طالت الإجازة وكنا نعتقد أنها ستكون مخففة للأوجاع ، والهموم ، والمتاعب التي ننشغل بها ، ونشتغل على مناقشتها ، ونحمل هواجسها الاجتماعية ، وآثارها السلبية والمدمرة لعقول الأجيال الذين هم دعائم المستقبل ، وركائز التنمية والتنوير والتحديث ، وهم قبل هذا أمانة من واجبنا بذل التضحيات ، وإخضاع المستحيلات لصياغة عقولهم على أسس من وعي معلمن ومدرك ، إلا أن الإجازة بقدر ماكانت فرصة للمراجعة ، والقراءة ، والتأمل في واقعنا ، ومستقبلاتنا الملتبسة في أكثر مضامينها وبالذات التربوية والتعليمية ، فهي أي الإجازة كانت موجعة وصادمة بقضايا كنا نعتقد بأننا تجاوزناها ، وأدركنا خطورتها ، وعملنا كمؤسسات وأفراد على ردم المستنقعات الآسنة التي تتوالد فيها أفكار الإقصاء ، والانحطاط ، والجهل ، والانغلاق . إلا أن الأمر يزداد سطوة وشراسة وهيمنة وهذا محبط وموجع لرؤانا وطموحاتنا ، واستشرافاتنا العلمية ، والبحثية ، ومانرغب أن نصل إليه في هذا الزمن الذي لامكان فيه إلا للمبدعين ، والخلاقين ، ومستخدمي العقل في تحديد مصائرهم ، ومصائر الأجيال القادمة . نحن مجتمع مسلم مؤمن ولانسمح لأحد أن يزايد أو يشكك في صفاء عقيدتنا ، وتوحيدنا ، ونسترشد دائماً وأبداً بسلوك العظيم ابن الخطاب في فهمه ووعيه وإدراكه، وقراءاته للنص ، وممارساته في الاجتهاد ، ونتعلم من عمر بن عبدالعزيز ، وأبي ذرالغفاري في التعاطي مع الشأن العام ، وتحريك العقل ، وتوظيفه في الفهم ، وهذا أمر محسوم نقوله للعدائيين ، ونقطة على السطر . لهذا فالمجتمع ليس في حاجة إلى وصاية من أحد ، بل مرفوض تماماً أن يكون هناك من ينمّط له فكره ، ويحدد له مفاهيمه ، ويقونن توجهاته لاسيما إذا كان هذا الفكر، الذي يحاول أن يمارس الوصاية على عقول النشء، فكراً محدود الرؤية ، منغلقاً في أطر مفاهيم بالية لم تحاول أن تفتح لها نافذة ولو صغيرة على ثقافات العالم ، وإنجازات العقل البشري في العلوم والمعارف والاختراع ، وينحو هذا الفكر إلى التحريم ، والتجريم ، والتكفير ، ورفض كل ما هو فكر متطور ونافع ، رغم أن الكتاب الكريم يدعو ويحرض على التفكير ، والتأمل ، والتدبر . لكن القوم لايفقهون ، ولايفهمون !!. إلى أين من هنا ..؟ لقد صدمنا ، وصدم المجتمع بأن تكون وزارة التربية والتعليم مخترقة ، وأن القيادة فيها قد أحسنت الظن كثيراً ومنحت الفرص غير أن البعض خذلها ، واستغل مبدأ حسن الظن ، سيما وأننا نعرف جيدا أن أهم أهداف التنظيمات الراديكالية المتطرفة ، السيطرة التامة على العملية التربوية ، والتغلغل في أعصاب المؤسسات التعليمية ، والإمساك بمفاصلها ، بحيث تخدم أهدافهم، وأغراضهم، ويسخرونها لبث فكرهم الإقصائي التكفيري ، وتحقيق النموذج " الطالباني " الذي يصادر حق الكائن البشري في كل أمر حياتي ، وفكري . صٌدمنا حقاً أن يتغلغل إلى مناهجنا التربوية ، والتعليمية ، والثقافية فكرٌ كالذي يحمله يوسف الأحمد . ونسأل : في كل هذا الفضاء الأكاديمي ، والثقافي ، والفكري التنويري العاقل ، وفي كل العقول المؤهلة والواعية نلجأ للأحمد؟ نحن على ثقة مطلقة من حرص القيادة في الوزارة على مستقبلات الأجيال ، وعقول الأجيال فهي تحمل أمانتهم .