حذر فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم في خطبة الجمعة أمس من استشراف الفتن التي قد تزيل النعم، وتزعزع قلوب العباد إلا من عصم الله، مشددا على أن فتنة الشبهات تدفع باليقين وفتنة الشهوات تدرأ بالصبر، والمسلم الحق الذي يصلح الناس وقت فتنتهم ويبين لهم خطرها, ويوصي بالاعتصام بحبل الله المتين وشأن الدعوة يعظم أجره وقت الفتن، ويجب على المرء ألا ينظر للكثرة ويغتر بها بل ينظر للناجي كيف نجا. وتحدث فضيلته عن جملة من الفتن كقبض العلم والشرك والرياء، وكثرة الزلازل والقتل وجمع المال دون التثبت من حله وحرمته، وبيع الدين بعرض من الدنيا والفرقة والخلاف والنزاع بين المسلمين، وفتنة الأولاد، والدجال، معددا بعض العواصم من الفتن: بالتمسك بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم, والتوكل على الله وتفويض الأمر إليه والدعاء والتعوذ من الفتن ما ظهر منها وما بطن والصبر عند الابتلاء، والبعد والاعتزال، والتمسك بالرفقة الصالحة. وقال: الحي لا تؤمن عليه فتنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم (تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء), وقد تخرج المرء عن دينه في يومه، قال عليه الصلاة والسلام (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يُصبح الرجل مؤمناً ويُمسي كافراً أو يُمسي مؤمناً ويُصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا). وأضاف: المال فتنة هذه الأمة قد يُدخل المرء في الدين وقد يُخرجه منه والعدل أن يُؤخذ من حله ويُجعل في اليد لا في القلب وينتفع فيه في مرضاة الله, وتتبع المتشابه من الأحكام والأخذ بالرخص في الحلال والحرام والتحايل لارتكاب المحرم مفسد للدين، والتهاون بصغائر الذنوب هلاك للعبد، قال عليه الصلاة والسلام (إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه), والبعد عن الله بالعصيان والتقصير في الواجبات من أسباب الغواية، قال جل شأنه ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ). وقال فضيلته: إن الله أسبغ على الخلق نعماً ظاهرة وباطنة وأصطفى نعمة هي أنفس النعم وأعلاها منحها لمن شاء من عباده وحرم الكثير منها وهم يتمنونها، قال عز وجل: (رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ) وهي أكثر النعم عرضة للزوال ، قال عليه الصلاة والسلام (القلوب بين أصبعين من أصابع الله يٌقلبها كيف شاء), وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه أن يُديمها ويقول (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، ومن دعاء الراسخين في العلم (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا)، وكل مسلم مأمور بالدعاء في صلاته بالحفاظ عليها إذ بها سعادة الدارين.