قال لها : اجعليني قصيدة على ضفاف نهرك .. ارسمي من لوعاتي لوحة عشقك.. أنتِ عذبة .. أنتِ عذبة حتى حين يتدفق الألم من جنباتك أنتِ الثمرة التي لابد أن تتشقق .. تتفجر .. لتصنع العسل والشراب .. كوني دوماً معي أكنْ لك الروح والفؤاد، وكل جميل غاب كتبتُهُ فرحاً .. أنشدتُهُ أملاً .. رسمتُهُ أحلى عذاب أراده المجهول القادم .. وتمناهُ الماضي والحاضر وكل الأحباب.. لم تُبق في كتابها مساحةًِ تخلو من سياط كذبه ..أو أنين هجره .. أو سوء فهمه ؛ وظناً حلواً نسجته .. ثم خاب . حتى صورة الغلاف .. طبعت كلماته المجدولة بألوان الطيف الحالمة ووضعتها أمامها في كتاب.. إنه يتربع فوق تاج قلبها بكل ثقة ، ويحلق في سمائها متى شاء،أعاد لها قلمها ينزف من جديد بحجج واهية وكذب له ألف تبرير.. قصة لم يكتب لها بداية .. ولا نهاية .. دونت كلمات قصائدها خفية مابين السطور..!! قالت له : يسكنني الألم ... والخوف ؛ تعتصرني تجاهك مرارة فراق لا يدنو ، ولا يغيب.. سألته لماذا لا يكشف لها عن الأوراق ؟! لماذا يسقي قلبها دوماً الحيرة والغموض ؟ أجابها : لا أحب أحاديث الألم أياً كان .. علامات الاستفهام تزعجني ؛ يؤرقني السؤال والجواب.. فقط جودي بعطرك .. بقلمك .. اجعليني لحياتك الروح والقصيد.. أمطري سمائي شوقاً وحلماً .. لا تكترثي إن أدمت الأحداث أناملك الناعمة.. لا تكترثي فأنتِ مبدعة .. ويزداد إبداعك حين تتألمين!! غادرت فجأة شوارعه الممطرة ، اتخذت لقلبها العاري أقنعةَ شجاعةٍ مزيفة.. تكره الخوف .. تبغض المعاناة .. تهرب من أي أنين.. بعثرت صفحاتها .. مزقت حروفها النازفة إليه .. قدم إليها بعد مائة ربيع وألف خريف يتوكأ شوقه المختبئ ويخفي أيامه المهدرة يبحث عن أي ردود .. اقترب منها قال لها : هل تذكرينني ؟؟ أجابته من تكون ؟ أخرج سطورها المسروقة إليه .. دوت في صمت كتابها صرخة أخفتها من سنين تذكرت عذاباتها ، قهرها .. تذكرت أمسيات الوجد.. وأحلام العاشقين .. رائحة الذكريات اجتاحت كل المجرات ، والأماكن، والمساحات .. قالت له : منحتني قلماً .. وحبراً .. والكثير من الأوراق ؛ جعلتني نزفاً يتلقى ضرباتك الفرحة بوجعي.. أسعدك أن تكون وحدك ملهم الألم والحنين !! كم أسعدك أن يتقطع القلب وجداً إليك !! كم يروقك عذابي في الغيرة عليك !! لوحاتها ملأت الشوارع ... الطرقات .. والبيت كان الهروب متعباً وشاقاً.. أصابتها الكتابة بالجنون ؛ فما احتملت المساحة القصوى بين الواقع وبين ما تريد .........انتهت منه وإليه........... جمع قصائدها كلها ، وشموع مسائها ، وأوراقها، ودموعها المنسكبة عليه.. أدرك متأخراً أنه قتلها حين أرادها لوحة من صنع يديه