في بداية العام المنصرم طلب المجلس الأعلى الأفغاني للسلام، المكوّن من أكثر من ستين عضواً، تدخل المملكة لإنهاء الحرب المستمرة منذ عشر سنوات في أفغانستان. نفس الطلب كرره كذلك الرئيس الأفغاني حميد كرزاي مرات عدة كان آخرها أثناء زيارته للرياض ولقائه الملك عبدالله في نوفمبر من العام الماضي. وكانت وسائل الإعلام الدولية قد تحدثت عن رغبة حركة طالبان في قيام الحكومة السعودية بترتيب عملية السلام في البلد الذي أنهكته الحروب، وأكدت تلك الوسائل الإعلامية أن السعودية قد رعت محادثات سرية، لم تتحول إلى مفاوضات، مع وفد من حركة طالبان في مكةالمكرمة عام 2008 للتباحث حول قيام السعودية بدور محوري في عملية السلام كطرف يحظى بالمصداقية ولديه رصيد من العلاقات الدولية، ومعرفة شاملة وعميقة بمختلف الفرقاء الأفغان. المملكة وافقت على الانخراط في الجهود المفضية لتحقيق السلام وفق شرطين أعلنهما سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في مؤتمر دولي حول أفغانستان في لندن: الأول أن يأتي الطلب رسميا من أفغانستان، والثاني أن تقطع طالبان علاقاتها بالإرهابيين، وأوضح سموه أن مواصلة طالبان صلاتها مع ابن لادن تعني أن الحركة لن تأتي للمفاوضات بموقف إيجابي .. للأسف كان التزام طالبان باتفاقها مع ابن لادن سببا في إغلاق نافذة الأمل في إحلال السلام. اليوم، بعد عقد ونصف من الحرب المفتوحة بين الولاياتالمتحدة وزعيم تنظيم القاعدة، وبعد أن استطاعت الأولى أن تقتل حامل لواء الحرب ضدها، ثمة أمل في إحياء عملية التفاوض من جديد للوصول للسلام المنشود. فالتزام طالبان كان مع ابن لادن، الذي كانت له أياد بيضاء على الحركة، ولم يكن مع القاعدة. وليس من المرجح نجاح خليفة ابن لادن في ربط القاعدة بطالبان. ناهيك عن أن زعامة التنظيم ليس من البساطة أن يُعقد لواؤها لشخص يحظى بالإجماع. فالملاحظ أن القاعدة تعاني دائما من إيجاد البديل المناسب بعد مقتل قادتها الميدانيين. فبعد مقتل عبدالعزيز المقرن كسر ظهر التنظيم في السعودية، وبعد مقتل الزرقاوي ضعف التنظيم بشدة في العراق، بل وحتى فكر القاعدة لم يعد يجتذب تعاطف عامة الناس في العالم الإسلامي كالسابق. لذا فالمتوقع أن يشكل مقتل أسامة بن لادن ضربة قاسية جدا للتنظيم تجعله يواجه موجة طويلة من المعارك الداخلية، تماما، كما حدث لدى المجاهدين الأفغان بعد الانسحاب السوفياتي. مقتل ابن لادن ستكون له تداعيات كبيرة. لنأمل أن يكون إحلال السلام في أفغانستان أولها..