سألتني أكثر من أخت عبر الهاتف الخاص عن أحوال أزواجهن الانحرافية فبعضهن تقول بأنها دخلت على زوجها في غرفتها وهو يمارس على فراشها الزنى مع الخادمة، والأخرى تقول بأن زوجها يمارس مع صبيان في بيتها اللواط، وثالثة تقول بأن زوجها يشاهد أفلام الجنس الخليعة ويشرب الخمر في غرفتها ويجبرها على شربه وعلى مشاهدة هذه الأفلام، ورابعة تقول بأنه يجبرها على مجامعتها في دبرها، ويذكرن تبرمهن وكراهتهن لأزواجهن والعيش معهم ويسألن عن طريق فراقهم لأن إقامتهن الدعوى عليهم في ذلك تتطلب إحضار البينة على هذه الدعاوى وتقول الواحدة منهن كيف تحضر بينة على ما عليه زوجها في بيتها أو في غرفة نومها؟ وتذكر الواحدة منهن بأنها في جحيم معه وتستغرب هل عجز الشرع عن حل إشكالنا مع هؤلاء الأزواج المنحرفين وقد حلّ دعوى الزوج على زوجته بالزنى وذلك عن طريق الملاعنة، ألا تعتبر الملاعنة طريقة كذلك لحل إشكالنا مع هؤلاء الأزواج المنحرفين؟ استمعت إلى هذه المشاكل وأدركت ما تعانيه أخواتنا وبناتنا من التجاوزات والانحرافات القاتلة من أزواج هؤلاء الأخوات ، وأعتقد أن ديننا الحنيف الشامل الكامل لن يعجز عن حل هذه المشاكل، فقد أعطانا حلاً عادلاً للرجل يرمي زوجته بالزنى فيتلاعنان ويجري التفريق بينهما مع أن الرجل المدعي يستطيع التخلص من زوجته التي رماها بالزنى بتطليقها ويتخلص منها بذلك، بينما الزوجة ترى من زوجها صنوف الأذى والانحراف والتجاوز وتعجز عن إثبات ذلك عليه ، وليس لديها قوة التخلص منه بفراقه كحال الرجل. ولا شك أن أحكام الشريعة مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد وتحقيق المقاصد الشرعية. والقياس مصدر تشريعي باجتماع الأمة، ألا يمكن رفع هذا الحرج وهذا الإشكال عن النساء الزوجات المعذبات من أزواجهن بتطبيق حكم الملاعنة على سبيل القياس بحيث يطلب القاضي من الزوجة المدعية على زوجها بما ذكر أو بمثله أن تشهد أربع مرات على زوجها بما ذكرت والخامسة أن غضب الله عليها إن كانت من الكاذبين ثم يفرق القاضي بينهما بطريق فسح النكاح. ولا شك أن لنا في هذا المسلك أصلاً هو أن اليمين مشروعة في جانب أقوى المتداعين وأن الدعوى إن كان لها ما يؤيدها وإن كان ضعيفاً فاليمين مشروعة في جانب المدعي على سبيل التغليظ في أدائها سواء أكان التغليظ في تحليف أكثر من واحد كأيمان القسامة ، أو كان التحليف في وقت متميز كالعصر مثلاً أو في مكان متميز عن غيره كالحلف في المسجد أو في الحرم أمام الكعبة أو بتكرار اليمين - الشهادة - كشهادات الملاعنة. وللقاضي على سبيل الاحتياط والتحري أن يتحقق عن مسلك الزوج المدعى عليه من قبل زوجته من حيث سلوكه الأخلاقي ليكون ذلك مقوياً لمسلكه في إجراء اللعان. أما ترك هؤلاء الزوجات في أوضاع مؤلمة وباعثة للمشاكل الاجتماعية والاجرامية والأمراض النفسية وصرف النظر عن دعاواهن إلا ببينة - شهادة أو إقرار - فشريعتنا منزهة عن أن ينسب إليها أن الإثبات محصور في الإقرار والشهادة فقط. ولابن القيم رحمه الله كتاب مستقل بعنوان (الطرق الحكيمة) ذكر فيه مجموعة من الطرق الحكيمة في إثبات الحقوق. فهي شريعة محققة لمصالح الجنسين الرجال والنساء دارئة عن كل جنس منهما تضرره بالجنس الآخر.. والله المستعان.