يدخل التمويل العقاري الحكومي مرحلة جديدة بدءاً من يوم أمس؛ التي شهدت بدء تطبيق قرار مجلس الوزراء بعدم اشتراط الارض عند التقدم بطلب قرض صندوق التنمية العقاري.. ورغم ان هذه الخطوة تمثل مرحلة هامة في ايقاف فوضى السوق السوداء ل(اراضي المنح) التي كانت تستغل من خلال (تأجيره) من خلال افراغها ليوم واحد بقصد التقديم على طلب قرض من الصندوق.. إلا أن تعميم القرض للجميع؛ بحيث أصبح القرض كأنه حق مكتسب لكل مواطن؛ خطأ – كنت اتطلع إلى أن يصحح – ذلك أنه من غير المقبول أن يتساوى في قيمة القرض وشروطه؛ اصحاب المداخيل المتدنية مع ذوي الدخل المتوسط؛ وحتى اصحاب الدخول العالية.. بالتأكيد أن هناك تفاوتاً في الحاجة إلى القرض بقصد السكن؛ هذا التفاوت يجب أن يكون – مع أعتبارات اخرى – معياراً يحدد فترة منح القرض للمقترض.. من غير المقبول أن يتساوى القرض ومدة الانتظار لمن دخله ثلاثة آلاف ريال، مع من دخله ثلاثين ألف ريال.. حيث أن الثاني يمكنه الاستفادة من برامج التمويل الحالية وحتى المقبلة لشركات التمويل العقاري والبنوك المحلية.. وتبقى كل جهود الرفد الاسكاني للمواطنين والاسر السعودية؛ ذات تأثير قصير المدى؛ لن يكتب لها فعالية بعيدة المدى دون استراتيجية وطنية تؤطر التوطين الاسكاني؛ ويتفق خبراء في الشأن العقاري على أن المرحلة المقبلة تتطلب رفع مستوى التنسيق بشكل عال بين الجهات الحكومية المعنية بقطاع الإسكان وعلاج أزمته في المملكة، من خلال استراتيجية موحدة للإسكان تجمع جهود الجهات المعنية في مسار واحد تصب نتائجه في الهدف الذي تسعى الدولة إلى تحقيقه، المتمثل في حصول المواطنين على مساكن تكفل لهم العيش الكريم. ويرى المطورون في مجال السكان في تحقيقات أخرى؛ أن حجم الفرص الضائعة على الاقتصاد الوطني بسبب عدم وجود بيئة ومناخ تنظيمي جاذب يصل إلى مليارات الريالات، مؤكدين أن تأخر التراخيص لمشروع عقاري واحد لمدة سنة قد يفوّت استثمارات بنحو 100 مليون ريال، في المشاريع المتوسطة والكبيرة، مبينين أن عمليات تأخر التراخيص للمشاريع العقارية المختلفة، تشكل في مجملها عوامل طاردة للمستثمر المحلي والأجنبي، وتفوت على البلاد فرص توطين واستعادة رؤوس الأموال السعودية المستثمرة في القطاع العقاري خارج البلاد. وأوضحوا أن حقيقة المعوقات والصعوبات الناتجة من تداخل وتعدد السلطات الحكومية المعنية في تنظيم المشاريع العقارية، أسهمت في توجه البعض إلى أساليب ملتوية، في ظل تباين الإجراءات والاشتراطات والمرجعية التنظيمية، مشيرين إلى أن محدودية مجالات الاستثمار في المملكة ستظل عاملاً رئيسياً في توجيه الأموال نحو العقار وهو الأبسط والمتوافر لتوجيه رؤوس الأموال الصغيرة. ويمكن لصندوق التنمية العقاري الدخول في استثمارات سكنية في السوق العقاري بمشاركة المواطنين؛ عن طريق طرح صناديق استثمار عقاري تطرح لتطوير مشاريع سكنية بدخول المواطنين للاكتتاب العام بها؛ وهي إحدى الطرق التي يمكن الاخذ بها لتغيير أسلوب عمل الصندوق الذي يقوم على إقراض المواطنين مبلغاً لا يغطي تكاليف بناء المنزل. كما يمكن للصندوق الدخول في تأسيس شركات متخصصة ببناء وحدات سكنية تناسب احتياجات المواطن السعودي وتلبي رغباته في توفير المسكن المناسب للأسرة السعودية ومن ثم بيعها على المواطن بأقساط ميسرة، مؤكدين أن ذلك سيسهم في تقليل طابور قوائم الانتظار في الصندوق.