«ختات» و»سقها» و»أزبدها» و»تبزوط»، «متقروش» .. هل سبق وأن سمعت هذه الألفاظ؟، إن كان الجواب نعم، فأنت تعيش الواقع، وإن كان لا، فأنت بعيد عن مجتمع الشباب الذي بدأ يكون له عالم خاص يمثله ويمثل شخصيته، من خلال لغة لا يفهم معانيها إلا من عاشرهم وسمع كلماتهم وألفاظهم التي تحتاج لشفرات لفك معناها. فمثلاً ما تعنيه كلمة «عبدو» لدى الشباب يختلف عن كونه اختصارا لاسم «عبدالرحمن» أو «عبدالمجيد» وغيرهما من الأسماء لدى العامة، حيث تطلق هذه الكلمة على «الفضولي» أو «الملقوف»، وهناك من المصطلحات اليومية التي تستخدم لغرض آخر كنوع من الاستعارة والتشبيه للكثير من الأشياء، فأول ما يتبادر إلى الذهن عندما يذكر أحدهم كلمة «المنجا» تلك الفاكهة الاستوائية ليكتشف في ما بعد أنها تعني المزاج أو «الكيف»!. ليس تقليداً يقول الشاب «أحمد الهالك»: إن تداول هذه الألفاظ يأتي نتيجة موقف معين قد لا يعرفه الكثير، فهم يستخدمونها للتعبير عن الذات والخصوصية وليست تقليداً، لأنها من اختراع الشباب أنفسهم، ومن الممكن أن يكون لكل محيط لغته الخاصة به، مضيفاً أنها تختلف من مكان لآخر حسب ثقافة الشخص ونوعية الأصدقاء ومستوياتهم الاجتماعية. لغة الفرانكو وتحدثت «رنيم العرواي» قائلةً: إن عددا كبيرا من الشباب والشابات يستخدمون لغة «الفرانكو» عرب وهي لغة مختصرة تجمع بين العربية والانجليزية، وهي عبارة عن رموز معينة تحمل مدلولات جديدة للحروف فمثلا الرقم 2 يعني الحرف أ ورقم 3 يعني الحرف ع، ورقم 5 يعني الحرف خ، وهكذا يتم تحويل حروف الكتابة العربية إلى انجليزية، فمثلاً عندما ترغب كتابة كلمة «كيفك» فيتم كتابتها بهذه الطريقة «KefeK»، وهكذا يتم استخدام هذه اللغة المختصرة في المحادثات. يوفر وقت وجهد وتوضح «إيمان هشام» أن هذه اللغة هي من أبسط وسائل الكتابة والمحادثة عبر الانترنت، وهي منتشرة على مستوى العالم كافة والعالم العربي بشكل خاص، وخاصةً لمن يتحدثون الانجليزية أو لمن يعرفون طباعة الحروف الانجليزية، وبذلك يسهل عليهم مخاطبة العرب، إضافةً إلى أن استخدام هذه الطريقة يوفر وقتا وجهدا وهي عبارة عن اختصار للغة والكلام ووسيلة سريعة للتعبير. مناسبة للدردشة وقالت «نهلة سعيد»: إن أهم شيء في هذا الموضوع أن الأهل لا يعرفون ما هو مكتوب لا في الشكل ولا المضمون، مضيفةً أنها تلجأ لهذه الطريقة إذا كان هناك موضوع خاص، لافتةً إلى أن معظم صديقاتها يكتبون بهذه الطريقة وقد تعلموها من الانترنت ومن أصدقاء آخرين، لأن اللغة الفصيحة ثقيلة بالكتابة ولا يمكن الاعتماد عليها كما أنها تأخذ وقتا أطول من العامية أثناء «الدردشة». عصر السرعة ويؤكد «فيصل علي» أن المفردات الغريبة أسهل في الاستخدام مع الشباب أنفسهم، فمثلاً بدلاً من أن نَصف شخصاً بأنه غبي ولا يستطيع تقدير الأمور، نستخدم كلمة «ملحوس»، مضيفاً أنهم يعيشون في عصر السرعة وكلمة واحدة تعبر عن الكثير من المعاني، لافتاً إلى أن السبب الذي يدعوهم لاستخدام بعض الألفاظ هو رغبتهم في سرية المعلومات التي يتحدثون بها، فعندما نتحدث في مجلس مليء بأشخاص ومن مختلف الأعمار، ولا نريدهم أن يفهموا ماذا نقول نستخدم تلك اللغة. شعور بالتميز ويوضح «خالد حسين» أن الكلمة الجديدة لوصف شيء رائع هو كلمة «بطل»، فمثلاً نقول سيارة بطلة لنعني جميلة، أو نقول مدرس بطل ونعني من يشرح بوضوح، مبيناً أنه في السابق كانت الكلمة «رهيب»، وأن من أكثر الكلمات المستخدمة حالياً بين الشباب هي كلمة «هجولة» ولها عدة معان على حسب استخدامها، مشيراً إلى أنهم يشعرون بالتميز عند استخدامنا لهذه اللغة، فهذا عصرنا ولا بد أن تكون اللغة لغتنا كذلك. بنات قرويات أما «حنين هادي» فأوضحت أن الكلمات التي يستخدمها الأولاد لا نستخدمها نحن البنات، وإن كنا نعرف بعض معانيها عن طريق إخواننا وأقاربنا الشباب، مضيفةً أن تلك الكلمات متداولة من قبل البنات «القرويات» أو البنات اللاتي يحببن تقليد الأولاد، موضحةً أنهن في الغالب ما يستقين هذه الكلمات من بيئتهن المحلية أو من «سوالف» أو أحداث معينة حصلت لهن، وهذا شيء يقوم به الجميع، مشيرةً إلى أن الكلمة المتداولة حالياً بين البنات لوصف شيء رائع هي كلمة «خطير». 20 مصطلحاً ويقول «أحمد التيهاني» المحاضر في جامعة الملك خالد: إن هذا النوع من اللغة المتحركة مرتبط بفترات معينة، وقد ظهرت في مصر في إحدى المراحل لغة سميت بلغة «بنات الجامعة» وهي عبارة عن لغة مختصرة تعبر عن معاني تحددها مفاهيم هذه اللغة، كما توجد لهجات محلية ولغات متحركة بين الشباب لا يفهمها إلا هم، مضيفاً أنه يوجد في عسير حوالي 20 مصطلحاً خاصة بالشباب، وهي اختصارات لألفاظ مختلفة ويستخدمونها إذا كان بينهم شخص غريب، لافتاً إلى أن هذه اللغة انتقلت بعد انتشار وجود وسائل الاتصالات المتعددة من المشافهة إلى المحادثة عبر الانترنت، وأن هذه اللغة عبارة عن اختصارات للتعبير عن الألفاظ، وهو ما نراه في قول الشباب «برب» وهو ما يعني سأعود، وكتابة كلمة «تت» وهو ما يعني خذ وقتك، مبيناً أنه من الطبيعي أن يكون للشباب لغتهم الخاصة ولا أظن أن لها تأثيراً على اللغة العربية، لأن هذه اللغة لا تعد لغة كتابة أو تأليف أو إبداع. لغة متحركة وذكر «التيهاني» بعض المصطلحات المتداولة بين شباب عسير مثل قولهم: «فوش الدجوه يا وخام» وهو ما يعني أنظر إلى هذا الرجل، وكلمة «طدنا» ويعني ذهبنا، بالإضافة إلى كلمة «ألمح» وهي ما تعني «أصدف»، لافتاً إلى أن هذه اللغة متحركة وخاصة بالشباب واعتبرها لغة حوارية مختصرة للتعبير عن الحالة، وأن الشباب يحبونها في كونها خروجاً عن النمط العام، لشغفهم بالمعاني الغريبة والألفاظ غير المفهومة. قلة وعي وتوضح «لطيفة سلمان» الأخصائية الاجتماعية أن العامية المستخدمة في لغة الدردشة تدل على قلة الوعي في سلوك المراهقين، وعدم الاهتمام باللغة بسبب قلة القراءة ونقص الإطلاع والاعتماد على التقليد، مضيفةً أن الشباب يلجؤون لتلك اللغة عادةً للفت الانتباه والتميز، فهم يرغبون في خلق لغتهم الخاصة بهم وذلك يساعدهم على الاندماج مع بعضهم البعض، مشيرةً إلى أن سبب لجوء الشباب لها في السابق يختلف عن السبب الحالي، ففي الماضي كان الناس يأتون من بيئات مختلفة وبلهجات مختلفة فيقوم الشباب باختيار بعض الكلمات للتدوال فيما بينهم وفهم بعضهم البعض من دون الإشارة إلى المنطقة التي جاءوا منها، مؤكدةً أن هذه الظاهرة موجودة في جميع المجتمعات وتتجدد مع الأجيال، فمثلاً في السابق كان الشباب يستخدمون كلمات مثل «مزاج» لوصف شيء جميل، وهناك كلمة «فلتة» والتي تعني شيئا لا يفوت من حسنه.