هناك من يقلّل من أهمية الفحص الطبي قبل الزواج، فيتسبب بذلك - دون أن يعلم- في تهديد مستقبل أطفال أبرياء بعواقب صحية وخيمة؛ لهذا يصبح الكشف الطبي قبل الزواج ضرورة وحماية لكل المقبلين على الزواج، لا سيما في ظل وجود بعض الاحصائيات المقلقة حول الأمراض التي تنتشر وراثياً من خلال زواج الأقارب في المجتمع. ويلاحظ أنه بعد إدخال وزارة الصحة في عام 1425ه برنامج: «فحص المقبلين على الزواج»، أن هناك وعياً كبيراً انتشر بين أفراد المجتمع من خلال طلب البعض إجراء فحوصات أخرى مثل: الأمراض النفسية والمخدرات والمسكرات، الأمر الذي يعكس اهتمام الأسر بمستقبل أبنائها وأحفادها. كنا خائفين في البداية ورافضين بشدة واليوم نطالب بتعميم الكشف على الأمراض النفسية والمخدرات انتشار الأمراض يقول "د.إبراهيم الراشد" -استشاري طب الأطفال والمشرف على عيادة الزواج الصحي في مدينة الملك سعود الطبية بالرياض-: تنتشر أمراض الدم الوراثية ك" فقر الدم المنجلي" و"الثلاسيميا" في عدد من مناطق المملكة بنسب متفاوتة، مضيفاً أن أهم أسباب هذه الأمراض هو زواج الأقارب، لذلك أدخلت وزارة الصحة برنامج: "فحص المقبلين على الزواج"، مع إلزام طرفي العقد بإحضار شهادة الفحص الطبي قبل إجراء عقد النكاح، مشيراً إلى أن مدة صلاحية هذا التحليل هي (6) أشهر من بداية إجراء الفحص، ذاكراً أنه في بداية افتتاح العيادة لم يتجاوز (500) فحص شهرياً، وباقتصارها على فحص "فقر الدم المنجلي" و"الثلاسيميا"، وفي عام 1429 ه، تم إضافة فحص فيروس "نقص المناعة" وفيروسى "التهاب الكبد الوبائي ب و س"، حتى أصبحنا حالياً نستقبل حوالي 2500 - 3000 حالة شهرياً من حالات "برنامج الزواج الصحي". فحوصات أخرى وأضاف: أن وعي المواطنين جعلهم يطالبون بفحوصات أخرى مثل: الأدوية والمخدرات والمسكرات، وهناك من يقوم بإجرائها في المستشفيات المتخصصة لعدم إقرارها في المستشفيات الحكومية، مبيناً أنه أحياناً لا يتقبل المواطنون نتائج الفحوصات، خصوصاً من يكتشفون لديهم قابلية للإصابة بالأمراض الوراثية، بالإضافة إلى أننا نصطدم بعقبة تتمثل في عدم وعي بعض الأسر بالضرر الذي يلحق ببناتهم عند تزويجهن في السن ما دون (15) عاماً، فهناك مخاطر تترتب على ذلك مثل "الحمل المبكر" الذي هو علامة على أن الفتاة لم تكتمل من الناحية الجسمية، بل ولم تكن أعضاؤها قد اكتملت، لافتاً إلى أن الولادة وما يتبع الولادة فيها خطورة وأضرار قد تصيب الفتاة في هذا السن ومن هذه المخاطر سقوط "الرحم" أو تمزق "العجان"، أو تهتك شديد وبالغ في المجاري المجاورة لأعضائها التناسلية، أو ولادتها بالقيصرية ووفاة الجنين، مقترحاً على الأهل تحديد سن الزواج من (16) إلى (18) عاماً. الأفضل بعد الخطبة وحول بعض شروط "برنامج الزواج الصحي" يقول "د.الراشد": يجب على المقبلين على الزواج إعطاء بعض البيانات مثل الاسم والعمر والعنوان؛ لإجراء فحوصات تعداد خلايا الدم، إلى جانب فحص فقر الدم المنجلي، وفحص العزل الكهربائي ل"الهيموغلوبين"، بالإضافة إلى فحص فيروس التهاب الكبد الوبائي(ب) و(س)، وفحص فيروس نقص المناعة المكتسب، مضيفاً: "أُفضل أن يجري الطرفان الفحوصات في نفس المركز، أو إرسال النتيجتين إلى مركز واحد حتى يتمكن الطبيب من مطابقة النتائج؛ وذلك بغرض إعطاء المشورة الطبية حول احتمالية انتقال تلك الأمراض للطرف الآخر عبر الزواج، ومن ثم تحديد الخيارات والبدائل للخطيبين لمساعدتهما على التخطيط لأسرة سليمة صحياً"، مشيراً إلى أن نتيجة التحليل للزواج الصحي تصدر خلال (7) إلى (10) أيام، ذاكراً أن الوقت الأنسب لإجراء تلك الفحوصات هو بعد الخطوبة مباشرة؛ حتى لا تؤدي النتائج السلبية إلى ردود فعل محبطة، لاسيما بعد تجهيزات الزواج. الأجهزة المخبرية المتطورة تفحص «فقر الدم المنجلي» و«الثلاسيميا» و«نقص المناعة» و«الكبد الوبائي» التقليل من الأعباء وأوضح أنه في العادة تصل النسبة إلى (7%) للنتائج غير المتوافقة طبياً، أما إذا كانت النتائج سليمة فبعد الفحص يمنح الطرفان موافقة لإتمام إجراءات الزواج، وفي حال وجود احتمال إصابة الذرية بمرض وراثي يتم تحويل الطرفين إلى عيادة استشارية لتقديم نصائح توعوية للخطيبين، ذاكراً أنه في حال اكتشاف وجود مرض معد يتحول المصاب إلى عيادة متخصصة لتقديم المساعدة ولا يعطى شهادة الموافقة، لافتاً إلى أن برنامج الزواج الصحي برنامج وطني يهدف إلى الحد من انتشار بعض أمراض الدم الوراثية التي تنجم عن زواج الأقارب، وكذلك التقليل من الأعباء المالية الناتجة عن علاج المصابين عن كاهل الأسرة والمجتمع، إلى جانب تقليل الضغط على المؤسسات الصحية وبنوك الدم، بالإضافة إلى تجنب المشاكل الاجتماعية والنفسية للأسر التي يعاني أطفالها من تلك الأمراض، وكذلك رفع الحرج لدى البعض في طلب هذا الفحص، عبر نشر الوعي بمفهوم الزواج الصحي الشامل. نشرة تعريفية في العيادة توضح انتقال الأمراض الوراثية للأبناء أمراض وراثية وتتعدد الأمراض الوراثية، وأحياناً لا يتم اكتشافها إلا بصعوبة، بالإضافة إلى أن بعض الأمراض لا تظهر إلا بعد أن يتجاوز الطفل (6) أشهر، عن هذه الأمراض يحدثنا "د.الراشد" قائلاً: هناك مرض "أنيميا البحر الأبيض المتوسط" أو"الثلاسيميا"، بالإضافة إلى "الأنيميا المنجلية"، مضيفاً: "ينتقل المرض الأول عبر الوراثة وكذلك المرض الثاني، وهناك أمراض تكمن وراثياً في العائلة ولا يتم فحصها إلا في حال وجود قصة مرضية خاصة بهذه العائلة"، وهي أمراض في الغالب لها علاقة بتكسير "خلايا الدم الحمراء"، وتؤدي إلى ضخامة الجمجمة مثلاً، أو تضخم الكبد والطحال بطريقة يصبح معها الطفل في حاجة مستمرة إلى نقل الدم، الأمر الذي قد يؤدي إلى أمراض أخرى مع استمرار نقل الدم، ك"التهاب الكبد الوبائي" و"الأيدز"، وزيادة نسبة الحديد في الجسم، مشيراً إلى أنه فيما يتعلق بمرض "الأنيميا المنجلية" فهو نوع من أنواع فقر الدم وأكثرها شيوعاً في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وفي هذا المرض تأخذ كريات الدم الحمراء شكل المنجل أو الهلال وتتكاثر بصورة غير طبيعية؛ نتيجة لخلل في "الهيموجلوبين"، فتلعب دوراً في إعاقة تدفق الدم عبر الشعيرات الدموية، مما يؤدي إلى انسداد العروق وتسبب آلاما مبرحة، ذاكراً أن الأنيميا المنجلية نوعان، أحدهما يصيب المريض مباشرة، والآخر يصبح المريض حاملا للأنيميا دون ظهور أعراض المرض، وهذا النوع الثاني يمكن اكتشافه عبر تحليل بسيط للدم، مبيناًَ أن من أهم علامات الأنيميا المنجلية في الطفل انخفاض نسبة "الهيموجلوبين"، وشحوب البشرة وانتفاخ في اليدين والقدمين. الأخصائيون في المختبر يباشرون حالات الفحص حرج كبير وعن بعض المشكلات التي تواجه برنامج الزواج الصحي يقول "د.خالد عبد الرحمن" -مدير المختبر المركزي وبنك الدم في مدينة الملك سعود الطبية-: البعض يتأخر عن الفحص إلى ما قبل الزواج بأسبوع، غير عابئ بما يمكن أن تترتب عليه نتيجة الفحص، والتي قد تكون غير متوافقة فيقع في حرج كبير جداًّ مع الأهل والأصدقاء، مضيفاً أن لدينا في المختبر مركزا خاصا بعيادة المشورة، كما يخدم المختبر عدد (1400) سرير، عدا المراجعين في العيادات الخارجية؛ كل هذه الأعداد الهائلة تحتاج إلى وقت أوسع، موضحاً أنه من الضرورة بمكان لطالبي فحص ما قبل الزواج إجراء الفحوصات المخبرية في مرحلة الخطبة، لا عند قرب موعد الزواج. د.خالد عبد الرحمن ثلاثة مختبرات وأكد على أن وزارة الصحة ستتوسع في إنشاء ثلاثة مختبرات جديدة، مواكبةً لازدياد سكان المملكة، لا سيما مدينة الرياض، والوزارة الآن في طور الانتهاء من إنشاء المختبر الوطني للأمراض بمقاييس عالمية تجعله الأكبر والأحدث على مستوى الشرق الأوسط، مبيناً أنه في جنوبالرياض سيتم إنشاء المختبر الإقليمي لمنطقة الرياض، أما هنا في مدينة الملك سعود الطبية فسينشأ مختبر خاص بالعيادات والفحوصات المخبرية، وبذلك سيسعى المختبر المركزي دائماً إلى تطبيق رؤيته في استثمار الأجهزة والإمكانيات الضخمة الموجودة فيه بصورة تعود بفائدة أكبر على المدينة والمجتمع، فهو مختبر تمتاز الأجهزة فيه بالحداثة والدقة والسرعة في إظهار النتيجة، مشيراً إلى أنه بمجرد وضع العينة المطلوبة يقوم الجهاز بفصل كل فحص على حدة وتحليله، ومن ثم مطابقة العينات وإرسال النتيجة لملف صاحب العينة بدون تدخل من الفني أو الأخصائي، كما أن هذا الجهاز مربوط بالشركة المصنعة الأم في حالة العطل أو الحاجة إلى تحديث في النظام، مشيداً بدور أصدقاء بنك الدم ذوي الفصائل النادرة، في تعاونهم وتفاعلهم مع البنك. عملنا رقابي أما "نوال العنزي" -أخصائية المختبر وتعمل به منذ 8 سنوات- فتحدثت عن طبيعة عملها في المختبر الذي يضم إلى جانبها العشرات من الموظفات، قائلةً: سابقاً كنا نبذل جهوداً طويلة في عملية فرز العينات وفصلها وتحليلها، أما الآن ومع إدخال أحدث الأجهزة المخبرية، فإننا نسحب العينة من المريض، ومن ثم يؤدي الجهاز دوره في العملية التحليلية مثل فصل الدم، وإظهار تاريخ الحالة المرضية، وأخيراً إدخال النتيجة لملفه الطبي، مشيرةً إلى أنهن يراقبن ويباشرن يومياً ما بين (600) إلى (700) تحليل، أما في موسم الحج والصيف فتصل إلى أكثر من (1000) تحليل.