لا يحتاج الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى سطر ثناء واحد لأنه احتل المركز العالمي الثالث، ولا إلى سطر إيضاح يبرر كيف حدث ذلك.. الرجل العظيم معروف في كل مسافات تاريخه وجزالة ما أنجز وأيضاً ما أسس له ليكون واقعاً جديداً في أزمنة قادمة.. أخطر ما في منطقتنا سابقاً هي القضية الفلسطينية، ولم يخرجها من رتابة النقاش التقليدي لاجتماعات الجامعة العربية ونعومة اللغة المفرطة أو يقابل ذلك التصرف الأحمق في التخاطب مع القوى الدولية الكبرى.. وكان النزاع بين الفلسطينيين ينظر إليه أنه مجرد «اختلاف وجهات نظر». الملك عبدالله ومنذ قمة بيروت التي طرح بها ما سمي بالمشروع العربي لحل القضية الفلسطينية وكانت تلك منهجية حازمة لم تتوجه إلى الحوار العربي التقليدي المتكرر وإنما إلى الرؤية الدولية المؤثرة، ثم كان المسار الدولي الذي لاحظنا بعض الايجابيات في توجهاته، وقبل ذلك لم يكن هناك أحد ينظر إلى ما بداخل «السور الفلسطيني» المعاق والمعذب. عندما تنامت مواقع الصراعات في العالم العربي وتنافس لبنان والعراق في أيهما أكثر جذباً للأعناق العربية وليس الأفكار في من تنظر إليه ثم في من تفضل التدخل معه في شؤونه واستقرار غيره.. الجميع كان يعتقد أن المملكة ذات «أحقية» خاصة في التأثير على مساحة خلاف وحيازة ولاء ممن يعيش فيها.. لكنها مرت سنوات حتى أدرك العرب الراكضون خلف أي خلاف أن الملك عبدالله لم يبحث عن «نصيب» مشاركة في الصراعات وإنما دعا كل أطراف الخلافات سواء في لبنان أو العراق أو السودان أو اليمن إلى مشروعيات التعامل والمسؤولية المشتركة في حفظ الحقوق ومسؤولية بناء المجتمعات.. دعونا نتصور دعوته للعراقيين كي يجتمعوا لحل خلافاتهم بعد الحج في الرياض لو صدرت من أي قيادة عربية هل لن يشوبها سوء الظن..؟ وهل ستحظى بالأكثرية الكبيرة التي حظيت بها دعوة ملك البناء والسلام وحوار الأديان والثقافات الملك عبدالله..؟ لقد كتبنا كثيراً في صحافتنا عن جزالة مشاريع التأسيس والانطلاق في آن واحد لوجود مجتمع سعودي عربي متميز بتفوقات التقنية والاقتصاد والمعرفة والوعي.. هو الذي نشر في أرقى العواصم الدولية أكبر حضور ابتعاثي للطلبة في أكبر الجامعات وبمقاصد تخصصات تعطينا من مؤهلات بلادنا الطبيعية ما يجعلنا قريباً في صدارة من يوجهون قدرات الاقتصاد والصناعة.. أمور جميعها واضحة عند غيرنا عن واقعنا مثلما هي عند الواعين في بلادنا.. ونريد أن تتوفر حقيقة الشمول بوعي أهميات الغايات عند الجميع حتى يكون لنا موقع تفوق بين الشعوب مثلما يريد لنا أن نكون ومثلما هو فارس تفوق دولي شرفنا به.. لقد أعطانا كل شيء.. فماذا أعطينا أنفسنا وعياً وتقنية..؟