جاء الأمر الملكي الكريم رقم أ/65 المتضمن إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد ترتبط بخادم الحرمين مباشرة جاء كأهم الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله بتاريخ 13/4/1432ه. هذا الأمر حظي برضا اجتماعي كبير، وبسعادة لمن هم يدركون حجم الفساد المالي والإداري في بعض الأجهزة الحكومية .. هذا الأمر الملكي أكد على سرعة وضع التنظيم الخاص لهذه الهيئة وصدور تنظيمها خلال ثلاثة أشهر، وأن تشمل مهام الهيئة كافة قطاعات الدولة وألا يُستثنى منها أحد كائناً من كان !! وأن تتولى الهيئة متابعة تنفيذ الأمر .. أيضاً وهو مهم أن تحصل الهيئة على نسخ من كل المشاريع المعتمدة لدى كافة الجهات والمؤسسات والمصالح الحكومية لتتولى الهيئة مراقبتها ومراقبة تنفيذها .. وأرى أيضا أن تتولى الهيئة مراقبة الخفايا السابقة واللاحقة لبعض المشاريع ؟! إنشاء الهيئة الوطنية لحماية الفساد طرح تساؤلا عن مصير الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي اعتمدها مجلس الوزراء بالقرار رقم 43 وتاريخ 1/2/1428ه وتم تعميمها من وزارة العدل برقم 13/ت/3066 بتاريخ 22 صفر من عام 1428ه .... حيث يلاحظ أن الأمر الملكي الكريم استبعد كلمة " حماية النزاهة " وقصر مسمى الجهة الجديدة على مكافحة الفساد.. والإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد تضمنت تعريف الفساد بأنه جرائم متعددة تشمل مايلي : الرشوة المتاجرة بالنفوذ إساءة استعمال السلطة التلاعب بالمال العام اختلاس المال العام أو تبذيره إساءة استعمال السلطة غسيل الأموال الجرائم المحاسبية التزوير وتزييف العمل الغش التجاري .. الخ هذه الإستراتيجية جاءت من أجل المحافظة على مكتسبات الوطن لمصلحة المجتمع وأجياله القادمة .. هذه الإستراتيجية تضمنت وسائل عديدة لآلية عملها وآلية تنفيذ هذه الوسائل على مستوى كافة الجهات والمناطق والاختصاصات !! لذلك فإن منطلق عمل الهيئة سيكون وفق هذه الإستراتيجية .. لقد أدرك ولي الأمر أيده الله ظاهرة الفساد في الجهاز الإداري خاصة في ظل الظروف الراهنة!! فأصدر حفظه الله أمره الكريم بإنشاء هذه الهيئة لتدارك خطر ظاهرة الفساد وألقى بكامل هذه المسؤولية وهذه الأمانة على عاتق مسؤولها الأول معالي الأستاذ محمد الشريف .. وهو بالمناسبة مسؤول دولة ورجل مال ورجل رقابة مشهود له بالنزاهة في سيرته العملية والشخصية فكان اختياره لهذه المهمة محل رضا وقبول اجتماعي غير مسبوق في درجته!! لذلك فهو اليوم أمام تحدٍ كبير وأمام مهمة كبيرة جدا وصعبة للغاية تبدأ من مشقة ومعاناة بناء هذه الهيئة إداريا وتنظيميا ووظيفيا والكل يدرك مدى حجم معاناة بناء جهاز حكومي جديد خاصة من حيث استقطاب العاملين الأكفاء وخاصة أكثر في مثل هذه المهمة والذين لابد أن توفر لهم الهيئة أفضل المغريات والحوافز لتجذبهم وتشجعهم على العمل لديها لاسيما أن من سيعملون في مثل هذه المهمة في حاجة ماسة لحمايتهم من الإغراءات الخارجية؟! أيضا وهو الأهم أن هذه الهيئة ورئيسها من المؤكد أنها ستواجه تحالفاً مضاداً ظاهراً وخفياً على المستوى العملي والشخصي من (جموع) المفسدين منهم الظاهر ومنهم الخفي في معظم الأجهزة الحكومية ؟! وأول صور هذه التحديات هي محاولة إعاقة انطلاقة هذه الهيئة وممارستها لعملها بطرق وأساليب متعددة مباشرة وغير مباشرة !! ولكن المؤمل إن شاء الله أن هذه الهيئة بتوفيق الله أولاً ثم بدعم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني حفظهم الله وبخبرة وبنزاهة مسؤولها الأول فإن هذه كلها عوامل كفيلة بتجاوز هذه الهيئة لكل التحديات والانتصار عليها !! فاليوم ... الناس .. والمجتمع ... ينتظرون من محمد الشريف سرعة تقديم أولى ثمرات مهمته الوطنية في القريب العاجل إن شاء الله وهي الانتهاء من تنظيم الهيئة خلال المدة التي حددها الأمر الملكي الكريم .. وعلى معالية ان يدرك ان الجميع ينتظر يوم الثالث عشر من شهر رجب من هذا العام (وهو موعد انتهاء الثلاثة اشهر) للانتهاء من التنظيم الخاص بالهيئة إنفاذا للأمر الملكي الكريم !! أما إذا لم يتم ذلك لا قدر الله فإن هذا نجاح أول صور التحدي الذي تواجهه الهيئة !!