كثرت التحليلات والتوقعات والتكهنات منذ موافقة مجلس الشورى على أن تتم دراسة فرض رسوم على الأراضي البيضاء الواقعة في النطاق العمراني للمدن وما مدى تأثير فرض هذه الرسوم على أسعار الأراضي وإقبال المستثمرين في المجال العقاري. المأمول أن تتم فعلاً دراسة هذا النظام، وأن تعمل الأجهزة المختلفة المعنية بتطبيقه وسرعة العمل به وفرض هذه الرسوم على هذه المساحات الواسعة من الأراضي البيضاء التي تنتشر في وسط مدننا وتستنزف ميزانيات تطويرها وترهق مرافقها العامة. وكما هو معروف في الأسواق العالمية أن أي رسوم أو ضرائب تفرض على سلعة ما ستحط رحالها وسينتهي المطاف بها بأن تجثم على صدر المستهلك النهائي الصغير وهو من سيتحمل دفعها! من ناحية الإقبال على الاستثمار في العقار بالبيع والشراء فلا بد أن يؤثر فرض هذه الرسوم على سرعة حركة الأراضي وتطويرها، فقد لا يكون من المجدي اقتصادياً أن يستمر المستثمر بدفع رسوم على أرضه البيضاء وسيعمد إلى تطويرها بتشييد مشاريع عقارية استثمارية عليها أو بيعها لم يمكنه القيام بذلك. فحتى لو أن المستهلك هو في النهاية من سيدفع هذه الرسوم إلا أن فرضها سينعكس إيجابياً على الحركة العقارية والقوة الاقتصادية، وسيؤدي فرض هذه الرسوم إلى خفض أسعار الأراضي، والاتجاه إلى تطويرها سيزيد من أعداد المنتوجات العقارية المعروضة وبالتالي إلى خفض اسعارها. وانخفاض الأسعار إذا لم يكن حاداً ومفاجئاً بدرجة تربك الدورة الاقتصادية وتعرقل العجلة التنموية، فهو تذبذب صحي يعكس اضطراد حركة العرض والطلب. كما أن فرض هذه الرسوم سيجعل التعجيل بحل القضايا المتعلقة ببعض الأراضي البيضاء داخل المدن أمراً حتمياً وبالتالي ستنتهي مشاكل هذه القضايا بين الورثة أو المتخاصمين. والمستفيد الأكبر لو تم تطبيق هذا النظام هو أمانات المدن ومهندسوها وخبراء التخطيط فيها، فسيتم تقليص المساحات المطلوب تغطيتها بخدمات البنية التحتية وما كانت تسببه المساحات الشاسعة للأراضي البيضاء داخل المدن من تبديد للثروات الوطنية والموارد الطبيعية وإهدار للمخزون البيئي. كذلك ستصبح مدننا أجمل! فلن تشوه جمالها هذه البقع البشعة التي ترقط وجهها وتخدش بشرتها! وستكون مدناً عامرة معمورة!