تمثل قضية الأمن الغذائي للمملكة العربية السعودية مشكلة جوهرية في ظل الزيادة المطردة لعدد السكان . ويتطلب تحقيق الأمن الغذائي تنمية زراعية متطورة ومدروسة تستخدم فيها كافة التقنيات الحديثة وبخاصة تلك المتعلقة بالغذاء والتغذية. وقد أوضح العديد من الدراسات أن إنتاج الغذاء في المملكة سيتأثر بالكثير من المتغيرات خلال السنوات العشرين القادمة ، يرجع ذلك إلى مشكلات المياه وأزمة الطاقة وارتفاع أسعارها والتغيرات المناخية غير المواتية. وقد يلجأ المختصون إلى استخدام التقنيات الحديثة ومن بينها تقنية النانو للعمل على توفير تلك الاحتياجات. ومن المأمول أن تسهم تلك التقنيات في زيادة إنتاج الغذاء على المستوى العالمي ،حيث من المتوقع في عام 2040م أن تدخل تقنية النانو في إنتاج معظم المواد الغذائية إذ أنها لا تؤثر على المكونات الكيميائية أو مذاق أو قوام المواد الغذائية. ومن تطبيقات تقنية النانو في مجال الأغذية ، كبسولات النانو (Nanocapsules) و جسيمات النانو ((Nanoparticles المستخدمة في تعزيز نكهة الأغذية ولمعالجة الاستيرويدات النباتية المختلفة ولإزالة المواد الكيميائية والمسببات المرضية في الأغذية. كما أصبحت تقنية النانو مستخدمة وبكثرة في مجال صناعة وتعبئة وتغليف الأغذية. ومن المتوقع استخدام تقنية النانو في حوالي 40% من إجمالي الصناعات الغذائية بحلول عام 2015م . يعد إنتاج عبوات جيدة وذكية تستطيع إطالة فترة صلاحية الأغذية هدفاً هاماً للكثير من الشركات المعنية بإنتاج مواد التعبئة والتغليف للمنتجات الغذائية . وتمتاز هذه العبوات بالحد من تأثير تغيرات الرطوبة والحرارة للبيئة الخارجية المحيطة بالعبوة الغذائية على محتوى تلك العبوات عبر المسامات الدقيقة الموجودة فيها ، كما تستطيع تلك العبوات أن تبين بوضوح إمكانية تلوث الغذاء للمستهلك. ويمكن لتقنية النانو أن تسهم في تطوير خواص مضادة لنمو البكتيريا والفطريات على سطح العبوات لتكون أكثر فعالية في منع انتشار تلك الميكروبات في الغذاء، بالإضافة إلى زيادة حساسية تلك الأسطح لأي تغيرات كيموحيوية تحدث في المادة الغذائية والتعبير عنها بكل وضوح. يوجد حالياً ما بين 400-500 منتج نانوي من مواد تعبئة وتغليف الأغذية متداولة في الأسواق العالمية، ومن المأمول استخدام تقنية النانو في إنتاج حوالي 25% من جملة مواد التعبئة والتغليف على النطاق التجاري خلال العقدين القادمين. ويمكن تصنيف تطبيقات التقنية النانوية في إنتاج مواد تعبئة وتغليف الأغذية حسب استخداماتها فيما يلي : أ - تصنيع الأغلفة العادية يمكن استخدام هذه الأغلفة النانوية في تغليف اللحوم والأحيان والخضر والفواكه والحلويات والمعجنات والوجبات السريعة. وتتميز هذه الأغلفة بخواص ميكانيكية ووظيفية جيدة تمكنها من منع حدوث تبادل للرطوبة والغازات مع الوسط الخارجي والتي تؤثر في عملية توزيع المواد الملونة ومواد النكهة والمواد المضادة للأكسدة والإنزيمات والمواد المضادة للتلون البني. ب- تصنيع العبوات الحافظة: تستطيع أغلفة هذه العبوة أن تطلق بعض المواد الكيميائية النانوية داخل العبوات، كالمواد المضادة لنمو الميكروبات والمواد المضادة للأكسدة والملونات والمدعمات الغذائية داخل الأغذية أو المشروبات وذلك لإطالة فترة الصلاحية أو تحسين النكهة أو اللون أو القيمة الغذائية. كما تم تطوير عبوات غذائية نانوية يمكنها امتصاص أي نكهات أو روائح غير مرغوب فيها تنشأ داخل العبوات الغذائية . كما تم إنتاج عبوات غذائية تحتوي على أنابيب كربونية نانوية تستطيع ضخ غازات ثاني أكسيد الكربون أو الأكسجين إلى خارج العبوات الغذائية في حالة تعرضها للتلف . تشير الدراسات والبحوث التي تمت في مجال استخدامات التقنية المتناهية الصغر في تعبئة وتغليف الأغذية إلي العديد من المزايا التي ستؤثر إيجابياً على هذا القطاع الحيوي عند التطبيق ومنها على سبيل الحصر : تقليل الفاقد وتقليل نفقات نقل الأغذية: أجرت شركة دانون الفرنسية للأغذية والمشروبات دراسة لإنتاج أغلفة بلاستيكية قوية باستخدام تقنية النانو لتقليل الفاقد من تلك الأغذية. وقد أظهرت الدراسة أن استخدام المواد النانوية أدى إلى تحسين واضح وملحوظ في الخواص الميكانيكية للأغشية الناتجة ، بالإضافة إلي تحسين ملحوظ في قدرتها على التحكم في تبادل الغازات بين العبوة والبيئة المحيطة بها و نتيجة لذلك تم الحصول على منتج بدرجة كفاءة عالية عند استخدامه لتعبئة وتغليف الأغذية. وترتب على ذلك خفض في كمية الخامات اللازمة للتعبئة وتقليل الطاقة اللازمة للتصنيع وخفض نفقات نقل المواد الغذائية . تعزيز سلامة الأغذية: تم تطوير حبر ذكي يحتوي على جزيئات نانوية حساسة للأكسجين وحساسة جدا للأشعة الضوئية فإذا تعرضت للأشعة فوق البنفسجية فان لون الحبر يتغير وفي حالة نفاد الأكسجين داخل العبوة الغذائية يتغير اللون بسرعة وبالتالي يتم تحذير المستهلك بفساد المادة الغذائية وانها ستفقد صلاحيتها للاستهلاك الإنساني خلال وقت قصير. * باحث -مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية