( أ ) يملك أرضاً.. ولأنها فسيحة فقد قرر أن يبني في أقصاها بيتاً له ولأسرته.. وشرع في الإجراءات: فاستصدر رخصة بناء من البلدية.. وقام بتوفير المواد اللازمة للبناء.. ثم اتفق مع المقاول على مدة ينتهي معها البناء.. لكنه بعد فترة.. فوجئ بخطاب من البلدية بناء على شكوى من جاره الشمالي بعدم فتح مداخل أو نوافذ تطل على أرضهم المنبسطة ( برحة).. بعدها صدر قرار من البلدية بضرورة وقف أعمال البناء. ولمّا طال الإيقاف بلا مبرر نظامي أو موضوعي فقد تقدّم بطعن إلى ديوان المظالم بطلب إلغاء القرار الإداري الصادر من البلدية بإيقاف البناء.. بناء على اختصاص الديوان بذلك بصفته جهة قضاء إداري مختص وفقاً للفقرتين ( ب ، ج ) من المادة ( 8/1 ) من نظام الديوان.. شافعاً طلبه الإلغاء هذا ب : تعويضه عن مواد البناء التي تلفت جراء الإيقاف.. وطلب إلزام البلدية بالسماح له بالاستمرار في أعمال البناء والتعمير.. وتعويضه عن الضرر الذي لحق به جراء تصرفات البلدية.. ورد اعتبار جراء تعسف البلدية.. وإلزامها بدفع الشرط الجزائي المستحق عليه تجاه المقاول من تاريخ إيقاف البناء.. وتكاليف الأجرة السنوية لعدم سكناه بمنزله عن كل سنة من تاريخ الإيقاف. بعد اطلاع الدائرة الإدارية على وقائع القضية وطلبات المدعي وردود الجهة المدّعى عليها تبيّن لها: -أن إيقاف الجهة المدعى عليها للمدعي عن البناء في ملكه بعد حصوله على رخصة البناء يعد مخالفة للمادة (125) من نظام الطرق والمباني والتي تنص على ( كل شخص حصل على رخصة البناء لايمكن توقيفه من الاستمرار في البناء المرّخص له إلا بقرار قضائي من المحكمة الشرعية في قضايا التملك ) وبالتالي فما سلكته الجهة من إيقاف سلوك خاطئ فكان الأجدر بها اتباع الطريقة النظامية للإيقاف وذلك بإرشاد المشتكي المتضرر من منح الرخصة أن يتقدم إلى المحكمة الشرعية التي تملك وحدها الحق في إصدار مثل هذا القرار المتظلم منه.. أما وقد خالفت المدعى عليها نص القانون فإن إصدار مثل هذا القرار من قبل البلدية يكون صدوراً من غير مختص فيه واغتصاباً للسلطة فيكون قرارها منعدماً جديراً بالإلغاء. -أما مطالبة المدعي بالتعويض عن المواد فإنه كان بإمكانه حفظها أو بيعها أو ردها بأقل ما يمكن من الخسارة لا سيما مع قلتها لاأن يدعها عرضة للفساد والتلف والسرقة ثم يطالب بالتعويض عنها على فرض فساد مثل هذه المواد وعدم صلاحيتها للاستعمال مرة أخرى. -أما مطالبة المدعي بتحمل البلدية لتبعات الشرط الجزائي بينه وبين المقاول فإن هذا الضرر متوقع ولا عبرة بالضرر المتوقع إلا بوجوده لا سيما مع المبالغة في قيمة هذا الشرط مع إمكان حله أو تخفيضه أو تعديله بواسطة المحكمة لو عرض عليها النزاع لا سيما أن التوقيف عن العمل لم يكن بإرادة المدعي بل كان أمراً خارجاً عن إرادته وبالتالي فلا يلزم الوفاء به للمقاول. -أما مطالبة المدعي بتكاليف أجرة المنزل بناء على عدم سكناه فلا شك أن إنهاءه لمنزله أمر ظني غير متحقق ومدة الانتهاء منه غير محددة وغير محققة فلا يبنى على مثل هذا. -أما مطالبة المدعي برد اعتباره من قرار البلدية بمبلغ مالي فلا شك أن رد الاعتبار يكون معنوياً لا مادياً وترى الدائرة أن في إلغائها لقرار البلدية رداً معنوياً مغنياً عن الرد الاعتباري المالي لحصول الغرض والمقصود. وبالتالي فإن ما حكمت به الدائرة .. كان إلغاء قرار البلدية فقط واعتباره كأن لم يكن.. لكن لو حوّرنا في طلبات المدعي وعدّلنا مسمياتها.. وأرفقنا معها الأسانيد اللازمة لهذا التعديل.. فهل سيتغير حكم الدائرة..؟! أعتقد ذلك.. كيف.. لا يمكنني الإجابة عن ذلك جهاراً ..! *قانوني