لا أطيق منهج تقسيم المسلمين إلى معسكرين متناحرين أحدهما سني والآخر شيعي لإيماني بأن أعداء الإسلام وفي طليعتهم إسرائيل يهيئون الأجواء لصراعات دموية بين الطائفتين الرئيسيتين في العالم الإسلامي لاستثمار نتائج هذه الصراعات من أجل فرض هيمنتهم الكاملة على العالم الإسلامي، ولكن الأمر الذي يصعب تجاهله أن السياسة الإيرانية تعمل منذ سنوات على استغلال أبناء الطائفة الشيعية في البلدان الإسلامية لإثارة القلاقل وتهديد السلم الأهلي في هذه البلدان، فالسياسة الإيرانية تقوم على تعزيز التعصب المذهبي واستغلال العاطفة الدينية لتحقيق اختراقات سياسية واستخباراتية. لم يكن المجتمع العراقي يقيم وزنا للتقسيمات الطائفية بل إن الأسرة العراقية الواحدة كانت تضم في بعض الأحيان أفرادا يعتنقون المذهبين المختلفين، ومن المعروف أن بعض القبائل والعشائر العراقية تحتوي على بطون سنية وأخرى شيعية، ولكن التدخل الإيراني السافر في الشؤون العراقية أدى إلى تقسيم الشعب العراقي إلى سنة وشيعة حتى أصبح القتل على الهوية أمرا شائعا في هذا البلد المنكوب. أما لبنان بلد الحرية والجمال فقد انقسم بفضل التدخلات الإيرانية إلى خندقين رئيسيين الأول يرفع شعار الدولة والسلم الأهلي والآخر يرفع شعار المقاومة وولاية الفقيه، وكذلك الحال في اليمن حيث لا صوت يعلو على صوت القبيلة فقد أدت التدخلات الإيرانية إلى ضرب الاستقرار في هذا البلد وإشعال الفتن المذهبية، وبرغم عدم وجود واقع طائفي يساعد على إذكاء نار الفتنة داخل المجتمع الفلسطيني إلا أن إيران سعت لاستغلال الخلافات الفلسطينية وتحويلها إلى صراعات دائمة، ولن نكون مبالغين لو قلنا إن ايران نجحت في تحقيق الأمر الذي فشلت في تحقيقه إسرائيل ألا وهو تقسيم فلسطين قبل تحريرها!. واليوم تتجدد الأعمال المسلحة في إقليم بلوشستان في شرق إيران حيث يقيم عدد كبير من أبناء الطائفة السنية المضطهدة، وتأتي هذه العمليات في وقت تعيش فيه مؤسسة الحكم الإيرانية أصعب مراحلها، وقد اتهمت إيرانالولاياتالمتحدة بالوقوف وراء هذه العمليات، وقد يكون هذا الاتهام صحيحا إلا أن السبب الرئيسي لحدوث مثل هذه القلاقل هو الاضطهاد الذي يعاني منه أبناء هذا الإقليم الذين عانوا طوال العقود الماضية من تدمير مساجدهم واغتيال زعماء قبائلهم وعلمائهم ناهيك عن التهميش والإقصاء، ولن تكون ثمة مفاجأة لو قام تنظيم القاعدة (المنبوذ من الدول العربية والمقرب من إيران) بدعم المسلحين البلوش الذين يشاركونه الانتماء إلى الطائفة ذاتها، وحينها سوف تشرب إيران من الكأس ذاتها التي سقتها جيرانها العرب. ترى ما هو موقف إيران لو قامت الدول العربية ذات الأغلبية السنية بدعم تنظيم جند الله البلوشي ردا على دعمها لحزب الله الموجود علنا في لبنان والمختبئ في أغلب الدول العربية؟ ماذا لو سعت الدول التي تضررت من التدخلات الإيرانية في شؤونها وإمداد المتمردين بالأسلحة والأموال والمستشارين العسكريين إلى اتباع الخطوات ذاتها في الداخل الإيراني؟ ألا تعد هذه الخطوات شكلا من أشكال الدفاع عن النفس؟ وهل تظن إيران أنها ستواصل رمي جيرانها بالحجارة الطائفية بينما هم يتفرجون على بيتها الزجاجي دون أن يردوا بالمثل؟!. تعرف إيران قبل غيرها أن تنظيم جند الله البلوشي لم يعد تنظيما هامشيا بدليل تفاوضها معه أكثر من مرة، كما أن نظامها السياسي يعاني هذه الأيام من شرخ تاريخي، لذلك فإنها ستكون أكبر الخاسرين من استمرار سياستها الخارجية القائمة على إشعال الفتن الطائفية داخل العالم العربي!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة