أتت جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتكريم المبتكرين والمخترعين التي أعلن عنها مؤخرا في توقيت يعكس الواقع الإبداعي الجديد للشباب السعودي ، فمدارس التعليم العام والجامعات السعودية أصبحت تزخر بالمبدعين والمبدعات . وكذلك المتابع للمشاركات في أنشطة مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهبة والإبداع يكتشف أن الأعداد في تزايد متناغم مع مخرجات التعليم وبرامجه التطويرية . ولكن يظل من وجهة نظري أن هناك قصورا تجاه التفكير المتناغم مع وسائل الإعلام . فوسائل الإعلام الوطنية تقوم بواجبها في نشر ثقافة الموهبة والإبداع كنتاج إخباري من المؤسسات المعنية بإنتاج الإبداع كالمدارس و"موهبة" والجامعات ولكن ليس من باب العمل الإعلامي المتكامل مع عمل تلك المؤسسات . والسبب يعود الى جملة من الأسباب لعل من أبرزها نوعية المردود المادي من الاستثمار في إعلام الموهبة والإبداع ونشر ثقافته والذي لا يجذب معلنا ولا يجذب القراء كالترفيه والرياضة ولا يوجد مؤسسة تجارية تتولى رعايته ضمن ميزانيتها الإعلانية وضمن برامجها للمسؤولية الاجتماعية . كما أن وسائل الإعلام بحاجة الى استثمار بشري يتطلب تدريب بعض الكوادر البشرية من الجنسين لمتابعة الأنشطة الإبداعية وثقافة الابتكار محليا وعالميا . وهنا يأتي مربط الفرس حول أهمية الإعلام في تعزيز جائزة خادم الحرمين الشريفين لدعم الابتكار والذي يتمثل في قيام مؤسسات معينة مثل وزارة الثقافة والإعلام بتخصيص بند من ميزانيتها لجائزة تعنى بدعم التنافس بين وسائل الإعلام السعودية ومنسوبيها من الإعلاميين والإعلاميات لإبراز الأعمال الإعلامية والتغطيات الخاصة بجائزة خادم الحرمين الشريفين للابتكار وذلك بالتعاون مع هيئة الصحفيين السعوديين كجهة تعنى بالعمل الإعلامي والتميز لدى منسوبي المؤسسات الإعلامية ، وكذلك بالتعاون مع الجمعية السعودية للإعلام والاتصال كجهة أكاديمية علمية وتحكيمية محايدة . فهذه الجائزة تجعلنا نفكر في مجال الإعلام بشكل مبكر ومستمر إن أردنا أن يخدم الإعلام مشاريعنا بشكل تنافسي . فالتنافس بين وسائل الإعلام في نظري لا يقل أهمية عن التنافس بين المبتكرين والمخترعين ، فهو مجال بحاجة الى تحفيز مستمر لابتكار أساليب جديدة لنشر ثقافة الموهبة والإبداع ومن ينضوي تحت مظلتها من الموهوبين والمبتكرين والمبدعين . وفي هذا السياق اعتقد ان مجلة "موهبة" في حلتها الجديدة وتبويبها الحالي تستحق الإشادة وتوسيع الانتشار من قبل وسائل الإعلام الوطنية بالنقل عنها كوسيلة متخصصة وطنية كما تنقل عن الوسائل الإعلامية المتخصصة من خارج الوطن. ومع هذا تظل هذه المجلة مع "بوابة موهبة الاليكترونية" نوافذ محدودة في الوصول إلى معظم شرائح المجتمع ، ولكن هذه المهمة تكون أسهل وأكثر إبداعا من خلال دخول منافسين إعلاميين لهاتين الوسيلتين المتخصصتين. فتخصص هذه الوسيلة أو تلك لا يعني تخلي وسيلة إعلامية جماهيرية أخرى عن أداء واجبها . ولقد كانت جريدة الرياض أول الصحف السعودية دعما لبرامج الموهبة والإبداع حيث أصدرت في فترة سابقة ملاحق أسبوعية عن الموهبة والإبداع ولكن مع الأسف الشديد لم تواكب إعلانيا لتقليص خسائر الصحيفة على إعداد وطباعة وتوزيع الملحق . وتكررت التجربة في قناة الإخبارية السعودية وبنفس النتائج . ومن واقع الخبرة أستطيع التأكيد على نجاح أي تجربة للمشاركة من مؤسسة تجارية تعنى ببرامج المسؤولية الاجتماعية وبالتعاون مع "موهبة " وهذه الجريدة لإعادة الحياة لملحق الموهبة والإبداع ومع قناة الإخبارية كبداية لخلق تنافس إعلامي سعودي يعزز جائزة خادم الحرمين الشريفين في هذا المجال.