ما هي إلا أيام ويحل ضيف ثقيل على الطلاب؛ وهو اختبار الفصل الدراسي الثاني، والكل يسأل نفسه ماذا سيقدم؟ وهل سينجح أم سيفشل؟ حيث يشعر الطلاب على اختلاف فئاتهم بنوع من الضيق مع قرب الامتحانات؛ التي أصبحت مثاراً للتوتر عند كثير منهم. "الرياض" ناقشت هذه القضية مع عدد من الطلاب والتربويين لمعرفة آرائهم ومقترحاتهم حول هذه الظاهرة. مصير إنسان يقول الطالب "أحمد الحكمي" طالب في المرحلة الثانوية: لقد أصبح المقرر الدراسي المتغير مثيراً للرهبة والخوف؛ وخصوصاً مع المواد الصعبة مثل الرياضيات والمواد العلمية الأخرى، مضيفاً الاختبار وقاعة الاختبار بحد ذاتها تدعو إلى الخوف والقلق، إضافة إلى الأسئلة وعدم فهمها أحياناً، فخوفي الشديد من شبح الامتحانات يجعلني أنسى الإجابة أثناء جلوسي في القاعة، فالاختبار معناه تحديد مصير إنسان سواء بالنجاح أو الفشل، ولا يعرف ظروفاً أو مراعاة الحالة النفسية لنا، فقد يكون الطالب مذاكراً تماماً للمادة، وملماً بها قبل بداية الامتحان، فتحدث ظروف طارئة له تؤثر عليه وتمنعه من تقديم الإجابة المثالية؛ نتيجة لخوفه واضطرابه. د.مهاوش: التوتر يصيب غير الواثق من نجاحه.. و«القنوات الفضائية» تهدد التحصيل تحصيل دراسي فيما يخشى الطالب "بندر الفقيهي" طالب الثانوية العامة من أن ينسى الإجابة وهو في قاعة الامتحان، كما يحدث معه في كل عام، بالرغم من مذاكرته دروسه جيداً، إلا أنه يعتبر الاختبار قياساً لتحصيله الدراسي، مضيفاً أنه يشعر بخوف ورهبة شديدة قبل الدخول إلى قاعته؛ لأنه ذلك يحدد مصيري، ولأنه مقرون بنتيجة الثانوية. تجنب السهر ويقول الطالب "عادل دغريري": الامتحانات فترة تحتاج لمضاعفة الجهد من جميع النواحي لنيل المطلب الغالي وهو النجاح، وبالنسبة للخوف والقلق من الاختبار فهذا أمر طبيعي أكاد أجزم أنه مر على كل من له علاقة بالتعليم، ولكن إذا بَذل الطالب ما عليه، واستعد من أول يوم، مع مراجعة الدروس أولاً بأول واستيعابها بالشكل المطلوب، فإن النجاح سيكون حليفه، وأنصح زملائي الطلاب بعدم السهر ليلة الامتحان، وأخذ قسط من الراحة الذهنية والبدنية، وعدم السهر حتى الحضور لمقر لجنة الاختبار، لأن عدم النوم أو قلته يعتبر من العوامل التي تؤدي إلى تشتيت الانتباه، ومن ثم عدم القدرة على ما تم مذاكرته. الكل مر بهذه المرحلة ويؤكد الطالب "محمد حدادي" على أنه لا يجب النظر إلى الامتحان ك"شبح مخيف"، بل يجب النظر إليه كأداة لقياس الاستيعاب وطريقاً إلى المستقبل، فالامتحان مر به كل معلم وقف أمامنا، وكل مربٍ جليل أرشدنا، وكل موظف على مكتبه الآن، إذاً الجميع تقريباً مر برهبة الاختبار، ولكن بعد حصول النجاح والتفوق، يصبح صديقاً ودوداً غيوراً ويرفق بنا، مستنيراً بمشيئة الله مستقبل ملايين الطلبة إلى النجاح المشرف في حياتهم. أعراض مرضية ويقول الطالب "عبد الله المدخلي": لاشك إن الامتحانات لها "رهبة خاصة" تظهر انعكاساتها السيئة عادة على الطلاب، مما تسبب لهم أمورا عكسية على المحصلة الفكرية والنتائج بوجه عام، والطلبة غالباً ما يعانون من تلك التأثيرات السلبية للاختبار، والتي من أهم أعراضها الصداع الحاد، وتورم العينين، والتعب، والإرهاق، إلى جانب ارتفاع درجة حرارة الجسم، فلذا من الطبيعي لنا كطلاب أن نرضى بالواقع، وأن نقلل من تأثيراته السلبية بقدر الإمكان، وبالطرق التي يجب أن يكون الأساتذة وأهل الخبرة لهم رأي فيها، ووضع أهم السبل لتفادي أعراض القلق والتوتر أثناء وقبل الامتحان. طلاب يذاكرون إلى ساعات متأخرة من الليل غير مدركين سلبيات السهر ليل نهار ويصف "علي جراح" ولي أمر طالب، حال ابنه أيام الامتحانات بأنها حالة تدعو إلى القلق، وهو لا ينام بل يذاكر ليلَ نهار، ودائماً ما يردد: أنا خائف يا أبي من نتيجة آخر العام والمعدل الذي سوف أحدد به مصيري، مضيفاً أخشى أن يؤثر الخوف على ولدي فلا يتمكن من الإجابة يوم الامتحان فيذهب تعبه هباءً. حصيلة غير كافية ويقول "خالد ناشب" مدير مدرسة: يلعب القلق دوراً بارزاً عند بعض الطلاب الحريصين، مما يؤدي بهم إلى نسيان فقرات كثيرة في ورقة الإجابة، ناصحاً بالتقليل من السهر وعدم الإكثار من شرب المنبهات؛ لأن هذا الأمر يؤدي إلى نتائج عكسية، مضيفاً أن اهمال الأسرة، وتقاعس بعض المعلمين في متابعة الطلاب منذ أول يوم دراسي، يزيد من نسبة الإهمال لدى الطلاب، ويزيد من مشاعر الخوف لديهم أيام الامتحانات؛ لأنهم لا يملكون القدرة الكافية لدخول الاختبار فحصيلتهم طوال العام غير كافية. شوق للنجاح وتحدث المعلم "عبد الرحمن مشهور" وقال: إن الخوف والقلق من الاختبارات أمر طبيعي ويختلف من طالب لآخر، وعلى الطالب أن ينظر إلى النجاح بعين الشوق، وألا يركن للكسل ونصب خيام العجز والركود عن مرابع الأمل، والذي لا يجلب له سوى النتائج السلبية، مشيراً إلى أنه عندما يكون الطالب جاهزاً للامتحانات وظروفها فإنه بذلك يقلل كثيراً من أنواع القلق، والتي دائماً ما تؤرقه وتزعجه أثناء أداء الاختبار، حيث تعتبر عادة طبيعية تختلف من طالب لآخر حسب مستواه وتحصيله العلمي. دروس صعبة ويرى المعلم "حسين الصميلي" ضرورة التركيز على الدروس الصعبة التي تقف عائقاً أمام الطلاب، مع توضيح صيغة الامتحان ليصبح لدى الطالب معرفة تامة بما سيلقاه في القاعة، مع تشجيع الطلاب على التنافس الشريف داخل الفصل منذ بداية العام، كل هذه الأمور تقلل من نسبة خوف الطلاب من الامتحان. طوال العام ويؤكد "خالد الحمدي" معلم اجتماعيات أن الخوف من الامتحانات أمر طبيعي وعادي، لكن من غير الطبيعي أن يجعل الطالب الامتحان كالشبح المخيف، يهدد حياته وحياة أسرته، فإذا ذاكر الطالب دروسه منذ بداية العام وبصورة مستمرة تأتي أيام الامتحانات دون تولد مشاعر الخوف والقلق لديه، ولهذا أنصح طلابي دائماً بعدم إعطاء الأمور أكبر من حجمها، والمذاكرة طوال العام. متابعة الأسرة وأوضح المعلم "علي خبراني" أن الأسرة معنية بمعالجة هذه الظاهرة؛ ومتابعة الأبناء منذ بداية العام الدراسي في الجانب التعليمي؛ وتخفيف أجواء التوتر والمبالغات التي ربما تحصل أيام الامتحانات. ويقول المرشد الطلابي "مديش أبو السيل": إن الممارسات الخاطئة في البيوت من ربط نتائج الاختبارات بأشياء كثيرة، سواء أكانت عقوبات بدنية أو معنوية كالحرمان من بعض الأشياء، كل ذلك يعتبر من الممارسات الخاطئة التي تؤثر على نفسية الطالب وتجعله يفشل فشلاً ذريعاً في قاعة الامتحان. مذاكرة شاملة ويؤكد "د.يحي مهاوش" الأخصائي النفسي، أن القلق يصيب جميع الطلاب دون استثناء، أما التوتر فيصيب عادة الطالب غير الواثق من نجاحه، والطالب الكسول بوجه عام، وهناك أعراض مرضية تصاحب فترة الامتحانات نتيجة للنشاط الذهني غير المعتاد على الذاكرة، مما يسبب لها إجهاداً واضطراباً مثل ارتفاع درجات الحرارة، والصداع، وقلة النوم، والسهر، ونوم النهار، مضيفاً كما أنه من الممكن أن يصاب الطالب بنوع من التوتر النفسي وبالتالي تعرضه لحالات من الاكتئاب، قد تصيبه بالإحباط وبالتالي عدم القدرة على المذاكرة، ناصحاً الطلاب بأن يبتعدوا عن كل ما يسبب التوتر والذي ستمتد آثاره السلبية إلى التحصيل العلمي وعلى نفسيتهم في المستقبل، فالمذاكرة أولاً بأول والمذاكرة الشاملة قبل موعد الامتحان بوقت كاف، ثم المراجعة الخفيفة ليلة الامتحان، مع الابتعاد عن الشحن النفسي، وكذلك التبكير في النوم والابتعاد عن الأمور التي تصرف انتباهه مثل التلفزيون، كل ذلك سيساعده على أداء أفضل داخل قاعة الاختبار.