يقول العندليب الأسمر الذي رحل وبقي صوته : " يا شعر ليل .. يا ليل يا ليل .. وفارد ضفايرك ع القمر " .! صورة شعرية بسيطة جدا ، لكنها على بساطتها مبهرة حد الوهج .! ( الحَور ) سواد في بياض العين .. والقمر بياض في سواد الليل .. يسحرني من الليل آخره .. حينما تكتسي السماء لون البنفسج .. أتملّاه ماثلاً ، فأستروح عبق ربيعه المترع بالخصوبة .. وصيفه الرحب كصدر البحر .! يا ليلًا بلون البنفسج .. أستبقي حضورك .. أطيافا تغمرني دفئاً .. أتنفسها عطراً بين حشود الأنفاس .. صاعدة بالتوق دانية بالأنس .! أشتاقك حد البوح .. وآنس بك حد الصمت .! مررتُ في حدائق العمر بفوحك وبوحك .. استحضرت إطراقة حلمك الربيعي الوديع ، فعرفت كيف يبعث البنفسج مواكب الفرح في العيون .. ويبهج شذاه الروح وهو الكائن المرهف الحزين : ليه يا بنفسج بتبهج وانت زهر حزين؟! والعين تتابعك وطبعك محتشم ورزين؟! حطُّوك خميلة جميلة فوق صدور الغيد تسمع وتسرق يا أزرق همسة التنهيد .. ليه يا بنفسج .. بتبهج .. وانت زهر حزين ؟ ويتسامى (البنفسج) بعلوّ ليس فيه زهو وخيلاء (النرجس) .. يبهج صاحبه .. ويعبر بخياله حاجز مادة الجسد .. فيشف ويخف .. ويصوغ أحاسيسه في قالب جماليّ أخّاذ .! وإن لهذه الزهرة الجميلة قلبًا ينبض ، بأوراق ترف وتخفق ، كأنها مهجة في صدر إنسان .. يبحث دوماً عن صورته الكاملة في عينيْ إنسان آخر .. يرى من خلاله ميلاد الشروق المبهر .! * * * سطر من دفتر الشعر : " قد نلتقي في نجمة زرقاء لا تستبعدي .. تصوّري .. ماذا يكون العمر لو لم توجدي "!