الذهب ينخفض وسط آمال بتهدئة توترات الحرب التجارية    المملكة تسرّع خطواتها نحو 2030.. أرقام قياسية ومؤشرات متقدمة    93% من مؤشرات برامج تحقيق رؤية 2030 تجاوزت المستهدفات المرحلية    "حديث المكتبة" يستضيف مصطفى الفقي في أمسية فكرية عن مكتبة الإسكندرية    إمام المسجد الحرام: الإيمان والعبادة أساسا عمارة الأرض والتقدم الحقيقي للأمم    إمام الحرم النبوي: حفظ الحقوق واجب شرعي والإفلاس الحقيقي هو التعدي على الخلق وظلمهم    تنفيذ ورشة عمل لاستعراض الخطط التنفيذية للإدارات في جازان    بيولي: هدفنا الآسيوية وجاهزون ليوكوهاما    فيرمينو: متحمس لمواجهة بوريرام    هيئة تطوير وتعمير المناطق الجبلية بجازان تستعرض مشروع زراعة أشجار الصندل في "أسبوع البيئة 2025"    "الأونروا": نفاد إمدادات الدقيق والوقود ولقاحات الأطفال في قطاع غزة    مبادرة لرعاية المواهب السعودية في قطاع الجمال    الشيخ صلاح البدير يؤم المصلين في جامع السلطان محمد تكروفان الأعظم بالمالديف    المعلق الرياضي محمد البكر: ما تمر به الكرة السعودية عصر ذهبي بوجود أفضل وأشهر نجوم العالم!    نيوم.. في دوري روشن    تقلص الجليد القطبي    مملكة الخير والإنسانية    محافظ الزلفي يرأس اجتماع المجلس المحلي الثاني    مخاطر في الذكاء الاصطناعي    الفاكهة الاستوائية.. قصة نجاح    رؤية 2030    الرياضة السعودية.. نهضة وتنمية مع الذكرى التاسعة لرؤية 2030    خشونة الورك: الأسباب.. التشخيص.. العلاج.. الوقاية    محافظ صبيا يشيد بجهود رئيس مركز العالية ويكرمه بمناسبة انتهاء فترة عمله    محافظ صبيا يكرم رئيس مركز قوز الجعافرة بمناسبة انتهاء فترة عمله    الاستثمار بالتراث الوطني    الشعر في ظل رؤية 2030    تركي آل الشيخ رئيساً للاتحاد السعودي للملاكمة للدورة الانتخابية 2024- 2028    انطلاق فعاليات بطولة القصيم للخيل العربية الأصيلة في ميدان الملك سعود للفروسية بمدينة بريدة    اللواء الودعاني يدشّن مشاريع تطويرية لتعزيز قدرات حرس الحدود    رئيس نادي الثقافة والفنون بصبيا يكرّم رئيس بلدية المحافظة لتعاونه المثمر    بلدية صبيا تدعو للمشاركة في مسيرة المشي ضمن مبادرة #امش_30    8 ميداليات حصيلة أخضر البلياردو والسنوكر في بطولة غرب آسيا 2025    ذكاء اصطناعي للكشف عن حسابات الأطفال في Instagram    أطعمة للتخسيس بلا أنظمة صارمة    "سعود الطبية" تسجّل قصة إنقاذ استثنائية لمريض توقف قلبه 30 دقيقة    تنمية جازان تشارك في مهرجان الحريد ال21 بجزيرة فرسان    بناءً على توجيهات ولي العهد..دعم توسعات جامعة الفيصل المستقبلية لتكون ضمن المشاريع الوطنية في الرياض    جامعة بيشة تدخل لأول مرة تصنيف التايمز الآسيوي 2025    1024 فعالية في مهرجان الشارقة القرائي    ناقش مع الدوسري تعزيز الخطاب الإعلامي المسؤول .. أمير المدينة: مهتمون بتبني مشاريع إعلامية تنموية تبرز تطور المنطقة    9 أفلام يابانية في مهرجان أفلام السعودية    جامعة الفيصل تحتفي بتخريج طلاب "الدراسات العليا"    الرجيب يحتفل بزواج «إبراهيم وعبدالعزيز»    القبض على 5 باكستانيين بالرياض يروجون "الشبو"    لبنان.. الانتخابات البلدية في الجنوب والنبطية 24 مايو    منصة توفّر خدمات الإبلاغ عن الأوقاف المجهولة والنظار المخالفين    ملك الأردن يصل جدة    خارطة طموحة للاستدامة.."أرامكو": صفقات محلية وعالمية في صناعة وتسويق الطاقة    10 شهداء حرقًا ووفاة 40 % من مرضى الكلى.. والأونروا تحذّر.. الاحتلال يتوسع في جرائم إبادة غزة بالنار والمرض والجوع    أكدا على أهمية العمل البرلماني المشترك .. رئيس «الشورى»ونائبه يبحثان تعزيز العلاقات مع قطر وألمانيا    منجزاتنا ضد النسيان    وادي حنيفة.. تنمية مستدامة    التصلب الحدبي.. فهم واحتواء    نحو فتاة واعية بدينها، معتزة بوطنها: لقاء تربوي وطني لفرع الإفتاء بجازان في مؤسسة رعاية الفتيات    فرع وزارة البيئة بنجران يواصل فعاليات أسبوع البيئة 2025، "بيئتنا كنز"        أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج الدفعة ال55 من طلاب وطالبات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليبيا والتدخل الدولي... وممانعة بلا رصيد!
نشر في الرياض يوم 28 - 03 - 2011

ماذا كان بإمكان هؤلاء أن يقدموا للشعب الليبي وهو يتعرض لأبشع آلة التصفية والتنكيل.. ماذا كان بمقدور حلف الممانعة ان يصنع للشعب الليبي أمام استباحة نظام القذافي؟ فقط تجرح مشاعرهم الرومانسية العروبية مشاهد التدخل الغربي.. لكن لا تحرك سواكن مشاعرهم العروبية الخالصة مشاهد قتل آخر إنسان ليبي يرفض القمع وينشد الحرية؟!
لم يكن طلب التدخل الدولي في الوضع الليبي أمراً سهلًا على الثوار الليبيين أنفسهم، كما لم يكن أمرا يسيرا على أي عربي ليقبل به ناهيك أن يدعو له لولا تلك المشاهد المروعة التي صنعتها آلة القذافي العسكرية لتحيل مدن ليبيا المنتفضة على استبداده الطويل خرابا وحرائق وأشلاء ودماء.
بين الضرورة الاخلاقية وبين ممانعة بلا رصيد، يتوقف العرب عند دعم او رفض هذا التدخل... بين الشعور الفائق بكارثية نظام لم يعد له شبيها في العالم، وبين محاولة تخريج صورة ليست دقيقة، ومقارنات لا صلة لها بالواقع، وفي زمن وظروف مختلفة، ثمة محاولات لتشويه ملامح ثورة شعبية بدأت بانتفاضة سلمية وانتهت الى مواجهة دموية.
استدعي هذا، لأن ثمة محاولة لإجهاض التعاطف والدعم للشعب الليبي الثائر على الظلم والقمع والترويع، ولان هناك من يحاول ان يشبه المجلس الوطني الليبي بتحالف المعارضة العراقية عشية الغزو الامريكي للعراق.
ثمة محاولات تستهدف الانقلاب على حالة التعاطف مع مطالب الشعب الليبي لتعيد قراءة المشهد باعتباره غزوا فاتكا بالشعب الليبي، ومؤطرا بمصالح الغرب واقتسام كعكعة النفوذ والنفط في ليبيا.
وليس أعجب من بيانات ومقالات وتوجهات لا أعتقد ببراءتها، بدأت تستعيد زمام المبادرة لتحريك جبهة مضادة للتدخل الدولي، وهي تلعب على حبال المقارنات المبتورة من سياقاتها، فلماذا ليبيا دون اقطار عربية اخرى تشتعل فيها انتفاضات شعبية، تحت حجية ان الغرب وجد فرصته السانحة للتدخل في رسم خرائط النظام في بلد عربي آخر؟
لا يتوقف هؤلاء كثيرا عند مسألة النظام المستبد الدموي، الذي ينفصل في لحظة أزمته عن شعبه، ويصبح خطرا ماحقا على مواطنيه، ويوظف جيشه وسلاحه ومرتزقته، وقدرات وامكانات واموال شعبه لسحق مدن وثوار ورافضين ومنتفضين في وجه القمع والاستبداد الطويل.
لا يتوقف هؤلاء كثيرا عند مسؤولية القمع والطغيان والاستبداد في جلب التدخل الاجنبي.. لا يتوقف هؤلاء عند احتكار السلطة والنفوذ والمال والثروة لقمع الشعب واستعادته لسجن النظام. لا يتوقف هؤلاء عند هذا التدخل الذي لم يأت إلا والشعب الليبي على حافة المذبحة وهي تطرق ابواب بنغازي.
لقد جاء هذا التدخل وسط ثورة شعبية، فهناك شعب انتفض لحريته وكرامته وحقوقه. لا يستعيد هؤلاء رؤية نظام وضع شعبه بين خيارين: إما ان احكمكم او اقتلكم. ولم يكن عبدالرحمن شلقم مندوب القذافي السابق في الامم المتحدة بعيدا عن عقل القائد ليضع ابلغ تعبير على لسانه في نظرته لذاته ولشعبه.
التشكيك بنوايا التدخل الغربي، قد يكون مبررا، وهو جزء من تداعيات ذاكرة عربية تحمل في مخزونها قلقا كبيرا من التدخل الغربي العسكري.. وهذا أمر يمكن فهمه وتقديره، إلا أن بعض ما يتم توسله لمقاومة هذا التدخل او التشكيك بأهدافه يبدو أحيانا ذرا للرماد في العيون.. وعندما يتم تجاهل اسباب التدخل، وعندما تتراخى المنظومة الاخلاقية القيمية والانسانية في دعم انتفاضة شعب عربي يطالب بحقوقه ويحاول ان يستعيد كرامته وحريته.. ثم إنها محاولات لا تكف عن استدعاء أن ليبيا شأنا ليبي خالص، لا حق لاحد ان يتدخل فيما يجري فيها.. وكأن هؤلاء لا يعنيهم أن تقضي آلة الحرب المجنونة للنظام على آخر ليبي فقط لأنه يطالب بحريته من قبضة نظام لم يجن منه سوى هدر الحقوق وتبديد المستقبل .
وإذا كان الثوار، وهم ليبيون وليسوا فلولًا قادمة من جزر الواق واق او مجموعة مرتزقه طلبوا هذه الحماية فهم غير معنيين بهم، وإذا كان المجلس الوطني الانتقالي يعبر عن تطلعات الشعب الليبي في الحرية والكرامة في مواجهة استبداد وطغيان القذافي فهذا أمر لا يعنيهم ... وأما ان تحاصر مدينة مثل الزاوية على مدى شهر يذبح شعبها كل يوم، او تقتل مصراته بالقذائف والصواريخ بحرب إبادة شهد العالم فصولها يوما بيوم .. فهي لا تمثل قضية تستحق التوقف بل لا قضية أكبر من قضية التدخل الدولي.. إنهم من يقرر ويحدد ويرفض ويفسر ويقبل، وفي ذات الوقت يطلبون بطريقة تميّع ليس فقط الموقف من مسار ثورة شعب بدأت حركته باحتجاج سلمي وانتهت بمواجهة عسكرية مع نظام لم يتورع عن استخدام كل ما يملك من سلاح لسحق المدن المنتفضة والثائرة..
الشعب العربي من المحيط للخليج، أصبح أكثر وعيا بمسار هذه الثورة منذ يومها الاول، وأصبح أكثر قدرة على تحديد موقفه من نظام لا يشكل له رحيله سوى بارقة أمل في اختفاء نظام قمعي مستبد أورث شعبه الكثير من المآسي.. ولذلك لم يظهر ان هناك اي نوع من التجاوب مع هذه الدعوات ولم تتحرك مظاهرة واحدة رفضا للتدخل الدولي.
هذه المواقف لا يمكن ان تصدر عن مثقفين او منظمات ذات طابع انساني حقوقي، او مصادر صحفية مستقلة وغير متأثرة بالتمويل وتعدد الهويات.. لا يمكن لمثقف ان يدعم ظلامية وظلم المستبد فقط لان اقتلاعه جاء بدعم من قوى دولية تدخلت بموجب قرارات مجلس الامن، وبرغبة جزء كبير متضرر من الشعب الليبي من آلة الاستبداد والطغيان.
التخويف من استعمار جديد، هروباً من مواجهة سؤال استعمار انظمة الاستبداد الوطنية!! لم يعد مجديا ولم يعد ينطلي على شعوب اصبحت تتوق للحرية وتتجاوب معها منظمات ومؤسسات دولية وتحدد على ضوئها الدول الكبرى ايضا مسار علاقتها بأنظمة قادمة تعبر عن إرادات شعبية لابد من الاستجابة لها والتعامل معها.
المسألة اليوم ان هناك ثورة شعبية، ويجب عدم التشكيك بها، وأن توضع الثقة في قيادتها، فهي اقدر على حماية ليبيا من سيطرة قوى التحالف الدولي ... او سرقة منجز انتفاضة شعبية عبر هيمنة قوى التدخل الغربي.
إن ضرب قوات التدخل الدولي لقواعد عسكرية وطائرات وثكنات ومواقع وتجهيزات، والاصابات الناجمة عنها بين المدنيين يصيب العرب وكل ضمير انساني بكثير من الالم والحزن، فالضحايا جزء من ابناء الشعب الليبي، وتلك من مقدرات الشعب الليبي.. اشتريت بأمواله التي وظفت لشراء السلاح والذمم ورشوة الدول والزعامات على حساب شعب ظل ينشد فقط الانعتاق من قبضة نظام جلب البؤس والخراب والتدخل الدولي في بلاده.
ماذا كان بإمكان هؤلاء أن يقدموا للشعب الليبي وهو يتعرض لأبشع آلة التصفية والتنكيل.. ماذا كان بمقدور حلف الممانعة ان يصنع للشعب الليبي أمام استباحة نظام القذافي؟ فقط تجرح مشاعرهم الرومانسية العروبية مشاهد التدخل الغربي.. لكن لا تحرك سواكن مشاعرهم العروبية الخالصة مشاهد قتل آخر انسان ليبي يرفض القمع وينشد الحرية؟!
أما ترويج اهداف التدخل الخفية ومصالح الدول المشاركة في كعكة ليبيا النفطية، فهو يثير السخرية أكثر منه إلى وجاهة الاستدعاء. فهذا النفط لن يشربه الليبيون، وعقود القذافي قائمة مع شركات أجنبية، وهو سيباع في كل الاحوال على الدول الاوروبية وسواها. وقد وجّه القذافي اموال النفط لشراء الذمم والسلاح الذي يواجه به شعبه، فهل هذا حلال عليه، وحرام على شعب يريد ان يختار قيادته ويراقبها ويغيرها اذا شاء؟ وهل مصالح الغرب مع دولة ونظام يحظيان بالقبول الشعبي ستكون اكبر وأسهل ... أم امام نظام لا يُسأل عما يفعل!! إن خذلان ثورة شعب عربي باسم ممانعة التدخل الغربي العسكري لحماية المدنيين ماهو الا وجه آخر لممانعة إرادة الشعوب..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.