أحياناً قد تأخذ مكاناً بعيداً عن الصخب، تلجأ للغربة القريبة أو البعيدة بحثاً عن التغيير ورغبة في أخذ نفس عميق، قد يصعب أن تحدد الأفضل ولكنك تستطيع البحث عنه، البعض يعتقد أن الاجازة تعني السفر، وأنها التنقل هنا وهناك وتغيير المكان، هذا صحيح إلى حد ما..! لكن ليس هو المطلب من أجل نيل قسط من الراحة، قد تكون لحظة هدوء داخل منزلك أو في حديقة قريبة أو في أي فضاء خارج المنزل بالقرب من المدينة هو المعنى الحقيقي للاجازة، قد تستمتع بقراءة كتاب وتكون تلك اللحظات أثمن من أي سفر، قد تكون زيارة صديق عزيز والحديث معه أجمل وأعذب هدية تقدمها لنفسك عندما تكون في قمة تعبك وإجهادك، زيارتك لمكان معين تُحس بالراحة عند الجلوس فيه أو التجول داخله وإن كان لا يعجب غيرك متعة بحد ذاتها واختيار رائع لك شخصياً، لدينا مفاهيم مختلفة عن كيفية قضاء أوقات الفراغ، أصبحنا نحاكي بعضنا البعض في كل شيء وفي أدق تفاصيل الحياة، نقلد ولا نجدد، نأخذ اجازتنا حسب ما يروق للجار أو الأقرباء (ومثلنا مثلهم) حتى وإن كنا لا نجد قيمة للسفر، المهم أن نسافر لنفس المكان حتى وإن لم نستمتع أو يكون المكان مريحاً لنا ووفق رؤانا، كل شيء أصبح مظاهر في مظاهر، كيفنا أبناءنا على ذلك أيضاً ونقلنا لهم هذه الصورة وجعلناها من المسلّمات في حياتهم وأصبحوا يرون راحتهم من خلال غيرهم وليس من خلال أنفسهم، فكأن الاجازة أصبحت تعباً وإرهاقاً أكثر منها راحة بال، مفهوم مختلف تماماً عن الحقيقة الغائبة عن كيفية الاستمتاع بتلك الساعات والأيام، ننسى هوايتنا ورغباتنا وإمكاناتنا المالية التي من خلالها يمكننا الراحة والاستفادة دون عناء ومشاكل أحياناً تكون ضريبة لذلك السفر، لا أدري لماذا لا يجد الكثير منا فن الاستمتاع بأوقات الاجازة والفراغ، بكل تأكيد لن نستطيع أن نمسك بجميع خيوط المشكلة ونضعها تحت المجهر لنرى بوضوح تلك الاشكالات ونسعى ونعمل لتصحيحها، فثقافة الاجازات لا تأتي بيوم وليلة، بل هي جزء من ثقافة المجتمع. قبل أيام نُشر خبر يقول: خلافاً لغالبية الناس الذين يسعون لزيارة أماكن مختلفة من العالم لاكتشاف أمور جديدة، يحرص زوجان بريطانيان على تمضية اجازتهما السنوية منذ 60 سنة وحتى الآن في مكان واحد. وذكرت صحيفة «ميرور» البريطانية أن جون هوبكنز أخذ زوجته سونيا إلى فولكستون في مقاطعة كنت البريطانية في العام 1951 بعد ما أغرم بالمكان خلال زيارة قام بها في العام 1949. وأضافت أن الزوجين يترددان إلى المكان نفسه سنوياً منذ ذلك الحين بحيث أصبح مركز اجازاتهما منذ 60 سنة. وأشارت إلى ان الزوجين لا يكتفيان بأن تكون المنطقة هي نفسها وإنما يختاران الغرفة نفسها في المنتجع المطل على البحر عينه. قد يرى البعض أن ذلك تكرار غير مفيد ولا يضيف شيئاً لكن هذين الزوجين وجدا متعتهما وراحتهما في هذا المكان وذلك يكفي المهم أن تكون.. مبسوطاً..