لو حاول أحدنا أن يُجري فحصا لدافع المسافرين في عطلة الربيع ، ولو تدبّر هموم الحجز لوجد أن أكثرها مجاراة الغير من أقارب وأصدقاء . وكذا العذاب الذي يأتي مع التشفع والواسطة من أجل الحجز ، وما بعد الحجز . لوجد أن العملية لا تستحق ذاك الحماس . في رأيي أنه حتى الرحلات الداخلية « تلقطها بالمنقاش « هذه الأيام . ثم ازداد العسر والضيق والأذى بعد ارتباك النظام الجديد للخطوط السعودية ، وذهبت – ربما – حجوزات فنادق لهم ولأسرهم ، أو عملية ارتباط مع طيران آخر . وكمّلت الناقص السحابة الرمادية التي أربكت الحركة في مطارات كثيرة في أوروبا . قال الشاعر : - تغرّبْ عن الأوطان في طلب العُلى وسافر ، ففي الأسفار خمس فوائدِ . تفرّج همٍ واكتساب معيشةِ ، وعلْمٌ وآدابٌ وصُحبة ماجدِ . ا - تفرّج همّ ، وهذه غير ممكنة؛ إن المسافر عليه دين واقترض مصاريف الرحلة . ب - اكتساب معيشةٍ ، صحيح لكنها سفر عكسيّ؛ أي تنطبق على من أتى إلينا من أجل العمل عندنا . ج – علم وآداب، نعم إذا كان المسافر مُبتعثا . ( لكن الزحمة الآن فقط لقضاء العطلة في .. والمسافر الآن ليس في باله « علم وآداب « . د – نأتي إلى الفائدة الأخيرة التي أتى بها الشاعر « صحبةُ ماجِدِ « فقد كان هذا صحيحا أيام ما كان يُعرف ب .. « أخويا السفر « . حيثُ كان القادمون سوية يلتئمون في اليوم التالي للعشاء في منزل أحدهم ، لزيادة وثائق المعرفة، وفرحة بالسلامة والعودة إلى الأهل ، وتذكّر طُرف الرحلة ونوادرها ومِلَحها، وتبقى العلاقة – في الغالب – مدى الحياة . أما اليوم فليس لدى المرء الوقت للتعرّف إلى جاره في الطائرة، وإن وُجدت الرغبة عند طرف وُجدت النفور عند الطرف الآخر خوفا من تبعات تلك المعرفة أو رُبما أن أحد الطرفين ، أو كليهما لا يريد « صحبة « ماجد ، ولا يريد التعرّف فلديه من المعارف- والأعداء أيضا – ما يكفي . وفي الأثر أن « السفر قطعة من العذاب . والعذاب في تلك الأزمنة غير العذاب الآن . فلكل زمان عذابه . لا حظوا شيئاً آخر . عذاب الزمن الأول طول المسافة وما يرافقها من جوع وضمأ وخوف . وعذاب هذا الزمن الحجز وسرقة جوازات السفر وعذاب الحصول على البديل وسهولة القتل في الفنادق رغم الكاميرات.