يكثر اللغط حول جدية الشباب السعودي ومواهبه في مناسبتين أساسيتين الأولى عند موسم التخرج وبدء رحلة البحث عن الوظيفة , والثانية عند تشمير وزارة العمل عن عضلات السعودة وتطبيق النطاقات. ولكن الذي يهم كثيرا في هذه الزاوية المعنية بتصحيح بعض الصور الذهنية النمطية والسلبية منها تحديدا , فيجب اأن اقدم شهادتي في هذا الميدان. أستطيع ان أزعم وبما املكه من رصيد أكاديمي ورصيد عملي مهني في الكثير من المؤسسات الخاصة والحكومية ومؤسسات المجتمع المدني أن الصورة النمطية السلبية عن الشباب السعودي غير صحيحة , وان من يطلقها هو شريك في جريمة صنعها واستمرارها. وأتفق مع زميلي وأخي الأستاذ عبدالله الناصر في زاويته في هذه الجريدة حول تميز الشباب وغياب الفرص الممنوحة لهم. الذي دعاني للتطرق الى هذا الموضوع هو رعاية سمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد وزير التربية والتعليم ونائب رئيس مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهبة والإبداع لبوابة "موهبة" الالكترونية لنشر ثقافة الموهبة والإبداع في المملكة وتحديدا بين شبابها. استطاعت الموهبة خلال السنوات الماضية ترسيخ اسمها في بيئة الشباب من الجنسين لتصبح مؤسسة فريدة في عالمنا العربي استعانت بها المنظمة العربية للثقافة والعلوم لصياغة إستراتيجية الموهبة والإبداع في عالمنا العربي. ولعل النماذج المشرفة من كافة أنحاء المملكة والتي تفوز في المعارض والمهرجانات الدولية لدليل على تميز المؤسسة ولعل التميز يتأكد أكثر في فوز شباب من محافظات صغيرة مثل مهد الذهب او محايل عسير وغيرهما كثير. أعتقد ان تجربة المؤسسة لم تكن سعيدة في كل الأحوال فهي لا تخلو بين الحين والآخر من النقد الإعلامي وحتى التربوي وربما الشعبي نتيجة بعد الناقد معرفيا بما يدور في أروقة المؤسسة . فهي مؤسسة تنشر وترعى الموهبة والإبداع وليست حاضنة تترجم الأفكار إلى مشاريع. فالموهبة والإبداع الوطني في نظري يجب ان يكونا سباق تتابع نحو التميز. فهناك من يحمل شعلة الاكتشاف ومن يحمل شعلة التدريب ومن يحمل جذوة الإعداد والصقل وينقصنا الآن من يحمل مشعل الحاضنة للإبداع وترجمة الأفكار إلى مشاريع وطنية. طبعا الموضوع لم يقف عند هذا وإنما هناك مبادرات وطنية مثل حاضنة "بادر" التي تحتاج إلى كم هائل من الأضواء حتى تترسخ فكرتها لدى المبدعين قبل المجتمع بأكمله. والآن أدلي بشهادتي من تجربة شخصية أكاديمية ومهنية . ففي هذا الفصل الدراسي بقسم الإعلام بجامعة الملك سعود خصصت تجربتين إحداهما حول الإبداع في الإنتاج العلمي، والأخرى عند التطبيق العملي في العلاقات العامة . والحمد لله لم أكن سجيناً لبيروقراطية أكاديمية او حتى صورة ذهنية عن الشاب السعودي . فخرجت تجربتي مع الطلاب بأن سلمت كل واحد منهم افتراضيا تمثيل منطقة من الوطن وكيف يقدمها للعالم برؤيته السعودية فانهالت الأفكار الإبداعية التي أفخر بها وهي تخرج بنفحة وطنية عن هذا التراب الذي نحيا عليه ونحبه ونحب قادته. والثانية عن تجربة سترى النور قريبا حول تجربة نقدية علمية للإعلام السعودي . ومن تجارب عملية مررت بأعمال كثيرة تم تأهيل الشباب السعودي للكثير من الأعمال الإعلامية التي اثبت وجوده فيها وبقية مسارات الحياة تثبت ذلك. يكفي ان الكثير منا يسلّم نفسه وهو مطمئن لطبيب سعودي وطيار سعودي ومهندس سعودي وقبل هذا وذاك طبيبة ومهندسة وعالمة سعودية. شهادتي تقول بكل بساطة يجب أن أفخر بأبناء وبنات بلدي . وعلينا ان نرسخ صورة ذهنية ايجابية عنهم إن أردنا أن نعبر إلى عالم التطور بهم. وهذه الجريدة بين أيديكم صنعت بعقول وأيد سعودية , ليس في ساحة العمل الإعلامي وإنما منحت شرف امتلاك أسهم في هذه المؤسسة العريقة. ولذا دوما أردد رحم الله الأمير أحمد بن سلمان الذي كان رئيسي لسنوات عدة عندما كنت مديرا للشركة السعودية للأبحاث والنشر فقد كان يقول أنا افخر "بلابس الغترة" يعني الشاب السعودي، ومستعد أن أغامر به على أعلى المستويات ومع ابرز الخبراء من حولنا. وقد غامر بالكثير منا في ميدان الإعلام والفروسية فكسب الرهان. فله منا الدعاء وله من الله الرءوف الرحيم الرحمة والمغفرة . ودمتم ودام الوطن بخير.