الحقيل: توجيهات ولي العهد في القطاع العقاري تعزز توازن السوق وتحفز الاقتصاد    نائب أمير منطقة مكة يستقبل الذين قدموا التهنئة بمناسبة عيد الفطر المبارك.    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    "أمانة الطائف" تنهي استعداداتها لعيد الفطر المبارك    فترة انتقالات قصيرة ومبكرة لدعم بايرن ميونيخ ودورتموند المشاركين في «مونديال للأندية»    الجمعية السعودية للإدارة الصحية بالشرقية تطلق مبادرة "عيدنا أنتم 5"    جمعية مراكز الاحياء ممثلة في مركز حي قروى يقدم هدايا العيد    جمع مهيب في صلاة عيد الفطر في مسجد قباء بالمدينة المنورة    إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة بيشة تُنهي استعداداتها .    مختص ل «الرياض»: 7% يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي خلال الأعياد    أنشيلوتي: مبابي مثل رونالدو    أكثر من 122 مليون قاصدٍ للحرمين الشريفين في شهر رمضان للعام 1446    وسائل إعلام: ترامب يعتزم زيارة السعودية في منتصف مايو    أمطار رعدية مصحوبة بزخات من البرد على معظم مناطق المملكة    ما أصل "العيديّة"، وكيف تغيّر اسمها عبر العصور؟    ترامب: لا أمزح بشأن سعيي لفترة رئاسية ثالثة    أمير منطقة تبوك يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    أسعار النفط تتراجع وتتجه نحو أول خسارة فصلية منذ فصلين    الذهب يسجل رقمًا قياسيًا جديدًا بدعم من الطلب المتزايد والمخاوف الاقتصادية    فعاليات عيد الطائف تجذب 200 ألف زائر    المعالم الأثرية بالأحساء تجذب الأهالي والمقيمين في عيد الفطر    بطابع الموروث والتقاليد.. أهالي حائل يحتفون بالعيد    فعالية تراثية في نجران احتفاء بعيد الفطر    إطلالة على اليوم العالمي للمسرح    خالد بن سلمان يستقبل قادة وزارة الدفاع وكبار مسؤوليها    المملكة ترحب بتشكيل الحكومة السورية    قائد الجيش السوداني: لا سلام مع «الدعم السريع» إلا بإلقاء السلاح    فيصل بن مشعل يرعى حفل أهالي القصيم بعيد الفطر المبارك    خادم الحرمين: أدام الله على بلادنا أمنها واستقرارها وازدهارها    ولي العهد يؤدي صلاة العيد في المسجد الحرام.. ويبحث المستجدات مع سلام    «سلمان للإغاثة» يوزّع 644 سلة غذائية في محلية بورتسودان بولاية البحر الأحمر في السودان    انقطاع الكهرباء عن مئات الألوف في شرق كندا بسبب عاصفة جليدية    إنجاز إيماني فريد    رابطة الأندية المصرية تلغي عقوبة خصم 3 نقاط من الأهلي بعد انسحابه أمام الزمالك    الأمانة والدواء البديل.. رأي أم مخالفة؟!    جولة مسرحية لتعزيز الحراك الثقافي بالمملكة    «الإذاعة والتلفزيون» تميزت في محتوى رمضان    نتج عنه وفاتها.. الأمن العام يباشر حادثة اعتداء مقيم على زوجته في مكة    بنهاية شهر رمضان.. تبرعات إحسان تتجاوز 1.8 مليار ريال    بين الجبال الشامخة.. أبطال الحد الجنوبي يعايدون المملكة    عيد الدرب.. مبادرات للفرح وورود وزيارات للمرضىع    جوارديولا غاضب بسبب موسم مانشستر سيتي    ولي العهد ورئيس الوزراء اللبناني يبحثان العلاقات الثنائية    ولي العهد وسلام في صلاة العيد.. لقطة تعكس ثقة السعودية في القيادة اللبنانية    خادم الحرمين: أهنئكم بعيد الفطر بعد صيام شهر رمضان وقيامه    توقعات بهطول أمطار غزيرة على 7 مناطق    ارتفاع حصيلة قتلى زلزال ميانمار إلى أكثر من 1000    ثنائية مبابي تهدي ريال مدريد الفوز على ليجانيس    كاميرات المراقبة تفضح اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية    896.551 شحنة بريدية تم تسليمها يوميا برمضان    العيد انطلاقة لا ختام    1320 حالة ضبط بالمنافذ الجمركية    ولي العهد يوجه بتوفير أراض مخططة ومطورة للمواطنين في الرياض    تجمع الرياض الصحي الأول يحقق أرقاماً قياسية في ختام حملة "صم بصحة"    أبشر بالفطور تختتم أعمالها بتغطية محافظات الشرقية و توزيع ٥٠ الف وجبة    تجمع الرياض الصحي الأول يُطلق حملة «عيدك يزهو بصحتك» بمناسبة عيد الفطر المبارك 1446ه    أكثر من 70 ألف مستفيد من برامج جمعية الدعوة بأجياد في رمضان    حليب الإبل إرث الأجداد وخيار الصائمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العريفي .. من الوعظ إلى المحاكمة !
نشر في الرياض يوم 30 - 04 - 2011

لِيم الأفراد المحتسبون في معرض الكتاب قبل أيام، ونُظر إلى عملهم على أنه اجتهاد في غير محله؛ لكن رحم الأحداث جادت لنا بما لم يكن في الحسبان، جاد لنا تقادم الزمن بقولٍ، قفز من ضفة الاحتساب إلى ضفة الاتهام والإدانة، كنّا نستغرب عمل المحتسبين فجاءنا العريفي بما لا طاقة لنا به، جاءنا عنه قول، أضحينا نترحم على أولئك المحتسبين، ووعيهم وخلل منهجهم، ودارت في أذهاننا تلك المقالة الجماهيرية: من جرّب غيري عرف قدري!
كنّا مع أولئك نتجاذب على توتر بيننا أطراف الحديث والحوار، يغلب بعضنا بعضا، ويرد بعضنا على بعض، تقودنا العواطف حينا، وتحجزنا العقول حينا؛ لكن العريفي أغلق أبواب الحوار والمساجلات الفكرية، وفتح أبواب الطعن والاتهام، فأراد لنا ولن نقبل منه أن نحتسب على الناس من جديد؛ لكنه احتساب يفتقد روح الاحتساب وشكله، أراد منا أن نحتسب على الناس في إلصاق التهم بهم وإضفاء الإدانات عليهم، أراد منا ولم يوفق أن نتحول من دعاة خير إلى مروجي إدانات وموزعي أحكام، حين سمعت منه ذاك تذكرت قول أوس بن حجر:
أيتها النفسُ أَجْملي جَزعا
إنّ الذي تحذرينَ قد وقعا
إنّه احتساب أعمى، نسف منظومة الاحتساب والدعوة وبنودهما، ألقى بمنطق الدعوة، واستعاض عنه بمنطق التهمة والمحاكمة، وأقبل كجمل هائج، يطأ هذا، ويُرهب ذاك، وهل ثمة سبيل آخر بعد إغلاق نوافذ الحوار بمثل عمالة من تُحاوره سوى أن تفعل به ما يفعله ذلكم الجمل الهائج؟
لم يكن النقد للصحافة والصحفيين في بلدنا شيئا جديدا، فثمة مناوشات من هنا وهناك؛ لكن جديد العريفي أن لَفّ النقدَ بلباس العمالة، فأصبحت صحفنا اليومية وكتابها المختلفون والقادمون من كل مشرب ثكناتٍ عسكرية لدول قريبة أوبعيدة، إنّ جديد العريفي أنْ تحوّل في خطابه من العزف على وتر الدين إلى الضرب على وتر المواطنة للدولة، كان هو وأمثاله بالأمس يقولون: علماني، ليبرالي، كانت تلك كما يظنون حربا باسم الإسلام والولاء له، واليوم بدأ نسج خيوط معركة جديدة، قوامها الدولة والمواطنة، من الولاء للدين إلى الولاء للوطن، هكذا يتشكل خطاب العريفي وغيره حسب رياح الأحداث، كان الإسلام قلب الحدث فأضحت المواطنة قلبه، عجزوا عن ارتحال الدين، فآثروا رواحل المواطنة، لعلهم أن يظفروا بمحاكمة مخالفيهم؛ لكن حالهم مع المواطنة لم يكن بأحسن من حالهم مع توظيف الإسلام.
إذا كان الانفتاح الإسلامي الذي يعيشه المسلمون في أرجاء المعمورة اليوم أفشل مشاريع ذوي خطابات المحاكمة والاتهام، وأظهر للناس أنّ الأمر أيسر من هذا الوعي الضيق، فقد كشف أيضا أنّ ما يجري من تسخير مفهوم العمالة للخارج ليس سوى تجريب أسلحة جديدة لهدف واحد، لم يتغير بعد، إنه محاكمة الآخرين والمخالفين وليس دعوتهم وتقديم النصح لهم لقد أفاء الانفتاح على المسلمين وعالمهم شيئا من الهدوء والرزانة، فأصبحوا يؤمنون بالتنوع، ويؤمنون أيضا أنّ ثمة سبلا كثيرة لمعالجة هذا التنوع والاختلاف عدا سبيل التهمة وسوء الظن.
إنّ من عجائب الأحوال أن يتم تصنيف الناس أمام الدولة التي يعملون لها، ويسعون في مصالحها، إنّ من الغرائب أن يتبرع خطيب جمعة في تعريف الدولة بعمالة صحفها الرسمية وكتابها، لقد فطن لأدواء، لم يفطن لها الراعي الرسمي.
إنّ المحتسبين في درب إلباس الناس مصطلحات الاتهام والمحاكمة يصطدمون بأبجديات الاحتساب الشرعي، إنّ هذا وذاك من جملة الوعاظ الذين حين يقع منهم التصنيف يُلامون أشد اللوم، فهم أهل هداية ورشاد، فكيف ضلت بهم السبل، فسلكوا مسارب التهمة وسوء الظن، كيف ينفع الواعظ مع قوم، يتهمهم ويسيء الظن بهم؟ يكفي المرء إن أعوزته الحيلة أن يطرح ما يرى الناس تركوه، أوخالفوه، عليه أن يسدّ النقص، وما أكثره فيه وفي غيره، فلو كنا نحتكم إلى ما تركناه وأخللنا به، لخرجنا جميعا من الميدان ضلالا غير أوفياء، لو كنا جميعا نعتسّ (نطوف ليلا) خلف النقص والإخلال لما بقي أحد خارج دائرة الظن والتهمة، وصدق بشار حين قال:
كلُّ حي يقالُ فيه وذو الحِلْمِ
مُريحٌ وللسفيهِ الشقاءُ
ليس منّا مَنْ لا يُعابُ فأغضي
رُبَّ زارٍ بادٍ عليهِ الزَّراءُ
لم يكن العريفي إن أبى في هذه القضية منطق الدعوة، ومال إلى منطق المحاكمة مضطرا في التعبير عن رأيه أن يركب منبر الخطابة، الخطابة التي جُعلت للناس فيما يصلح دينهم ودنياهم، فتذهب به الأحوال إلى تفريغ شيء من حرارة عاطفته تجاه مَنْ يخالفه في الرأي، فتفقد الخطبة هدفها الديني، أوشيئا منه، إن الرجل قد أخطأ مرتين؛ الأولى حينما عيّر إخوانه بمثل تلك الأوصاف، والثانية حينما وظّف خطبة الجمعة في تحقيق هدفه، فخرج بها عمّا وُضعت له.
إنّ ما قاله العريفي وليس يختلف عنه كل من رضي بنهجه من أي طيف كان حرب على الحوار، وحرب على حرية التفكير والاختيار، التي ترسم الدولة لها طريقا، يعود عليها وعلى مواطنيها بالنفع والثمرة، إنّ من أهم ما تعنيه كلمة الحوار الوطني أن ينأى المرء بنفسه عن الاتهام، مهما كانت هوامش الاختلاف منداحة، فلكلٍ سبيلٌ يفصح به عن رأيه، ولكلٍ حق أن يتمثّل بقول الشاعر:
أَقولُ بما صبّتْ عليَّ غمامتي
وجَهْديَ في حبلِ العشيرةِ أحطبُ
فليس مطلوبا من الإنسان أنْ يتبرّع بوصم مخالفيهم وإدانتهم، فمن سلك مثل هذا الدرب لم يكن له حق في بحبوحة الحوار، كيف وقد لغّم أجواءه، وكهْرب حواشيه، وصعّد في لغته؟
إنّ استغلال منبر ديني في ترويج منطق التهمة يفتح الأبواب والنوافذ لبعض الناس أن يُمارسوا هذا الدور، ويسوّغ لكل صاحب رأي أن يسم مخالفه بمثل تلك التهمة، فيخرج الجميع من رزانة الحوار والاختلاف إلى صفاقة الاتهام والإدانة، فهل هذا ما تسعى إليه الدعوة، ويدعو إليه منطقها؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.