يمكننا أن نخوض في جدال طويل حول مفهوم الانتماء، فمن المفهود المحدود للانتماء في إطار القومية أو العرقية أو المناطقية أو الحزبية، للمفهوم الإقصائي الذي فيه لمسة مكارثية في إطار إذا لم تكن معي فأنت ضدي، أو المفهوم الرياضي الذي يقول أنا وفريقي وبس!. الانتماء لا يحدده فقط لون بشرتك أو اللغة أو اللهجة التي تتحدث بها أو شهادتك العلمية وتخصصك الذي تعرفه حق المعرفة أو المهنة التي تمارسها، فأنت قد تعرف نفسك بأنك مدرس أو عسكري أو طبيب أو مهندس أو رجل أعمال أو متسبب كما تقول خانة المهنة في بطاقة الأحوال. وقد تعرف نفسك بأنك ذكر او أنثى متزوج أو أعزب، شمالي الروح أو جنوبي الهوى من محبي الأزرق أو عاشقي الأصفر، من متابعي "الإتي" أو ملاحقي "الأهلي"، وقد تعرف نفسك بأنك من مواليد نجد ومن سكان الحجاز و لك أقارب في الجنوب وأحباب في الشرقية و أصدقاء في الشمال وآخرون ترتبط بهم ارتباطا وثيقا. يمكننا أن نكتب الكثير عن انتمائك، ويمكننا أن نحدد إطارا لهذا الانتماء، نحصره في صورة تضعها على معرفك في برنامج المحادثة الذي تستخدمه لتنشر تعليقا عاما عن الجو وعن المطر الذي جاء أو لم يأت وعن الحر الذي طل فجأة وعن الغبار الذي عطل خططك لآخر الأسبوع أو عن زحام في طريق ما أو عن مزاجك المتعكر قليلا أو السعيد كثيرا أو عبارة فخورة بفوز فريقك المفضل أو تعليقك على حادثة قرأتها في الجريدة أو تذكيراً لزملائك كي يشاهدوا برنامجا ما أو مقابلة ما في هذه الفضائية أو تلك! في النهاية أنت كفرد محصلة أشياء كثيرة تنصهر في بوتقة واحدة تحدد انتماءك الأساسي ألا وهو انتماؤك لوطن... لأرض... لمدينة... لهوية تحملها تتشبت فيها جذورك بقوة، هذا الانتماء لا يستطيع أحد أن ينتزعه منك ولا تسمح لأحد أن ينازعك فيه، هذا الانتماء يجمعك مع كل الذين تظن أنك مختلف عنهم أو تختلف معهم أو تعتقد مخطئا أنهم لا يشبهونك ولا تشبههم. الانتماء هنا موقف وليس بكلام تردده أو تقوله حسب المناسبة ولا يمكن لأحد - بما فيهم انت- أن يزايد عليه ، في هذه المرحلة علينا أن ننتبه ،نبتعد عن كل دعوات الفرقة وكل شرارات الفتنة ونتذكر أننا ننتمي للوطن نفسه، لدينا نفس الهموم ونفس التطلعات والآمال و حتما نفس المحبة والولاء.