ضوابط المجتمع حقيقة ولو اختلفنا معها يُحاول البعض الهرب منها إلى مفهوم مطاط مثل (الثوابت) تلك التي لا يقبض منها المتلقّي إلاّ على الريح، المشرفة العامة على أحد ملاهي مدينة الرياض قالت للجريدة يوماً بالنص( مهرجان الرياض يُؤكّد حق المرأة في الترفيه وفق ضوابط المجتمع) وقد أصابت تماماً حين لم تقل (وفق ضوابط الدين) فكل شيء لدى أتباع الأديان يفترض أن يكون وفق ضوابطها ، والأديان تحوي ضوابط وتعاليم تختلف عمّا يتعارف عليه الناس من عادات تُصبح مع مرور الزمن في حُكم القوانين لكنها غير مُلزمة لمن لا يؤمن بها. عادات المجتمع أيّ مجتمع يُلبسها البعض لباس الدين فيتوهم البعض قدسيتها ويصعب بعدئذٍ حتى النقاش حولها أو نقدها. إذاً هناك كثير من أمورنا قد أُلبست قُدسيّة الدين وهي في حقيقتها عبارة عن عادات اجتماعية متوارثة فتمسّك بها البعض على أنها من الثوابت ومن هنا دخل مجتمعنا في نفقٍ لم يخرج منه حتى الآن. لو قيل لنا منذ البداية إن منع أمر ما يتقاطع مع ضوابط المجتمع لاحترمنا هذه الرغبة لا سيّما فيما لو جرى تصويت نزيه ومُحايد على الأمر لمعرفة صدقيّة قبول الأكثرية أو رفضهم له. المُشكلة تكمن في أن أقليّة متزمتة توهم الناس بصراخها وكثرة ضجيجها واعتراضاتها على أنها الأكثرية وتقوم باعتساف النصوص المقدسة لكي تؤيد رؤيتها حول كثير من الأمور الدنيوية فيقتنع البعض بها ويجندون أنفسهم للمنافحة عنها حتى ولو كانت باطلاً تلبّس بلباس الحق. من هنا صدر الأمر الملكي بتنظيم الفتوى وضبط الاحتساب حتى لا تعم الفوضى وتسود البلبلة ، ولكي يعرف الناس الحقيقة بعيداً عن اللف والدوران. حسناً...هل كل ضوابط المجتمع مُستمدّة من الدين، أم أنها أخذت هذه الصفة كونها عادات وتقاليد متوارثة أباً عن جدْ ؟! إذا كانت دينيّة فالدين واضح ومعروفة ضوابطه لا يحتاج لاجتهاد من بشر لكي يحللوا الحرام، ويُحرموا الحلال. أما إذا كانت مُجرّد عادات جاهليّة توارثتها الأجيال يُعيق بعضها في حال الإصرار على التمسك بها تقدم المجتمع أو يُثير الفتنة والانقسام، أو تقف هذه العادات ضد قرارات الدولة وقوانينها فلا مرحباً بها . تقول الحكمة الفنلندية إن الوجه من صُنع الله ، والملابس من صُنع مواردنا والعادات من صنع إرادتنا. فلنجعل الكلمة الفصل لإرادتنا في تقويض بعض العادات المُعيقة.