الأمن تعبير يدل على حالة نفسية يوجد عليها الكائن الحي، عندما يشبع حاجاته التي تختلف باختلاف الكائن الحي نفسه ويحاول الحصول عليها طلبا للاستقرار، وهي تختلف من كائن حي إلى آخر ومن مكان لمكان، فالإنسان يبحث في البداية عن المأوى، قال تعالى: "وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين" (الحجر،82)، ويبحث عن الطعام قال تعالى: "الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف". (قريش،4). وإذا تحقق لدى الإنسان المسكن والطعام فإن الأمن يتحقق باستقرار الرزق الآمن، قال تعالى: "وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان". (النحل، 112 ). وقد بين المصطفى (صلى الله عليه وسلم) حاجة الإنسان للأمن في قوله: " من أصبح منكم معافى في جسده، آمناً في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها". ويقول تعالى:" من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون"، (النمل، 89). وقال تعالى: "لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون " (الفتح،27) . لقد أوضحت هاتان الآيتان، النقيضين الخوف والأمن، وهما حالتان لا يمكن أن تجتمعا، مستقرة إحداهما في نفس الإنسان، ففي حالة الأمن يمارس الإنسان نشاطه العادي بلا توتر، وفي حالة خوفه من تعرض أمنه للتهديد، فإن نشاطه يقل وقد ينعدم، ويظهر التوتر على سلوكه وتصرفاته، ويظل على هذه الحالة حتى تزول مهددات أمنه. أو يواجهها ليبعدها بنفسه (أو مع غيره) بأي وسيلة يراها مناسبة لإمكاناته، أوقد يهرب من المواجهة في أقل الأحوال ويخسر ما كان يخاف عليه، لعدم قدرته على حماية نفسه، منقذاً أمنه الشخصي وهو اقل درجات الأمن. وعندما تتوفر له الإمكانات المناسبة لحمايته، فإنه يبدأ بالتخلص مما يرى فيه تهديدا لأمنه. إن كل مواطن له حقوق يجب أن تحفظ له وعليه واجبات يجب أن يؤديها على أكمل وجه وبالتالي عليه أن يوازن بين الحقوق والواجبات، فقبل أن يطالب بحقوقه المشروعة التي كفلتها له حقوق المواطنة، فلا بد أن يتأكد من أدائه الواجبات التي ترتبت عليه كمواطن. إننا كمواطنين سعوديين في بلد الأمن والأمان في بلد الإسلام حقوقنا محفوظة ولله الحمد والمنّة، وعلينا واجبات دينية ووطنية تفوق واجبات أي مواطن في أي بلد آخر، فبلدنا حماها الله عز وجل هي مهبط الوحي. وفيها قبلة كافة المسلمين وبها الحرمان الشريفان، ومنها سطع النور المبين نور خير المرسلين الذي أرسله الله رحمة للعالمين. ويأتي في مقدمة هذه الواجبات مسئولية الأمن، فالأمن ليس مسئولية رجال الأمن فحسب ،بل كل مواطن يعيش فوق ثرى هذا البلد المعطاء، وتحت سمائه فهو رجل الأمن الأول، كما أكد ذلك سمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز الذي شددّ على هذا الأمر في كل مناسبة، إيماناً من سموه الكريم بأهمية دور المواطن السعودي في تحقيق الأمن في جميع مجالاته الاجتماعية والجنائية والاقتصادية والسياسية. إن كل مواطن في هذا البلد مسئول عن أمن بلده، ويجب عليه أن يغرس هذا المفهوم في نفوس رعيته (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته). ويتعاظم الدور الأمني للمواطن عندما يكون مربياً للأجيال أو داعية أو إمام مسجد أو إعلامياً. إن مسئولية الأمن أمانه في أعناق الجميع. *شرطة منطقة الرياض