جاء توجيه أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل بإمهال المحافظين، والأمناء، ورؤساء المراكز والبلديات في كافة مدن منطقة مكةالمكرمة ستة أشهر لتعريب كافة أسماء المحال التجارية، والقاعات، والشوارع، واستبعاد كافة الأسماء الأجنبية من منطقة مكةالمكرمة، كقرار حاسم لاقى استحسان المثقفين والأدباء والغيورين على لغة "الضاد". تغريب للهوية وفي جولة سريعة ل"الرياض" أظهرت أن الشارع التجاري في محافظة الطائف يعاني كغيره من عدد شوارع مدن ومحافظات المملكة من حالة تغريب واسعة النطاق، فرغم أن تاريخ المملكة يشهد بالتزامها الديني وحفاظها الدائم على لغتها العربية وتراثها الإسلامي، إلا أن جولة واحدة في أحد الشوارع تكشف لك عن حالة "التغريب" التي تتسم بها "لافتات" بعض المحال والمطاعم والفنادق، حيث دأب البعض على إطلاق أسماء أجنبية على المطاعم والمقاهي ومحال الملابس والحلاقة ودكاكين البقالة ومحال الملابس خاصة النسائية منها، وغيرها. أما مقاهي الانترنت فحدث ولا حرج عن أسمائها، والكارثة أن كثيراً من اللافتات لا تحمل ألفاظاً أجنبية بل، إنها عبارة عن تركيبات لغوية غريبة لا تراعي أصول اللغة العربية، ولا حتى قواعد النحو والإملاء، فيبدو أن من كتبها خطاط هندي أو باكستاني لا يعرف اللغة وقام برص كلمات عربية بجوار بعضها دون أن تعطي أي معنى. والسؤال كيف نعيد للشارع التجاري في المملكة بصفة عامة هويته العربية المفقودة؟، وما هي الطرق التي يقترحها الخبراء لمواجهة هذه الظاهرة؟. وخلال جولة ل"الرياض" مع بعض الباحثين والمهتمين في شوارع الطائف رصدنا هذه الظاهرة، ولاحظنا أن المحال التجارية الجديدة تعمد إلى استخدام أسماء أجنبية من باب لفت الانتباه أحياناً، أو الدعاية والتميز أحيانا أخرى، والأغلبية هو محاكاة لمحال تجارية تمارس نفس النشاط في دول أجنبية أخرى. لافتات محلات تجارية تحمل أسماء أجنبية تجاوزات مخيفة "د.علي التيهي"-أستاذ اللغة العربية بالطائف، قال: إن الأمة العربية تعيش حالة من الصراع اللغوي، ولذلك تبذل جميع دول العالم كل ما لديها من جهود للحفاظ على لغتها؛ لأنها تعرف جيداً أن اللغة هي أحد أشكال الهوية، فلا يمكن فصل الثقافة والهوية عن اللغة، مشيراً إلى أن الأمم القوية تحاول دائماً أن تحافظ على لغتها، وتسعى دائما لتعليم هذه اللغة لأبنائها، ويؤكد إذا فرط العرب في لغتهم العربية فسيصبحون عالة على الأمم. وقال: إن ظاهرة التغريب في لافتات المحلات والشركات هي أحد ملامح تفريط الدول العربية في لغتها العربية، مشيراً إلى أن الجميع يحاول تقليد الأجانب عن طريق كتابة هذه اللافتات باللغات غير العربية، رغم أن المفروض أن تكون كتابة اللافتات بلغتنا العربية الصحيحة الفصيحة. ويتساءل هل يمكن أن نرى لافتة واحدة في لندن أو موسكو أو نيويورك أو باريس أو حتى تركيا - لافتة واحدة - مكتوبة باللغة العربية؟، ويجيب بالطبع لن نجد؛ لأن هذه الدول تحافظ على هويتها وبالتالي تحافظ على لغتها. وأضاف: إن المملكة دولة معروفة بالتزامها الديني، وحفاظها الدائم على التراث العربي والإسلامي، ولذلك يجب أن يكون كل ما في الشوارع يعطي المواطن والمقيم انطباعاً أن الدولة التي يسير في شوارعها دولة عربية إسلامية، ولكن هذا لا يحدث على ارض الواقع. وأضاف أن لافتات المحلات في الشوارع التجارية فيها العجب، فكثير من المحلات لا تعطي أي معنى لما داخلها، وبعضها يحمل أسماء أجنبية قد لا يعرف الكثير من مرتاديه ما معناه؟. وقال: نحن لا نحارب تعلم اللغات الأخرى، بل لا بد من التوازن في المحافظة على لغتنا وتراثنا من ناحية، ومن ناحية أخرى السماح للأجنبي بشكل منظم، وذلك كأن تقوم هذه المحال بتدوين اسمها باللغة العربية، وتحته الاسم يكتب باللغة الأجنبية، على أن تكون الأسماء لها مدلول مفيد وله معنى جيد. أخطاء لا حصر لها وطالب "عبد الهادي العنزي" أن تكون أسماء المحلات التجارية معبرة عما داخلها، مشيراً إلى أن بعض اللافتات لا تراعي أصول وقواعد اللغة العربية، مؤكداً على ضرورة أن تعطي هذه الأسماء دلالة أو معنى يتسق وينسجم مع قيمنا وعاداتنا. وفسر هذه الظاهرة بقوله: إن الذين يقومون بكتابة هذه اللافتات ليسوا عرباً، وإنما من جنسيات آسيوية لا يعرفون شيئاً عن قواعد اللغة العربية، وهم يقومون بنقش اللافتة دون أن يعرف ما هو مضمونها، ولا عما تعبر. وقال: لو قمنا بجولة داخل أي شارع من شوارع الطائف سنجد أخطاء لا حصر لها، سواء كانت أخطاء إملائية أو نحوية دون أن نعرف من يقف وراء هذه الظاهرة، ملخصاً آلية القضاء على هذه الظاهرة ومواجهتها عن طريق وزارة الشؤون البلدية، حيث يجب عليها ألا تمنح تصاريح لأي محلات أو شركات جديدة إلا بعد إلزامها بكتابة لافتاتها بلغة عربية فصيحة، وبالنسبة للمحلات القائمة بالفعل يمكن تطبيق ذلك عند تجديد الرخصة، بحيث لا يسمح لأصحاب هذه المحلات بتجديد رخص محلاتهم، إلا بعد تغيير عناوين اللافتات بالشكل الذي يحافظ على هوية الشوارع ويقضي على ظاهرة التغريب بها. تعميم البلديات من جهته قال مصدر في وزارة الشؤون البلدية والقروية: لقد قامت وزارة البلدية في المملكة بإصدار قرار يطالب فيه كافة الأمانات والبلديات والمجمعات القروية، بإلزام كافة المحلات التجارية والشركات والمؤسسات باعتماد كتابة الاسم باللغة العربية في لافتاتها ولوحاتها وبشكل واضح، وشدد التعميم على أهمية تطبيق توجيه الأمير خالد الفيصل ومراقبة ومتابعة ذلك بشكل دوري ومستمر مع الحرص على ذلك وتطبيق أنظمة الغرامات والجزاءات على المحلات التي لا تلتزم بذلك.