حقيقة خبر وفاة غازي القصيبي، شكل صدمة بالنسبة للوسط الثقافي، الذي كان ينتظر المزيد من العطاء الأدبي، شعرا ونثرا، إذ مازال في جعبته الكثير مما تحفل به ذاكرته وموهبته من إبداع منقطع النظير، إذ استطاع أن يحجز لنفسه مكانا مع كبار الأدباء والمثقفين في القرن العشرين ، وبالقدر الذي أبدع فيه شعرا بموضوعات شعرية جديدة تماشى مع روح العصر ودبلجة الموضوعات التقليدية برؤية واقعية مغموسة في هموم الذات الإنسانية بكل إرهاصاتها العاطفية، والاجتماعية بالقدر الذي نجح فيه نجاحا باهرا في عالم الرواية، وكأنها فنه الوحيد، مما أثار الجدل حول موهبته العبقرية، إذ من الصعب أن يتمكن الإنسان من الإبداع في جنس أدبي واحد الفرق الوحيد فيه لغته الأدبية المصممة شعرا، والأخرى نثرا، وكما تمكن من هذا الفن بصيغته الأدبية البحتة، تمكن أيضا من النجاح في صياغة مقالاته السياسية والاجتماعية بنفس العمق الموسوعي في الأدب، أما على المستوى العملي فلا أحد ينكر جهوده الكبيرة سواء على المستوى الوزاري، أو المستوى الدبلوماسي، ويظل رحمه الله شخصية مثيرة للجدل في كل إبداعاته الأدبية، وطموحاته العملية، وأفكاره المنصبة على تغيير آلية المجتمع في العمل، وتوفير مساحة كبيرة للسعودة، والنهوض بصناعة الفرد وتدريبه، لذا فهو سيظل خالدا في ذاكرة التاريخ على مختلف مستوياته ، أدبيا، وثقافيا، وسياسيا، وإداريا، وسيبقى متربعا في قلوب محبيه ما خفقت القصيدة، وما نطقت الرواية، وما رأت المقالة.