أتساءل دائما هل ساهمت الجامعات السعودية على مدى أكثر من خمسين عاما في صياغة وعي اجتماعي عام داخل المجتمع السعودي.. وبالمقابل هل كل الملتقيات والمؤتمرات الثقافية التي نقرأ عنها ونتابعها والتي تقيمها الجامعات هل ساهمت أيضا في بناء وتنمية ووعي ثقافي ومعرفي داخل في ذهنية المواطن السعودي. أتصور أن الإجابة على هذين السؤالين تقتضي تتبع مدى تأثير الجامعات السعودية في التركيز على بناء الشخصية.. وبناء العقل وليس مجرد التركيز على التحصيل المعرفي لأن التحصيل المعرفي ضرورة غير أن العمل على جعل العقل يفرز ويحلل المعلومة ويطرح الأسئلة حول هذه المعلومة هذا هو المهم في العملية التعليمية والتربوية ولذلك أرى كل ما حققه المشروع التعليمي والتربوي في بلادنا هو التركيز على حشو العقول بالمعلومات ولكن لم يكن هناك تركيز على استراتيجية لبناء العقول وجعل هذه العقول تفكر وتنتج وتسأل، إن ما يسمى «بثقافة الأسئلة» هي تلك التي تحرض على الدخول في مناقشة القضايا والمسائل العميقة و«الجذرية» في الحياة والكون والوجود والإنسان. الملاحظ أن تعليمنا هو تعليم تلقين وحشو معلومات لذلك لم يخلق أجيالا تفكر وتسأل بالرغم من أن التعليم في بلادنا ساهم في تخريج الآلاف بل الملايين من المتعلمين والمتعلمات من حيث الخروج من مرحلة الأمية إلى مرحلة فك الحرف والدخول في مرحلة التعليم والتعلم ولكن بالمقابل هذا التعليم في عمومه لم يخلق ويصنع عقولا لديها القدرة على جعل التفكير قيمة وفريضة لا أن يظل هذا التفكير معطلا ويجعل من فريضة التفكير فريضة غائبة وما أتصوره وأتمنى تحقيقه هو العمل على ضرورة الخروج من دوائر التفكير المغلق التي تحكم وتتحكم في العملية التعليمية وجعل العقل شعلة للأفكار والأسئلة لا خزان للمعلومات فقط ولذلك ينبغي دراسة تأثير التعليم في بلادنا.. وهل ساهم هذا التعليم في صياغة وصناعة عقل سعودي خلاق. إن التعليم هو عنوان تقدم الأمم والمجتمعات وهو بوصلة الدخول إلى العالم المتقدم والمتحضر والحديث، هذا العالم لا ينظرإلى التعليم بوصفه الحصول على معلومة فقط ولكن ينظر إلى التعليم بوصفه مساهمة في بناء العقول والأذهان التي تحقق المعجزات في الفكر والاختراعات والمنجزات العلمية والفكرية وتساهم بالتالي في بناء المجتمعات والأمم. المعرفة تبني العقول والعقول تبني المجتمع ولن يتأتى ذلك إلا بالاهتمام بفكرة جعل العقل يعرف.. ويفكر ويسأل. نقلا عن عكاظ