هل تفضله بالكريما أم كامل الدسم؟ عضوي أم خال من الغلوتين؟ قد يبدو هذا وكأنك تطالع قائمة بالأصناف في متجر للآيس كريم ، إلا أن هذه العبارات في الواقع تستخدمها نساء عاديات في أميركا لبيع حليب أثدائهن عبر الشبكة العنكبوتية. وهناك المئات من هؤلاء النسوة ، وكلهن يعلن عن بيع فائض حليبهن الطبيعي على موقع الكتروني يوفر منبرا للنساء الراغبات في البيع. ويوفر الموقع عدة خيارات للراغبين في الشراء. فهناك حليب من أمهات يرضعن أطفالا من مختلف الأعمار، وحليب من أمهات لديهن "أطفال بدينون". كما أن هناك حليبا من أمهات يخضعن لحميات خاصة ، وصنف آخر من أمهات " يرغبن في بيع حليبهن للرجال فقط ". ويشهد الموقع منافسة حادة بين المعلنات. ومن بين الإعلانات المنشورة على الموقع," حليب من بقرة بشرية حلوب: 5 آلاف أوقية للبيع." ويصف إعلان آخر صاحبته بأنها نباتية ، وأكثر من ذلك فإنها تحدد في الإعلان "برج الحظ" الخاص بطفلها. وتبدي بعض النساء استعدادهن لشحن حليبهن المجمد في عبوات من الثلج الجاف إلى المشترين، بينما تفضل أخريات بيعه محليا، حيث يلتقين بمشترين أغراب في المقاهي. سيدة حلوب تعرض 5 آلاف أوقية من إنتاجها للبيع.. ونساء يحصلن على 20 ألف دولار سنوياً ويشهد السوق الأسود لحليب الأمهات ازدهارا مضطردا في وقت اخذ فيه المزيد من الأشخاص يعترفون بفوائده الصحية. وتكسب بعض الأمهات حوالي 20 ألف دولار سنويا من بيع حليبهن الطبيعي. وبعد أن كانت الاونصة الواحدة تباع بما يتراوح بين دولار ودولار ونصف (يستهلك الرضيع البالغ من العمر 6 أشهر 30 أوقية في اليوم)، إلا أن الأسعار تدنت إلى حدود 65 سنتا للاونصة بعد إقبال المزيد من الأمهات على تحويل حليبهن إلى نقد. وتنصح الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال الأمهات بان يرضعن أطفالهن من أثدائهن خلال الأشهر الستة الأولى ثم خلال الأشهر الستة التالية. غير أن بعض الأمهات لا يستطعن أن يرضعن طوال تلك الفترة في حين تجد أخريات انه يتعذر عليهن الإرضاع تماما. ومع ذلك فإنهن يسعين لتحقيق ما هو أفضل لأطفالهن ومن ثم يسعين للحصول على حليب بشري من أي جهة حتى عبر الانترنت. امرأة تعرض حليبا من إنتاجها للبيع ومن هؤلاء ديزيري اسبينوزا ( 19 عاما) ، من فونيكس بولاية أريزونا ،التي تعتبر الموقع الالكتروني لبيع الحليب البشري مهما جدا ورغم أنها ترضع ابنتها البالغة من العمر شهران إلا أنها تقول إنها تدر حليبا يكفي لثلاثة توائم. وبعد أن وضعت إعلانا في الموقع الالكتروني جاء فيه،" حليب عضوي تماما. لدي 500 أوقية فائضة وأنا بحاجة للتخلص منها. إنني لا أتناول طعاما غير عضوي"، وجدت اسبينوزا أنها اقتحمت عالم التجارة على الفور وصارت تبيع حليبها إلى زبائن محليين بواقع دولارين للأوقية، وتقول" ليس بالإمكان أن اعمل في وظيفة وفي يدي طفلة رضيعة. لذا فإن ما أبيعه يساعدني في شراء حفاظات وملابس لها." وإذا استمرت اسبينوزا في بيع حليبها بمعدل 30 أوقية في اليوم فإنها سوف تكسب 20 ألف دولار سنويا. ومن بين زبائن اسبينوزا رجل يزعم أن حليبها يساعده في العلاج من اضطراب مناعي. حليب بشري طبيعي مجمد جاهز للبيع ومن المشروع في الولاياتالمتحدة شراء وبيع وتبادل حليب الثدي ، ذلك أن الحكومة الأميركية تعتبره طعاما ومن ثم لا يخضع للأنظمة المعقدة التي تطوق سوائل الجسم الأخرى وأنسجته وأعضائه. غير أن ذلك لا ينفي وجود مخاوف. فقد أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في العام الماضي تحذيرا مشددا حول مخاطر تغذية الأطفال بسوائل تأتي من أجسام نساء غريبات عنهم. وجاء في التحذير،"عندما يتم الحصول على الحليب البشري من نساء مباشرة أو عبر الانترنت، فان الواهبة ربما لا تكون قد خضعت لفحوصات ضد الأمراض المعدية أو مخاطر التلوث. علاوة على ذلك، فان الحليب البشري ربما لا يكون قد تم حلبه أو تعليبه أو فحصه أو تخزينه بطريقة تقلل من مخاطر سلامة الأطفال." وكانت دراسة قد وجدت في العام الماضي أن 3و3 بالمئة من إجمالي 1091 امرأة كنّ قد تبرعن بحليبهن إلى أحد بنوك الحليب في سان خوزيه بكاليفورنيا قد تم رفضهن بعد أن أثبتت فحوصات الدم التي أجريت لهن أنهن مصابات بالزهري والايدز والتهاب الكبد "ب" و"ج" وفيروس آخر يستهدف خلايا "تي" المناعية. وكان بالإمكان أن تنتقل هذه الأمراض عبر حليبهن، وهذا تحديدا ما يثير مخاوف منتقدي بيع الحليب البشري عبر السوق السوداء. حليب بشري طازج وتقول كيم ابديغروف، مدير بنك الدم في أوستن،" تجد النساء أنهن على قناعة بان حليب الثدي يختلف بطريقة أو بأخرى عن الدم وانه لا توجد مخاطر من مشاركته مع طفل من امرأة أخرى. ولكن هذه الممارسة تنطوي على مخاطر جمة. فحليب الثدي سائل من سوائل الجسم يماثل فتح وريد ونقل دم مباشرة إلى الطرف الآخر." و تعمل بنوك الحليب ، وهي عادة لا تهدف للربح، لجمع الحليب من متبرعات ثم تقوم ببسترته وتعليبه وبيعه للمستشفيات وآباء الأطفال الخدج بواقع 4 دولارات للأوقية. غير أن بروز الحليب البشري كسلعة سيسبب ضربة قوية لهذه البنوك. وكتطور طبيعي لازدهار أسواق بيع الحليب البشري، ظهرت أجهزة تساعد على شفط الحليب وتتراوح أسعارها بين 30 دولارا لمضخات بسيطة تعمل بالبطاريات ومعها زجاجة إرضاع وحاويتين للحفظ، إلى 300 دولار لمضخة مزدوجة ذات سرعات متعددة وست زجاجات إرضاع ، وتأتي في حقيبة يد أنيقة. وهناك بعض المضخات مزودة بمحول لتمكين المرة من شفط حليبها أثناء تنقلاتها. أما بالنسبة للأمهات المزدحمات بالأعمال فقد أنتجت بعض الشركات حمالة صدر يمكن وصلها بمضختين لشفط الحليب دون حاجة إلى استعمال اليدين.