لم اقف على حقيقة أراضي المنح كما في ندوة تطوير الاراضي الحكومية المخصصة للسكن التي أقامتها وزارة الشؤون البلدية والقروية لتسليط الضوء على معضلة عدم توفر الخدمات في المنح السكنية التي وزعت على بعض المواطنين.. الندوة كشفت عن حقائق هامة توضح واقع المنح السكنية التي بلغ إجمالي ما تم تخصيصه لها أكثر من 160 ألف هكتار؛ تقارب 76% من إجمالي مساحة الأراضي المطورة في مدن وقرى المملكة.. مشكلة هذه المنح التي تؤسس للتوطين السكني للمواطن أنها تفتقد للخدمات الاساسية والبنى التحتية. وعلى الرغم من ان الأراضي التي تمنحها الدولة للمستفيدين (أراضي المنح) بغرض المساهمة في حل مشكلة الإسكان عموما إلا أنها لا تصل إلى هذا المستوى من النفع للمواطنين، كون أن هذه الأراضي تقسمها الدولة إلى قطع من دون أن تتوفر الخدمات إليها مما يجعلها عديمة النفع واتجاه مالكيها إلى بيعها للاستفادة من ثمنها في شيء آخر غير المسكن مما يعيد مشكلة الإسكان إلى سيرتها الأولى. تتفاوت مخططات الأراضي المخصصة للسكن القائمة والمعتمدة والمقترحة والبالغ عددها ثلاثة آلاف وستمائة وخمسة مخططات في نسبة توافر شبكات المرافق بها، حيث بلغت نسبة المخططات التي تمت سفلتة شوارعها ثمانية وستين بالمائة وبلغت ذات النسبة في إيصال شبكة الكهرباء لتلك المخططات أي ثمانية وستين بالمائة أيضاً، أما شبكة المياه فلم تصل نسبتها إلا إلى تسعة وعشرين بالمائة وبلغت شبكة الهاتف نسبة واحد وخمسين بالمائة بينما لم تتجاوز شبكة السيول أكثر من ثلاثة عشر بالمائة من تلك المخططات، أما شبكة الصرف الصحي فلم تصل خدماتها لأي من تلك المخططات. ويطالب الجميع بحرص الدولة على توفير أراض قابلة للبناء مباشرة بدلاً من الانتظار لسنوات أخرى في انتظار وصول الخدمات إليها وذلك لتحقيق الغرض المرجو منه وهو توفير مسكن ملائم للمواطن السعودي يتفق وإمكاناته المادية والاستفادة بشكل جدي من منحة الدولة. وتقوم الدولة كل سنة بمنح مساحات كبرى من الأراضي تصل إلى أكثر من 5 ملايين متر مربع من دون ايصال الخدمات لها، لذلك لا بد من دراسة وتطوير آليات إصدار المنح عبر وضع أولويات عادلة ومنطقية، ولعل أفضل منح تعود بالنفع على المواطن بعد حصوله على أرض خاصة به هي المنح المقدمة للمشاريع التنموية المهمة. وتوزع الحكومة سنوياً ما يقارب من 12 ألف قطعة أرض للمواطنين لمرة واحدة وفق شروط بسيطة، وهي أن يكون طالب المنحة عند تقديمه الطلب قد أكمل السنة الثامنة عشرة من عمره، وتحدد مساحة المنحة ب(625م2). ويشمل هذا النساء الأرامل، والمطلقات، والنساء اللاتي تجاوزن الخامسة والعشرين من العمر ولم يتزوجن. ولكن قائمة المنتظرين تطول كثيراً لدرجة أن الانتظار قد يصل الى أكثر من عشرين عاماً. وغالباً ما تكون الأراضي الممنوحة في أماكن بعيدة عن أطراف المدينة، وتفتقد للخدمات اللازمة للبناء، خاصة مع ارتفاع أسعار مواد البناء لتتجاوز 600 ألف ريال لفلة صغيرة من دورين، مما يجبر الكثيرين من غير القادرين على البناء إلى بيع أراضيهم بأسعار زهيدة لا تتجاوز 30 ألف ريال في الغالب، لتبدأ فيما بعد في الدخول في بورصة الأراضي وهو ما يرفع سعرها إلى أكثر من عشرين ضعفاً على الأقل خلال عامين. .. اذا يمكن أن يكون هذا المخزون من الارضي منجماً للتوطين الاسكاني؛ في حال تم تطويرها بشكل جيد؛ وهنا يمكن تطبيق النموذج الذي طالما طالبت أن يكون متاحاً؛ وهو المشاركة بين القطاعين الحكومي والخاص لتطوير تلك الاراضي؛ على أن يتم تسديد تكلفة تنفيذ هذه المرافق للمستثمر من خلال حق الانتفاع بنسبة من الأراضي المطورة لفترة زمنية محددة، أو التنازل عن نسبة من ملكية الأراضي المطورة لصالح المستثمر بما لا يتعدى نسبة ال (20%) عشرين بالمائة من المساحة الإجمالية الصافية لهذه الأراضي باستثناء الأراضي التي تقع على شوارع تجارية. وكان مجلس الوزراء قد أقر في شأن دراسة موضوع توفير منح أراض سكنية للمواطنين لتسهيل حصولهم على مساكن بأن تقوم وزارة الشؤون البلدية والقروية بربط برنامج المنح التي تنفذها وزارة الشؤون البلدية والقروية ببرامج إسكان تضمن حصول المواطن على مسكن، وتخصيص أراض للهيئة العامة للإسكان - قبل تحويلها الى وزارة - وفقاً للأوامر السامية والتعليمات السارية لتتولى الهيئة بناء وحدات سكنية مناسبة عليها توزع على المواطنين بحسب الضوابط والإجراءات التي تضعها الهيئة . كما تراعي وزارة الشؤون البلدية والقروية عند تخصيص أراض بأن تكون ضمن المخططات الحكومية المعتمدة، وأن توفر الخدمات فيها من المبالغ المعتمدة في الميزانية أو وفقاً للائحة التصرف في العقارات البلدية، وأن توزع تلك الأراضي في مختلف أنحاء المدينة التي تخصص فيها لما يؤدي إليه ذلك من اندماج المستفيدين من مشاريع الإسكان مع باقي أفراد المجتمع. وجاء قرار مجلس الوزراء السعودي بناء على دراسة قام بها وزير الداخلية ووزير البلديات فيما يخص مشكلة توفير منح أراض سكنية للمواطنين لتسهيل حصولهم على مساكن، وشدد المجلس على قيام الوزارة بربط برنامج المنح الذي تنفذه ببرنامج إسكان يضمن حصول المواطنين على مسكن، وتخصص أراض للهيئة العامة للإسكان. كما شدد المجلس على قيام الوزارة بربط برنامج المنح الذي تنفذه ببرامج إسكان يضمن حصول المواطنين على مسكن، وتخصص أراض للهيئة العامة للإسكان وفقاً للأوامر السامية والتعليمات السارية لتتولى الهيئة بناء وحدات سكنية مناسبة عليها توزع على المواطنين بحسب الضوابط والإجراءات التي تضعها الهيئة. ويعتقد مراقبون أن ربط المنح ببرنامج سكني الهدف منه تقييد استخدامات الأراضي السكنية بهذا الهدف وضمان تحقيقه، بدلا من الطريقة الحالية التي توزع، خلال البلديات والأمانات، منحا للمواطنين غير مخدومة. وتختلف الإحصاءات حول حصول المواطنين على مساكن فبينما تقدر مصلحة الإحصاءات العامة عدد الأسر التي تسكن بالإيجار بنحو 935 ألف أسرة يبلغ عدد سكانها نحو خمسة ملايين نسمة، تشير بعض الدراسات إلى أن بين 65 في المائة و 70 في المائة من السكان يقطنون بالإيجار. وكانت وزارة الشؤون البلدية والقروية قد أصدرت تنظيما جديدا لأراضي المنح يلزم المواطنين الحاصلين عليها ببنائها، فيما اشترط تقديم ما يثبت إتمام البناء من أجل الموافقة على ربطها بشبكة المرافق العامة وإفراغها. ويأتي التنظيم في ظل ارتفاع أسعار المساكن والأراضي الفضاء وبلوغها أرقاما قياسية في المملكة، وفي ظل استغلال بعض المضاربين في السوق العقارية أراضي المنح بشرائها ومن ثم تدويرها لتصل إلى أسعار عالية يصعب على الراغبين في تملك المسكن شراءها. ويطالب عقاريون بتجهيز أراض مناسبة قبل توزيعها، لافتين إلى أنه للقضاء على الازوداجية والتضخم في سوق العقار لا بد أن تعمل وزارة الشؤون البلدية والقروية على تجهيز البنى التحتية لمخططاتها لتكون جاهزة للبناء دون لجوء المواطن لسوق العقارات الملتهب، مشيرين إلى أن بعض من المضاربين يلجأ الى التلاعب في أسعار الأراضي من خلال تداول أراض قليلة ورفع سعرها من أجل رفع أسعار بقية الأراضي، مما يساهم في رفع أسعار الأراضي بشكل يفوق قيمتها الحقيقية. ويرى مستثمرون أن إسناد تطوير وبناء مخططات المنح إلى مستثمرين ومطورين بعيدا عما تقوم به الجهات الحكومية في هذا الجانب، سيسرع من الاستفادة من مخططات المنح من قبل المواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود الذين طال انتظارهم للخدمات التي تمكنهم من البناء أو الحصول على مساكن جاهزة. وطالبوا الجهات المسؤولة عن أراضي المنح بالاستفادة من تجارب قامت بها بعض المناطق في المملكة مثل مكةالمكرمة، حيث سلمت خططات المسماة بمخطط ولي العهد إلى مطورين عقاريين مقابل حصولهم على جزء من المخطط، وبالتالي تضمن الجهة المسؤولة عن توزيع المنح حصول المواطن على أرض أو مسكن جاهز وبمواصفات عالية توازي ما سيقوم بتطويره أو بنائه المطور في الجزء الذي يعنيه مقابل التطوير.