لم يكن هناك خيار أفضل من السفر للخارج والبحث عن اجراء عمليات لنقل وزراعة الأعضاء، وأن كانت مكلفة مادياً أمام بعض ممن ابتلوا بعطل في أحد أعضائهم، فالمهم لديهم هو إيجاد البديل بعد أن أنهكهم طول الانتظار وألم المرض، غير أنهم أخطأوا الطريق الصحيح، إذ كانت رحال السفر قد حطت بهم في بلاد تبحث عن الربح المادي فقط، حتى لو كان على حساب صحة الآخرين، ومن هنا بدأت المأساة والوقوع في أيدي "عصابات تجارة الأعضاء البشرية" والأطباء منزوعي الضمير وغيرهم، ليعودوا إلى لوطن أكثر معاناة وألم جسدي ونفسي، يقودهم إلى الندم، ليتمنوا لو صبروا لإكمال علاجهم داخل المملكة. يقول "محمد العقيلي" أحد المرضى الذين لجؤوا إلى الخارج للعلاج وزراعة الكلى: قمت بزراعة الكلى في إحدى الدول، كنت قبلها أقوم بعملية الغسيل التي كانت بالنسبة إلي مرهقة نفسياً وجسدياً، وتحتاج إلى مداومة يومية، حتى أشار علي أحد أقاربي بالسفر إلى الخارج وإجراء عملية زراعة كلية، فهي متوافرة مقابل مادي باهظ، مضيفاً: "فعلاً استعجلت بإجراءات السفر وحجزت موعداً في المستشفى الذي أجريت معه الاتصالات لعملية زراعة الكلية، وسافرت على الموعد، وجاء يوم العملية في المستشفى الذي قضيت فيه قرابة الأسبوعين، ولكن الكلى المزروعة لم تعمل ولم يتقبلها الجسم، رغم تطابق الأنسجة مع الشخص المتبرع، الأمر الذي أقلقني وطلبت على أثره العودة إلى الوطن، حيث توجهت على الفور إلى المستشفى ومكثت فيه خمسة أشهر، وتبين في الفحوصات الأولية مضاعفات شديدة في جسمي بسبب التهابات فطرية شديدة؛ بسبب عملية نقل الكلية الملتهبة والملوثة"، مشيراً إلى أن المتبرع جاءه مرة واحدة قبل الزراعة لاستلام المال المطلوب، وتيقن حينها بأن الأمر لا يعدو كونه تجارة، مطالباً ممن يعانون من الفشل الكلوي بالانتظار والزراعة هنا في الوطن؛ وذلك للضمان الصحي والأخلاقي في مستشفياتنا، مشدداً على أهمية التوعية الإعلامية بأهمية التبرع بالأعضاء خاصةً الكلى؛ وذلك لسد الحاجة، فالدولة أيدها الله لم تبخل بالإمكانات، ويبقى دور المواطن المهم في دعم هذه المراكز بالتبرع بالأعضاء. وتوضح السيدة "فوزية السويلم" أنها أصيبت بالفشل الكلوي نتيجة ارتفاع ضغط الدم، لتصاب بعد ذلك بجلطة في أحد شرايين القلب، ثم بدأت معاناتها مع الغسيل الكلوي لمدة عامين، حتى قررت السفر إلى الخارج وإجراء عملية الزراعة، مضيفةً أنها عملت العملية وعادت إلى أرض الوطن وسارت الأمور على خير ما يرام، بل ومارست نشاطها المعتاد، ولكن انتكست حالتها صحياً، مشيرةً إلى أنها دخلت المستشفى وواجهت خلالها عدة مضاعفات تخص عملية الزراعة، وبعد إجراء الفحوصات تبين أن جرح العملية قد تلوث والسبب في ذلك عدم العناية به، وقد تم معالجة مضاعفات زراعة الكلية التي أتضح فيما بعد أنها كانت كلية "معطوبة" وبحاجة للاستصال بعد قرابة شهرين من إجراء عملية زراعتها، لتعود من جديد لمعاناة غسيل الكلى، ناصحةً بالتريث في الأخذ بالحل البعيد السريع، وأن القريب هو الحل الأمثل في التبرع. وتصف "فاطمة السالم" معاناة ابنتها بقولها: تعاني ابنتي من ضعف شديد في النظر منذ السنوات الأولى من عمرها، وكانت تستخدم النظارات الطبية، إلاّ أن ضعف النظر عندها أخذ بالازدياد بشكل ملفت، إلى أن قرر الأطباء أنها بحاجة إلى زراعة قرنية، مضيفةً أنه بالفعل تم إجراء عملية زراعة القرنية في الخارج، نظراً لظروف عمل والدها التي كانت تجبرنا على الإقامة في ذلك البلد، لافتةً إلى أنه حدثت مضاعفات زادت الأمور أكثر تعقيداً، وأصبحت الآن بحاجة ماسة لإجراء عمليات أخرى تصحيحية. وتحكي "سليمة المالكي" أن زوجها ذهب لزراعة الكلى بتوصية من بعض أقاربه في إحدى الدول العربية، ذاكرةً أنهم دفعوا مبلغاً باهظاً ولكن لم يكتب له الحياة، إذ توفي بعد إجراء العملية بيومين، مناشدةً الجهات المعنية بأن تعمل على توعية وإرشاد المواطنين لتجنب وقوعهم ضحية لهؤلاء العصابات. وتشير "صباح" الى أن شقيقتها أصيبت بالتهاب "الكبد الوبائي" بعد إجرائها لعملية زراعة كلى في الخارج، لتبدأ رحلة جديدة في التنقل بين المستشفيات، مبينةً أنها تعيش أزمة نفسية حادة، إذ لم تكتمل فرحتها وفرحة العائلة بعد عودتها من رحلتها العلاجية.