قال أبو العتاهية : - ما أحسن الشغل في تدبير منفعةٍ أهل الفراغ ذوو خوض وإرجافِ قد لا يجوز لي القول إن العدد الكبير من السجناء ، قد سجنوا بسبب ارتكاب جرائم سببها البطالة . فبعض المفاسد تأتي من الجِدَة ، أي الثراء . وقد قالت العرب : - إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة وقد قرر علماء النفس والتربية في الغرب أن فراغ الشباب في تلك البلاد يعد واحدا من أكبر أسباب الجرائم فيها. وأجمعوا على أن الشاب إذا اختلى بنفسه في أوقات فراغه وردت عليه الأفكار الحالمة، والهواجس السارحة، والأهواء الآثمة، والتخيلات المثيرة، فلا يجد نفسه الأمارة إلا وقد تحركت وهاجت أمام هذه الموجة من التخيلات والأهواء والهواجس، فيتحرك لتحقيق خيالاته مما يحمله على الوقوع في كثير مما هو محظور. وفى أمريكا قرأنا أن شابة من بين من ضبطوا في عملية سطو مسلح كانت ابنة مليونير. فالمساجين هل كان السبب هو السرقة ، وهل كانت السرقة بسبب قلة ذات اليد ، أم أنه بسبب المتعة وحب المغامرة كالذين يسرقون السيارات للعبث المروري بها (التفحيط) . آتي إلى ما قد أجد من يتفق معي عليه . وهو أن القطاع الخاص ، والبعض منه يملك البلايين ، لم يمد يده ليتحسس المعضلة . وخلاف مؤسسات وطنية خيّرة ومحدودة جدا وجدنا القطاع الخاص يملكه ويديره نفعيون – من داخل وخارج البلد – بمردودات ورواتب وحوافز خيالية ، لا تبقى في الوطن لساعات محدودة إلا وتتحول إلى الخارج ، فلا هم وظفوا سعوديين ، ولا هم قللوا من زخم استيراد العمالة ، لفتح دكاكين وأعمال تجارية بأسمائهم ، زاحموا فيها السعودي ورفعوا تكاليف الخدمات (حتى يواجهوا ما عليهم من التزامات للكفيل ، والتزامات الكفيل للمعزّب الذي سهل له التأشيرات) وهكذا تسير فلسفة الخروج من الأزمة ، ونحن نأمل أن تحل نفسها بفعل ساحر ! ، وما علينا إلا السير في ضباب الهموم . * يهب اللهُ كلّ طائر رزقه ، ولكن لا يُلقيه لهُ في العش . (مثل غربي)