أوثق البراهين.. أقواها.. أصدقها.. هو ما يأتي دون إعداد مسبق.. هو ما يكون اندفاع عواطف وقناعات قبل أن يكون ممارسة مهمة أداء مقصود.. العالم الثالث بخصوصيات ترجع إلى نوعية مشاكله.. مستوى متاعبه.. تعدّد توزّعات خلافاته.. الدوران اليائس خلف قناعات هبوط يرى بها الخروج عمّا يغيضه.. أو تشدّد السخط بردود فعله الدامية ضد مَنْ يختلف معه.. الحمد لله.. ويجب أن تقال عشرات المرات.. بأننا لم نعش هذه الأوضاع، رغم أن بداياتنا حفلت بتعدّد نوعيّاتها ومسبّباتها، لكننا خرجنا من البداوة إلى التأهيل العلمي، من توزعات مناطق وقبائل ومذاهب إلى وحدة مجتمع شاملة.. حتى ولو تطرف بعض الجهلة المعقدين.. فهم لم يملكوا قدرة تأثير، ولن يملكوا، إلا إذا أصبح التخلف مقصد أمة.. وهو ما لن يحدث.. فنحن من قفزنا من عصر الدرس بعد صلاة الفجر ولم نكن وقتها نعرف معنى كلمة «جامعة» وأصبحنا الآن محاطين بأرقى الجامعات وتنوّعات التقنية.. هنا أعود إلى أوثق البراهين.. عندما أقارن بين التعبير العفوي.. الشعبي العواطف والمسافات عند عودة الملك عبدالله إلى الرياض متعافياً بعد رحلة العلاج، وكان الناس العاديون.. أمهات بأبناء.. شباب بمختلف مراحل العمر ومختلف المستويات ومختلف نوعيات التعليم، يملؤون المسار من مطار الملك خالد في الرياض إلى متوسط ميادين العاصمة.. لم يكن عرضاً مرتباً.. وإنما كان تدافع وسائل ومشاعر تعبير لم تقتصر على الاستقبال ولا على اليوم الأول، حيث عبّر الناس بعفوية عن مدى توغّل مكان اسم الرجل الكبير في قلوبهم وعواطفهم.. قابل ذلك وقتها في مدن عربية أخرى مظاهر قلق وخوف وبدايات دماء.. هذه المظاهر الآن هي أكثر انتشاراً وأكثر صعوبة.. لكننا نجد في نوعية واقعنا الراهن الآن روعة ما قدمته مدينة جدة.. مديتنا الأكثر تبكيراً في تعليمها وثقافتها.. من انتشار مظاهر الترحيب، تعابير المحبة، بنفس مشاعر الرياض، بنفس نوعيات مختلف التكوين السكاني الذي خرج من المنزل ليجعل الميادين.. رجالاً ونساءً.. مواقع إعلان.. بعفوية واضحة تمتلئ بأمطار العواطف ترحيباً بالأب الكبير.. الكبير في علمه وعمله وخطط تطويره..