيران للمملكة البحرينية والسيطرة السياسية على مصر واليمن والبحرين والأردن لمحاصرة المملكة . - أعرف أن لديكم مشروعا يدفع باتجاه التقارب السني الشيعي إلى أين وصل ذلك المشروع؟ - في الحقيقة ومن خلال تمثيلي لمنظمة إيمان لحوار الأديان والحضارات في الشرق الأوسط والتي يرأسها السيد ريبال الأسد في لندن نسعى باستمرار لفتح قنوات الحوار والتلاقي مع كل شرائح المجتمع الإنساني ، لأن الحراك الإسلامي المنسجم مع الإنسانية الشاملة والقائم على المحبة والتسامح هو السبيل الوحيد لمواجهة التطرف والكراهية والتعصب ، وقد قطعنا شوطا» هاما» وهناك الكثير من المرجعيات الروحية الإسلامية والمسيحية أبدت استعدادها لتبني مسودة تتضمن سلسلة مواثيق تحجب خرق جدار التكافل والتضامن والوحدة ، ولكن لا بد ومن تفعيل هذه الخطوات لا سيما في مرحلة بدأت ترتفع فيها خطابات التحريض وبرامج الفتنة ونحن لا نتبنى أو نوافق على أي دعوة فيها إثارة للفتنة أو للاقتتال أو للكراهية والأحقاد ، ونأمل أن تفتح لنا كل أبواب القيادات المعتدلة للاستماع إلى وجهة نظرنا علها تكون نافعة وهي كذلك إن شاء الله ، ونحن نسعى ونتمنى أن يكون هناك وسيلة إعلامية مشتركة بين السنة والشيعة المعتدلين لا للمناظرات التي تفرق وتمزق بل لمعالجة قضايانا السياسية والعربية والاجتماعية ، لأنني لا أعتقد أننا بحاجة إلى مناظرات عقيمة تكفيرية وتضليلية ، وعندما تؤسس هكذا وسيلة نطلق بها عنوان التلاقي الجامع بين المسلمين فسينطلق الحراك الإسلامي العقلاني المعتدل وهناك الكثير من يتلاقون مع دعوتنا ، ونحيي بهذه المناسبة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حامل راية الحوار البنّاء آملين أن تتلاقى دعوته مع كل الصادقين ونبحر في فضاء العالم نرسم صورة الإسلام المعتدل ونتحدى الإرهاب والتطرف والتعصب الّذي يشوه صورة الإسلام . ونحن كما كانت لدينا الجرأة على نقد ثقافة التكفير كانت لدينا الجرأة لنقول: إن المغالاة والتعصب المسيء هو جهل وضلال فحب أهل البيت عليهم السلام أو الصحابة رضوان الله عليهم أو السيدة عائشة رضي الله عنها لا يكون بالشتائم والسباب وتكفير الآخر كما تفعل بعض قنوات التخريف والهبل من سنة وشيعة ، بل علينا أن نسلك ما سلكه السلف الصالح أخلاقيا» واجتماعيا» ليتكامل مع الدين المحمدي الأصيل ، ونحن داخل منظمة إيمان نحاور كل الناس المتدينين والعلمانيين والحوار على قاعدة تعالوا إلى كلمة سواء نتلاقى بها لا أن يدعي كل منا أنه على صواب بل نجير طاقاتنا جميعا» وخلقياتنا لصناعة مجتمع راق . - لديكم أكثر من زيارة وتحرك خلال الأيام القادمة في سبيل الدفع باتجاه مشروعكم كيف تحدثونا عن هذا التحرك؟ - الشهر المقبل هناك جولة عربية لقيادات في منظمة إيمان وبمشاركة التيار الشيعي الحر ونواب أوروبيين وبريطانيين وغيرهم ولا بد من أن يسير قطار الخير على سكة الوحدة والتضامن ، ونحن نعمل كفريق عمل متكامل ولنا مقر في بيروت بالإضافة إلى المقر المركزي في لندن وتمثيل في عدد من الدول الأوروبية . - كيف هي علاقة التيار بالسنة في لبنان وماهي الآلية التي تجمعكما سويا؟ - علاقة التيار منذ البداية مع إخواننا السنة في لبنان قائمة على المحبة والاحترام المتبادل وتربطنا بسماحة مفتي الجمهورية وكافة المفتين السنة علاقة وطيدة والكل يعتبر أن مسلك التلاقي هو الحل والتناحر قد يدمر كل أسس العلاقة بين الطرفين وما يجمعنا هو الإيمان بالله والإسلام المحمدي الأصيل ومشروع الدولة التي نتمناها لتكون دولة المواطن والعدالة والمؤسسات لا دويلات الظلم والترهيب والتشبيح والعصابات والمعسكرات ، ونحن نتفاعل مع كل من يؤمن بلغة الحوار والتباعد عن التناحر الكريه والتعصب الجاهل ولذا نجد أنفسنا منصهرين مع السنة المعتدلين لنكون يدا واحدة في بناء الوطن . - ماهي رؤيتكم للأوضاع المتداعية التي تشهدها المنطقة العربية سواء كان ذلك في سوريا أو في ليبيا أو اليمن؟ - أعتقد أن الصحوة الشعبية لا بد من احتضانها والاستفادة منها وعدم تفريغها من مضمونها الحقيقي بدخول عوامل استغلالية تدفع بها نحو الانحراف وتحولها إلى نقمة على الحاكم والمحكوم معا ، فمواجهة الشعب بآلات القتل والتدمير وسفك الدم يؤدي إلى مزيد من التوتر والغضب الشعبي ، ولا بد للأنظمة الديكتاتورية أن تنتهي ويمنح الشعب حريته ، لأن الحاكم العربي بحاجة إلى ديناميكية معينة ليتفهم مطالب الشعب ويترك له خيار صورة الحكم ، ومن غير الجائز أن تبقى أنظمة قمعية قائمة على استخدام كل وسائل العنف ، مع رفضنا لدخول عوامل دخيلة متطرفة إرهابية تمتطي ظهور الشعب وتحرق طهارته وصدقه ، وأعتقد أن الأمور في الوطن العربي متجهة إلى مزيد من التصادم وأخشى من اندلاع حروب أهلية تترابط بعضها ببعض وتحرق المنطقة لا سيما إذا استمرت دعوات الانتقام المذهبي لا سيما في سوريا لأننا نعرف أن الطائفة العلوية الكريمة فيها نجباء وحكماء وعقلاء ويرفضون ممارسات النظام فلا يصح ارتفاع بعض الأصوات النشاز من معممين وسياسيين لبث دعوات البغض على قنوات فاشلة متمذهبة عن جهل ، وعلينا أن نكون صوت العقل والنور في زمن التعصف والظلمة . - هل يمكن القول إن إيران استطاعت إذابة الهوية العراقية تماما ؟ - هي تسعى لذلك من خلال بعض القيادات التي صنعتها لقيادة البلاد وعلى الشعب العراقي أن يدرك ما يحاك حوله وأن يمنعوا أي دولة ومنهم إيران من التدخل في شؤونهم الداخلية كي لا يصبحوا رهينة مطلقة في يدها ، وهي تحاول محو هويتهم العراقية العربية التي تغنى بها الشعب العراقي وافتخر بها الشعب العربي وتمكنت من تجنيد قيادات سياسية وروحية ليكونوا في خدمة مشروعها لا في خدمة وطنهم . - يقول هينري كيسنجر في مذكراته إذا إرادت دولة ما إن تسيطر على العالم العربي فلابد أن تبدأ من العراق كيف ترى هذا الأمر؟ - لأن العراق بوابة العالم العربي حضاريا» وسياسيا» وفيه الكثير من الخيرات والمقدرات التي تدفع بالطامعين لتحويله إلى مشروع هيمني ، ولكن هل سينجح هؤلاء في هيمنتهم إذا وقف الشعب موقف العز وتصدى للمؤامرة الخبيثة وكشف النقاب عن العملاء الّذين يسلمون إيران كل أوراق الداخل؟ - الكثير من الفلسطينيين ينفون تماما مساعدة إيران لهم وبشكل مطلق وإن الألة الإعلامية الإيرانية تحاول صناعة مجد على جثث وأشلاء الفلسطينيين كيف ترى ذلك؟ - إيران استطاعت أن تخلق أذرعا لها في فلسطين تحت عناوين شتى ومنها المقاومة التي لم تمارس مقاومتها بالمعنى الجهادي الفعلي وتستخدمهم عند الحاجة ليكونوا ورقة ضغط رابحة في يدها ، والمصالحة الوطنية الأخيرة في فلسطين إذا ما استكملت فعليا» فهذا يعني أن الفشل الإيراني بات ظاهرا» وأن الشعب الفلسطيني غير مستعد أن يمنحها دمه وحياته لتبني أسس أمبراطوريتها على أشلاء جثثهم ودماء أطفالهم ، وإيران لم تقاوم في فلسطين إلا عبر الإعلام وتحريك الدمى الفلسطينية وهي تمتلك القدرة الإعلامية الهائلة على قلب الحقائق وتحوير مسارها لا سيما أنها خلقت أجنحة إعلامية عسكرية في خدمة مشروعها . - الوضع في لبنان وبعد أن أصبح حزب الله صاحب القرار إلى أين يتجه لبنان؟ - الوضع في لبنان بات معقدا» بعد أن وقع لبنان رهينة حزب الله ورهينة السلاح المنتشر في كافة المناطق حيث لم يعد فريق من قوى 8 آذار إلا وحصن نفسه بالسلاح الميليشيوي الذي يستخدم في فرض أمر واقع وانتزاع المكاسب السياسية وبالتالي فبعد أن أسقط حزب الله باعتباره اللاعب الأبرز والممسك الأوحد لقرار 8 آذار حكومة الوحدة الوطنية وطعن بميثاق اتفاق الدوحة بعد اجتياح بيروت 2008 بات الوضع في لبنان متأزم وقد تشهد الأيام المقبلة الكثير من الاضطرابات لأن منطق الحكم الأحادي لا يخدم مصلحة الوطن ، ولبنان يتجه نحو التصعيد والتصادم مع المجتمع الدولي لأن الفريق الحاكم اليوم لا يمتلك خطة إصلاحية ولا همه النهوض الاقتصادي بل استولى على الحكم للإطاحة بالمحكمة الدولية وتحصين السلاح وارتهان القرار الرسمي اللبناني في يد سوريا وإيران اللتين تعيشان حالة من الاضطراب الداخلي لأن الشعب سئم القمع وتقييد الحريات ، فأي رفض من قبل الحكومة الميقاتية التي ولدت بتراء عرجاء معتوهة بشكلها ومضمونها للقرارات الدولية أو التخاذل عن التعاون مع المجتمع الدولي يعني أننا متجهون نحو سيناريوهات قاسية وقد يدفع ثمنها حتما الشعب اللبناني . وبالمناسبة فالثنائية الشيعية المستولية على القرار الشيعي السياسي والديني في لبنان مهما قدمت من تجميلات وتنازلات خبيثة للحكومة فتبقى هذه الحكومة حكومة حزب الله بامتياز وقد سبق وقلت إن حزب الله وإيران لا يهمه التجنيد الشيعي بل يجند السني والدرزي والمسيحي المهم أن يكون في خدمة مشروعه ، وبالتالي الشيعة الأحرار في لبنان دفعوا الثمن غاليا» نتيجة الهيمنة الحزبلاهية ونتيجة تخاذل قوى 14 آذار في عدم احتضانهم ، وانظر كيف تمكن حزب الله من خلق شخصيات سنية ودرزية ومسيحية ومدها بالدعم المالي والسياسي والأمني وحولها من شخصيات كرتونية نتنة إلى قيادات تفرض نفسها في أي معادلة ويوميا» تتصدر شاشات التلفزة ، بينما الشخصيات الشيعية الحرة الصادقة التي تعطي الموقف وتدفع ثمنه يحظر عليها الإطلالات الإعلامية ، وهي اليوم تحارب من كل الأطراف وهذا جزء من لعبة الصراع المذهبي ، ومع كل هذا نصر على تمسكنا بمشروع الدولة والمؤسسات لأنه لا يجوز لأي فئة أن تتمايز بمشروع خاص يكون أقوى من الدولة وهذا واجب شرعي ينبغي الالتزام به لأن مخالفة القوانين الوضعية في الدول التي نعيش بها هو محرّم شرعا» . - كيف ترى المستقبل في لبنان وكذلك في العالم العربي وإلى أين ينحو؟ - لا بدّ وأن يكون المستقبل في لبنان قائما على قيام الدولة الديمقراطية التي تحتضن كل أبناء المجتمع دون تمييز ، وأن يبقى لبنان في إطار الحاضنة العربية ، ولكن هناك صورة في الأفق توحي أن المنطقة متجهة نحو أزمة كبيرة وهناك غيوم سوداء ملبدة في سماء الوطن العربي ، وأناشد علماء الدين إلى عدم الانفعال والتسرّع في إطلاق أحكام تجر الشعوب إلى التصادم والفتنة .