الأمن من نعم الله على عباده يهبها لمن يشاء ويمنعها عن من يشاء سبحانه قال تعالى ( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) وقال سبحانه متفضلاً على عباده ( أولم نمكّن لهم حرماً آمناً يجبى إليه ثمرات كل شئ رزقاً من لدنّا ) وقال سبحانه (أولم يروا أنّا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حوله ) وبما أن الأمن نعمة من الله فدوامها محال في حال الكفر بأنعم الله أو نسبتها لغيره قال تعالى ( وضرب الله مثلاً قريةً كانت آمنةً مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ) وبتعريف بسيط فالأمن هو : عبارة عن حالة توصف بالآمان والإستقرار وهو عكس الجوع والخوف والقلق و ضمان عدم التدخل والتأثير أو الإعتداء على الأرواح والممتلكات والأعراض بكافة صورة وأشكاله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا ) ومن خلال الآيات الكريمة وحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام يظهر لنا أن الأمن لايقتصر على نوع واحد فقط بل أكثر من ذلك : 1) أمن عسكري : ( .. وآمنهم من خوف ) (من أصبح منكم آمناً في سربه.. ) 2) أمن بدني: (.. معافى في جسده ..) 3) أمن غذائي (الذي أطعمهم من جوع.. ) (.. عنده قوت يومه .. ) وهناك أنواع أخرى: كالأمن الفكري وهو: الحفاظ على سلامة المجتمع من الأفكار الهدامة وسلامة العقيدة والنهج . والأمن النفسي وهو : شعورالفرد بالأمان والإستقرار والسكينة في داخله . وبدون إكتمال هذه الأنواع الخمسة من الأمن لن يستطيع الفرد أن يمارس حياته بشكل طبيعي أو يشارك في صناعة ورقي حضارته ! ولعل التركيز على النوع الأول والرابع (العسكري والفكري) خلق تقصيراً وإهمالاً للأنواع الأخرى وأفقد المواطن ( الأمن النفسي ) الذي بدونه تختل موازين الحياة ويكبر بداخله الإحساس والشعور بالخوف من القادم وعدم الثقة بكل من حوله ! للأسف إقتصر الأمن لدينا في ملاحقة ( الإرهابيين ).. سُخرت جميع الإمكانيات في قمع الأفكار الضالة وأهمل أمن المواطن ! وصار الأمن لدينا هو عبارة ( نقاط تفتيش + مخالفات مرورية + إشراف على الحوادث + تنظيم السير ) !!! لاخطر حقيقي على هذا البلد من ( الإرهاب ) فكلنا ضده .. الخطر الحقيقي هو أن يأمن المجرم ويهتك الاعراض والممتلكات ويأمن العقاب الرادع ! عندما يكون السارق أو قاطع الطريق ( رجل أمن ) هنا يجب أن تخاف !! عندما يكون القاتل أو الخاطف ( رب أسرة ) هنا يجب أن تخاف !! عندما يكون يأمن هاتك الحرمات والمجرم من العقاب .. هنا يجب أن تخاف !! عندما لاتطبق الحدود أو يستهان بها .. هنا يجب أن تخاف !! كل ماحولك يدعو إلى إلى الخوف .. والأمن والآمان صار حلماً وذكريات من الماضي تُحكى ..!! لقد جاء الإسلام بحدوده وشرائعه ليضمن المسلم حقه ويأمن على نفسه وعرضه وماله وقد و جاء في الحديث (..والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ..) وقال تعالى ( ولكم في القصاص حياة ..) فلا عجب إذاً عندما لاتتحقق هذه الوعود عندما لاتطبق أحكام الله فيمن يستحق أو يتسهان بها ! وقد جاء في الحديث عن عائشة ( أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه : أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فاختطب فقال أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) إن سحب الكثير من الصلاحيات مؤخراً من بعض الجهات الأمنية كإدارة البحث الجنانئ والتحري من عدم حبس المتهم أكثر من أربع وعشرين ساعة وإلزام هذه الجهة بتحويله بعد القبض عليه إلى هيئة التحقيق والإدعاء العام ثم إخراجه بكفالة حتى يحين موعد المحاكمة ومنع القبض على المتهم و التحقيق معه إلا في حالة وجود دليل قوي وقاطع او وجود بعض المسروقات أو القبض عليه متلبساً وإستهانة بعض القضاة في تطبيق الحدود والعفو في حال الحكم عليه جعل الباب مفتوحاً على مصراعيه للمجرمين والجناة فلقد عرفوا الإجراءت الميسرة في حال القبض عليهم ( وهذا مستبعد ) في ضل التقصير الحاصل من الأجهزة الأمنية تقنيات البحث الجنائي لاتزال متخلفة فالجريمة صارت منظمة ووسائل التقنية لديهم مازالت تقتصر على البحث عن بصمات والإستعانة ب ( المرّي ) الذي يتعقب خطوات الجاني ! وكأن المجرم والجاني بهذا الغباء لكي يسير حافي القدمين او مكشوف اليدين ويترك أثراً بعده !! الامن الحقيقي هو أن يأمن المواطن على نفسه وماله وعرضه وممتلكاته ولن يتحقق ذلك إلا بتطبيق شرع الله في الجناة والمجرمين وفي أسرع وقت ليكون ذلك عبرة لمن أراد أن يعتبر .. نصيحة اختم بها لكل مسؤول ومُحقق ورجل أمن وقاض : إتقوا الله في عملكم واجعلوا أنفسكم مكان المجني عليه .. فهل سيكون الإخلاص في العمل هو ذاته عندما يكون المجني عليه مواطن ؟؟ أسأل الله أن يسبغ علينا أمناً من عنده وأن يحفظنا بحفظه . خاص لصحيفة عاجل محمد بن علي المشيطي