أعلنت صحيفتان خليجيتان مطبوعتان مؤخرا عن توقفهما عن الصدور جراء صعوبات مالية دفعت ناشريها إلى نشر بيانات وداعية هي أقرب إلى المرثيات لحقبة إعلامية توشك على الأفول. وكانت تقارير أمريكية صدرت بنهاية عام 2009 قد أوضحت عن وجود انخفاض في توزيع الصحف الأمريكية المطبوعة لدرجة لم تصل إليها منذ سبعة عقود إذ كان حوالي 41 مليون شخص عام 1940 يشترون الصحف اليومية وتراجع الرقم عام 2009 إلى حوالي 30 مليونا والرقم في تناقص. وكانت الجمعية الأمريكية لمحرري الأخبار (the American Society of News Editors ) نشرت دراسة حديثة كشفت فيها عن إلغاء حوالي 5200 وظيفة صحفية في عام 2009 ، وقد رصدت دراسة الجمعية تنامي ظاهرة تسريح الموظفين من المؤسسات الإعلامية التقليدية، إذ فقد أكثر من 13.500 موظف أعمالهم خلال الفترة من 2007-2009م. وتأكيدا لذلك تكشف مؤسسة التحقق من التوزيع في الولاياتالمتحدة the Audit Bureau of Circulations في رصدها لعام 2010م أن جريدة USA TODAY التي تحظى بميزة الدعم شبه الرسمي للتوزيع في المطارات والفنادق ، وغيرها من الأماكن فقدت 13.6 % من نسبة توزيعها عام 2009م .كما شهدت صحيفة "واشنطن بوست" ، والتي تتمتع بميزة ارتباطها بدوائر القرار في العاصمة الأمريكية بانخفاض التوزيع بنسبة 13.1% لذات العام. وفي السياق ذاته مُنيت صحيفة "نيويورك تايمز" الشهيرة بانخفاض توزيعها بنسبة 8.5 % وهو استمرار لانخفاض طويل مطّرد في السنوات الأخيرة يكاد يعصف اليوم بمستقبل هذه الصحيفة العريقة. ويكشف ذات التقرير أن صحفا كبرى مثل "سان دييغو يونيون تريبيون" انحدرت أرقام توزيعها بشكل مذهل وصلت إلى 23 % في نفس الفترة الزمنية. هل تمهد هذه المؤشرات لإعلان وفاة الصحافة المطبوعة؟ قد لا يوجد جواب حاسم اليوم على الأقل، إذ يصعب الجزم في ظل متغيرات التقنية وتقلبات الاقتصاد ولكن إقبال الأجيال الجديدة على الوسائط الالكترونية المجانية أو الزهيدة الثمن وتراجع حماس المعلنين وتوزع ميزانية الإعلان قد يدعم وجهة نظر من يتوقعون قرب انتهاء عصر الصحافة المطبوعة. وبقراءة مؤشرات الولاياتالمتحدة مرة أخرى نجد أن 11 صحيفة يومية توقفت عن الصدور منذ عام 2007 كما أوقفت ثماني صحف إصدار نسخها المطبوعة وتحولت إلى التوزيع الالكتروني للأخبار والخدمات. ترى هل سيمتد الطوفان إلى عالمنا العربي؟ وجهت السؤال لمجموعة من طلابي بمرحلة الماجستير في قسم الإعلام وهم في الغالب من جيل الوسط فكانت توقعاتهم في مجملها تصب في صالح صحافة الانترنت لوضوح ملامح التدرج في فقد الإعلام المطبوع لبعض الموارد مثل ضعف المبيعات والاشتراكات ما سيؤدي تدريجيا لضعف قاعدة القراء ثم المعلنين وبالطبع سيتبعهم انصراف منتظم للداعمين السريين والعلنيين إعلانا لولادة حقبة إعلامية جديدة. مسارات قال ومضى: قلمي نبض ألمي ...