يصعب أن توفّر اختباراً عفوياً يعطي الشخص الواحد من بين أكثر من ثلاثة آلاف مشترك لا يعرف واحد منهم الآخر فرصة رأي باستقلالية انفرادية تامة وخاصة.. متفقاً مع أكثر من ثلاثة آلاف غيره في غضون ساعات محدودة.. إن أرقى الانتخابات في أرقى الدول وعياً وممارسة تعتبر نفسها بلغت ذروة حرية الرأي حين تتوفّر الاستقلالية رأياً وممارسة عند من يُدلي بصوته.. الشيء نفسه لو كان الأمر يعنى التأكد من معلومة مصداقية تتعلق برأي أو موقف يخص مضمونه الناس فيما يفيدهم، أو عكس ذلك.. دائماً في امتحانات الرأي حول تقصّي حقائق مختلفة المضمون والغايات يكون الاكتفاء بخمس مئة شخص يشترط أن تكون مساءلتهم قد أتت عفوية، وألا يكون قد تم تحضيرهم لإبداء رأيهم في تلك المساءلة.. بالتأكيد نحن في جريدة «الرياض» لم نطلب من الناس.. أي ناس.. ومن أي مستوى.. أن يعطونا ردود فعلهم العاطفية والوطنية عند تلقيهم خبر الديوان الملكي عن أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز يعاني وعكة صحية بسبب انزلاق غضروفي.. فالملاحظ أن ردود الفعل لم تتأخر دقيقة واحدة رغم ورود الخبر ليلاً.. الذي حدث هو أن الناس اندفعوا.. نعم اندفعوا.. عبر موقع «الرياض نت» وبعدد كثيف للغاية تجاوز الثلاثة آلاف مشارك، جميعهم تحدثوا عن مشاعرهم وعواطفهم فور تلقّيهم الخبر.. ما حدث.. هو استفتاء شعبي مطلق حدث عفوياً، ومن النادر - إن لم يكن المستحيل - أن يحدث في أي دولة أخرى.. ليس عربياً ولكن عالمياً أيضاً.. في أكثر الأخبار أهمية، أو الأحداث أو التفاعلات وطنية وشخصية.. من النادر أن يرتفع مَنْ يسجّلون الآراء على أكثر من ثلاث مئة شخص.. لنقل خمس مئة.. أما الألف، وفي زمن وجيز جداً كهذا، فهو في حده برهان جزالة وجود مَنْ يعنيه الموضوع، إذاً ما هو الحال ونحن أمام ارتفاع رقم المبادرين بتقديم صادق عواطفهم إلى أكثر من ثلاثة آلاف شخص.. ولو أن المتابعة استمرت 24 ساعة لتجاوز الرقم خمسة آلاف، لكن ظروف الطباعة حتّمت التوقف ليس في الاستقبال ولكن في توقيت الرقم.. ** إن صاحب أي شهرة شعبية.. زعيم، عالم، مفكر، مخترع، مصلح اجتماعي، مساند إنساني، كاتب.. لا يحلم أن يحصل على هذا الاندفاع الهائل في موكب تقديم العواطف الصادقة التي لم تُطلب لكنها أتت عفوية وباندفاع ولاء ومحبة.. رجل نادر.. عبدالله بن عبدالعزيز.. يستحق بصدق هذا التدافع العفوي خلف مشاعر نبل العواطف ومصداقية الولاء..