وصل وعلامات الغضب على وجهه وصرخ قائلاً: تصور ان لي خمسة عشر مستخلصا في الدولة، وكل يوم أراجع هذه الجهات والجواب: بعدين.. تعال بكرة.. الممثل المالي في إجازة.. سوف نطلب سيولة للمشروع.. المستخلص عند المالية.. الموظف اليوم غائب.. وهكذا يمر الشهر والشهران والثلاثة.. إلخ.. وصاحبي ضاقت به الحال وأخيراً وبعد ان هدأت من فورته وزمجرته واتهاماته محاولاً ان أجد تبريراً لهذا التأخير في دفع مستحقات المقاولين، والتي تجاوزت عند صاحبنا أربعين مليون ريال، عاد وكرر ألمه من هذه المعاملة قائلاً: تصور أنني عندما أراجع في (قريشاتي) تمر الليالي والأيام أقابل وكأنني استجدي أو أطلب (المعونة) أو الشرهة. وياليت تقابل وجه سفر، بل الجميع بلسان واحد (وراك مستعجل، اللي ما يخلص اليوم يخلص بكرة) فيه غيرك كثير لهم أشهر. ومع أنك تنادي وتوضح ان المقام السامي أمر ان لا يتأخر المستخلص أكثر من شهر.. ولكن ما دام ليس هناك محاسبة أو مساءلة فليجلس المستخلص والمستخلصات عدة أشهر، صاحبي قدم إليّ خطاباً يريد ان يرفعه للمقام السامي ويقول فيه: 1- إن أمركم الكريم بأن تصرف مستحقات المقاولين في مدة أقصاها شهر لم ينفذ، أرفق قائمة بالجهات التي أخرت المستخلصات ومدد تأخيرها. 2- يطالب بأن يعطى مهلة وتعويض للمقاول عن أي مستخلص يتأخر لدى الجهة الحكومية، واقترح ان تكون مدة تمديد للمشروع أسبوعين عن كل أسبوع تأخير وغرامة على الجهة الحكومية التي تؤخر التسديد 1% من قيمة المستخلص عن كل أسبوع. 3- استعرض صاحبنا ما تقوم به بعض الجهات الحكومية في الدول المجاورة، وكيف أنها تعوض المقاول عن أي تأخير في السداد أو تمديد في مدة المشروع، بل ضرب مثلاً بذلك بعض الشركات شبه الحكومية في بلادنا وقيامها بتعويض المقاولين العاملين معها عندما تكون هي السبب في تأخير الدفع أو التعويض بمدة. 4- استعرض صاحبنا مقدار الفوائد التي تأخذها البنوك من جراء أخذ القروض للصرف على المشروعات الحكومية وما يتحمله المقاول من خسائر، وأرفق قائمة بأسماء البنوك ومقدار الفوائد التي تأخذها البنوك عليه وهو يطالب الجهات الحكومية بسدادها له. 5- استعرض صاحبنا مقدار الأخطاء في الدراسات التي تعملها هذه الجهات وكيف أنها سبب في زيادة المبالغ بعد ترسية المشاريع وعدم وجود بنود لهذه المتغيرات واصرار الجهات الحكومية على تنفيذها بدون مقابل، وأرفق قائمة بذلك. 6- استعرض صاحبنا المعاناة التي تلحق بالمقاولين من جراء تطبيق نظام المناقصات والمزايدات الحكومية، والذي مضى عليه أكثر من نصف قرن وأصبح شبيهاً بنظام (السخرة)، بل كان ولا يزال سببا في عدم تطور المقاول السعودي، والذي ينص في مواده على ان المقاول دائماً على خطأ بينما هذا النظام العقيم سيف مسلط على رؤوس كل المقاولين في هذا الوطن، وتمنى صاحبنا من مجلس الشورى ان يعيدوا دراسة هذا النظام العائق أمام المقاولين. 7- استعرض صاحبنا دور الغرف التجارية (المهمش) وكذلك وزارة التجارة والصناعة والسلبيات التي يواجهها المقاول والمصنع مما جعله يستثمر خارج وطنه. عندما قرأت هذه النقاط والتفت إلى صاحبي لأناقشه عن هذه النقاط ولكنني وجدته في سبات عميق، ولا أعلم حتى الساعة هل هو في قيلولته أم حانت قيامته. فعلاً كان الله في عون المقاول، أقصد المقاول السعودي (المصنوع في السعودية). *رجل أعمال