كثيراً ما نعلق ارتفاع «العنوسة» على شماعة الوضع الاقتصادي الراهن، وعزوف الشباب عن الزواج، لكن بروز ظاهرة تعدد حالات الزواج لدى شريحة مقدرة من السيدات، يوضح رغبة الشباب في الزواج والاستقرار بغض النظر عن وضعه الاقتصادي، فمن النساء من تتزوج عشر مرات ومازال البعض يخطب ودها! فمن أين تأتي «العنوسة» إذاً؟ أمن الأرقام المخيفة للمهور؟ أم هو أخطبوط العادات والتقاليد الذي يخنق آمال شبابنا في إكمال نصف دينهم؟ تقول أم علي، التي خاضت تجربة 10 زيجات، ولم تتجاوز 65 عاماً بعد، بأنها لا تمانع من الزواج مرة أخرى إذا تقدم إليها الرجل المناسب، فهي لا تبحث عن الرجل، ولم تلجأ لمساعدة خطابه طوال حياتها، وترجع كثرة من يطلبون ودها إلى أنها امرأة قنوعة، لا تطلب مهوراً عالية، وعن تجربتها مع أزواجها العشرة توضح أم علي أنها تزوجت زواجاً تقليدياً أربع مرات، والباقي «مسيار»، أنجبت مع اثنين من أزواجها فقط، وأطول فترة عاشتها مع أحدهم كانت ثلاث سنوات. أما السيدة (نوف.م) ذات ال 45 عاماً، فتقول إنها تزوجت أربع مرات، أنجبت من الأول ولم تنجب من الآخرين، لأنها لم تشعر بالاستقرار معهم، لذا كانت في كل مرة تطلب الطلاق بحثاً عن رجل يشعرها بالاستقرار والأمان، على رغم أن أزواجها هم من وفروا لها المستوى المعيشي المرفه التي تحلم به الكثيرات، وكان منهم من تميز بالثقافة والتعليم العالي والعِشرة الطيبة، لكنها لم تجد من يكملها فيهم، لذا لم تتردد في طلب الطلاق في كل مرة، ومازالت تبحث عن نصفها الآخر حتى الآن. وتؤكد السيدة (نوف) أن ارتفاع العنوسة وسط الفتيات، سببه المطالب المجحفة التي تطالب بها أسرة الفتاة الشاب المتقدم للزواج، وتصف ذلك بالظلم الذي لا يرضاه العقل ولا الدين، فمن أين لشاب موظف في بداية حياته لا يملك سوى راتبه تحقيق ذلك؟ وتنصح الفتيات والأسر بالواقعية وبضرورة تيسير الزواج، فالمثل يقول «ظل راجل ولا ظل حيطة». أما الخاطبة العنود فترى أن الشباب مظلوم باتهامه بعدم الرغبة في الزواج، فيومياً يتصل بها الكثير ممن يرغبون في الاستقرار والزواج، بحثاً عن بنت الحلال المناسبة. وعن حالات تعدد الأزواج تقول إن أكثر أنواع الزواج طلباً عندها هو زواج المسيار، وغالباً لا توافق عليه إلا من سبق لها الزواج، لذا نجد أن المطلقات هن أكثر طلباً من الخُطّاب، وربما تتزوج المرأة الواحدة أكثر من مرة لقصر فترة زواج المسيار عادة، وإن كانت كثير من حالات زواج المسيار يتوافق فيها الزوجان، فيعلنان الزواج وينعمان بالاستقرار والأبناء وحياة أسرية عادية. توضح العنود أن حالات تعدد الأزواج وسط النساء موجودة، وهي ليست حالات نادرة من واقع خبرتها، لكنها من الأشياء المسكوت عنها وغير المعلنة، وتبين أن زواج المطلقات يتم فيه التساهل عن كثير من الشروط التي يضعها الأهل أو الفتاة البكر، الأمر الذي يسهل زواج المطلقات واستقرارهن، فكثيراً ما قامت بتزويج فتيات من قبائل أخرى ومناطق غير منطقتها، وهن من مختلف طبقات المجتمع الاجتماعية والثقافية، منهن الطبيبات وسيدات الأعمال وهي زيجات ناجحة ومستقرة. وعن ظاهرة التعدد لدى السيدات يقول الاختصاصي النفسي الدكتور وليد الزهراني، إن بروز ظاهرة تعدد الأزواج بالنسبة للمرأة ظاهرة غريبة على المجتمع وطبيعة المرأة، ولكنها زادت في الآونة الأخيرة للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحادثة وازدياد حالات الخلع والطلاق، ووجود العصمة بيد المرأة في بعض المجتمعات. ويضيف الزهراني إن الأصل في طبيعة المرأة حب الاستقرار مع الشريك وضمان تماسك العائلة، لذا غالباً ما نرجع الأمر لأسباب نفسية أو مادية، وعدم توافق وانسجام جنسي بين الزوجين، فتظل المرأة في حال بحث عمن يشبعها عاطفياً، كما أن الأسباب المادية تدفع المرأة للتعدد، باحثة عن عائل في حال الفقر، والملل وحب التغيير والترفيه في حال الثراء. ويبين أن كل الحالات المذكورة تتوفر لها وسائل العلاج المناسب، ويجب علاجها للتأثير السلبي والخطر على تكوين العائلة واستقرارها وتشتت أفرادها، فأول ضحايا التعدد دائماً هم الأبناء.