أبتلي العالم العربي والإسلامي منذ ما يزيد على نصف قرن بقيادات أتت على ظهور دبابات ذات توجهات وتطلعات غريبة وعجيبة أدارت دفة الحكم في دوله باتجاهات لا تخدم مصالح شعوبه، ولا تحافظ على ثرواته وطموحات أبنائه، بدءاً من الثورة الناصرية في مصر الشقيقة التي كانت محط آمال الشعب المصري، ولكن مع تقدم الأيام والسنين انحرفت بوصلتها عن الاتجاه الصحيح، وتكررت الأخطاء الفادحة والعثرات الكبيرة ما خيب أنظار من رأوا فيها الأمل القادم المبشر بنهضة ووحدة عربية، تقف في وجه أطماع الصهيونية والمتأبطين شراً بالأمتين العربية والإسلامية فخاب الظن وخسر الرهان وخبت الطموحات وتضاءلت الآمال، فكانت الخيبة كبيرة والخسارة أكبر، وتتالت بعدها الثورات في أغلب البلدان العربية، وتهاوت عروش، ومع استبشار أهالي تلك البلدان خيراً بهذه الثورات والعهود، إلا أنها كانت دون الطموحات والآمال، وندموا على ما كانوا فيه قبل تلك الثورات من استقرار وأمن. كان ممن قدموا على ظهور الدبابات في غفلة من الزمن ملازم، وإن كان غير صائب أو شاذ ومنح نفسه رتباً عسكرية لا يستحقها، ولم يكن جديراً بها، وكنى نفسه بكنيات هو ليس أهلاً لها، وأعطى بلاده اسماً أكبر منها، وعبر عن طموحات هي أكبر منه وأكبر من بلاده، ولم يحظ بمحبة لا من شعب بلاده، ولا من قادة وشعوب العالم، ولكن لأن بلاده تمتلك مخزوناً كبيراً من النفط الخفيف والقريب من السوق الأوروبية التي هي بحاجة إلى نفطه، ثم سحب ما تدفعه له لقاء هذا النفط من أموال مقابل أسلحة وترفيه له ولأبنائه وحاشيته، وإرضاء كبريائه وغروره وصلفه. اليوم بعدما هب الشعب الليبي وانتفض على هذا الظلم والاستبداد، استيقظ هذا المعتوه على وقع هذه الهبة، وبدأ في استخدام كل ما لديه من قوة هو والمنتفعون من حوله، وجلب المرتزقة الموجودين منهم في ليبيا وفي البلدان الإفريقية الفقيرة المجاورة، الذين اشتراهم بالمال، بل استعان بالصرب والكروات والاكرانيين وغيرهم كثير، حتى إن ابنه (سيف الإسلام المثلوم) لم يتورع عن الذهاب إلى إسرائيل لطلب المدد من خبراء القتل والفتك والأسلحة المحرمة دولياً، ولكن كل ما يفعله القذافي اليوم وأبناؤه وحاشيته هو رقصة الموت، فالشعب الليبي قد شق طريقه نحو الخلاص والانعتاق من عهد العبودية والظلم والاستبداد، إلى فجر جديد يبشر بإذن الله بنور يضيء الظلمة من ليل ليبيا البهيم.. أعانهم الله ورحم الله شهداءهم ولله في ذلك شأن وحكمة.